نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا لطالب الدراسات العليا في كلية سانت أنطوني في جامعة أوكسفورد صموئيل راماني، يتساءل فيه عن سبب استهداف المتمردين الحوثيين الأهداف النفطية السعودية.
ويشير راماني في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى قيام الحوثيين يوم 14 أيار/ مايو، بتوجيه طائرات مسيرة ضد المنشآت النفطية السعودية، الواقعة في غرب الرياض، ما أثار مخاوف من زيادة التوتر في المنطقة، خاصة أن الهجمات جاءت بعد يومين من ضرب ناقلتين سعودتين في ميناء الفجيرة في الإمارات الواقعة قرب مضيق هرمز.
ويجد الباحث أنه مع أن "الهجوم الحوثي ربما تم تفسيره على أنه ردة فعل انتقامية من إيران على طردها من السوق العالمية، إلا أن هذا لا يخبرنا إلا بجزء من القصة، لكن بحثي يشير إلى أن هجمات الطائرات المسيرة يمكن تفسيرها جزئيا من خلال الوضع القلق وغير الآمن داخل الحركة الحوثية، التي هرب عدد من قادتها إلى السعودية في الأشهر الأخيرة".
ويرى راماني أن "استهداف المنشآت النفطية يؤدي إلى زيادة الدعم الشعبي للحركة في شمال اليمن، بالإضافة إلى أن هجمات الطائرات المسيرة تشبع الرغبة الشعبية بالانتقام من السعودية، وسرقتها المزعومة للنفط اليمني، وتكشف بالضرورة عن قدرة الحوثيين على الرد على القصف الجوي السعودي، ومواجهة تصوير الرياض للحركة بأنها جماعة إرهابية تستهدف المدنيين".
ويلفت الكاتب إلى أن "هجمات الحوثيين للمنشآت النفطية السعودية ترتبط بشكل وثيق بمحاولة الحركة توسيع مدى تأثيرها في الداخل ضد الرواية السعودية وحلفائها، الذين قاموا بالسيطرة على مصادر النفط من الشعب اليمني، ورغم كون هذه الرواية دائمة في الخطاب الوطني اليمني منذ اكتشاف النفط عام 1984، إلا أن إشارة الحوثيين إلى مصادرة السعوديين النفط اليمني أصبحت تتكرر خلال الأشهر الماضية".
ويفيد راماني بأن وزارة النفط والمعادن المرتبطة بالحركة الحوثية اتهمت السعودية في شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2018، بنقل النفط اليمني بطريقة غير قانونية إلى بحر العرب، وبدعم من الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي تدعمه الرياض، فيما اتهمت وزارة الخارجية المرتبطة بالحوثيين السعودية في 29 كانون الثاني/ يناير باستثمار الفوضى التي يعيشها اليمن من خلال "نهب احتياطاته النفطية"، ودعت المجتمع الدولي لشجب انتهاك السعودية لسيادة اليمن.
ويقول الباحث إنه "بناء على هذا الخطاب، ونظرا لغياب الدعم الدولي للحوثيين، فإن هؤلاء قاموا باستخدام القوة لإظهار أنهم يتحركون ضد ما يرونه سيطرة سعودية على النفط اليمني".
ويرى راماني أنه "في الوقت الذي حظيت فيه هجمات الحوثيين بطائرات دون طيار على المنشآت النفطية السعودية باهتمام واسع النطاق في اليمن، فإن المسؤولين الحوثيين يعتقدون أنها ربما تساعدهم على محو طبيعتهم الطائفية، وتعبئة المواطنين اليمنيين ضد السعودية المفترسة، ومع انضمام بعض الجماعات السنية إلى الحوثيين في الفترة الماضية فإن الجماعة تأمل بأن توسع من قاعدتها الوطنية المعادية للسعودية في شمال اليمن".
ويبين الكاتب أن "الهجمات الحوثية على المنشآت النفطية السعودية تكشف كيف أن فعالية الرد الانتقامي ضد ما ينظر إليه على أنه انتهاكات وقف إطلاق النار، أمر مهم للحفاظ على تماسك النخبة، وظهرت مخاطر عدم الانتقام ضد القصف السعودي على تماسك النخبة بعد انشقاق وزير الاتصالات عبد السلام علي جابر إلى الرياض عام 2018، وأدى انشقاقه إلى غضب واسع داخل الحركة الحوثية، لأنه كان أكبر مسؤول يغير موقعه، بالإضافة إلى أن بيانه الذي قال فيه إن الحركة الحوثية (تلفظ أنفاسها الأخيرة) كشف عن الأثر الخطير للنكسات التي حصلت في الحديدة على تماسك النخبة".
وينوه راماني إلى أن "انشقاق جابر عن الحركة تبعه انشقاق وزير التعليم الفني والتدريب المهني محسن علي النقيب، ولهذا السبب كان الحوثيون راغبين في مواجهة الرواية التي انتشرت بأن مشاركتهم في مباحثات السلام التي عقدت في استوكهولم جاءت بسبب التراجع العسكري، وقد رفض القائد الحوثي محمد علي الحوثي، في مقابلة مع قناة (الجزيرة) في 25 كانون الأول/ ديسمبر، الفكرة التي تقول إن قدرات حركته العسكرية تتراجع، وقال إن حركته كانت ستبحث عن تسوية شاملة، وليس مفاوضات حول الحديدة، لو كانت قدراتها العسكرية ضعيفة".
ويجد الباحث أنه "بالنظر إلى الرغبة في تبديد الآراء التي تتحدث عن ضعف الحركة، فإن هجمات طائرات الحوثيين المسيرة ضد المنشآت النفطية السعودية هي بالضرورة انتقام مباشر لرفض القوات الموالية لهادي الانسحاب من ميناء الحديدة، وفي محاولة لتعبئة اليمنيين حول الهجمات أثنت قناة (المسيرة) على قدرة المسلحين الحوثيين على (شن عمليات نوعية كبيرة في عمق الدول المعتدية)، وكشفت عن أهمية إظهار القوة ضد السعودية من أجل بناء تماسك داخلي".
ويبين راماني أنه "في الوقت الذي يحاول فيها صناع السياسة السعودية وصف الحركة الحوثية بالجماعة الإرهابية، فإن الحوثيين يردون على هذا الأمر من خلال شن هجمات ضد المصالح الاقتصادية والعسكرية، وليس المدنية، ولأن احتياطات النفط تمول العملية العسكرية في اليمن، يقول الحوثيون إن استهداف المنشآت النفطية هو شكل من أشكال الدفاع عن النفس، مقارنة مع الغارات التي يشنها التحالف التي لا تميز بين الهدف الحقيقي والمدني".
ويقول الباحث إن مقابلاته مع المحللين اليمنيين البارزين تكشف عن أن تحفظ الحوثيين على ضرب الأهداف المدنية يعكس طموحاتهم للحفاظ على التماسك الداخلي.
وينقل راماني عن المحلل اليمني مأرب الورد، قوله إن الحركة الحوثية يمكن أن تنقسم إلى "فصائل أيديولوجية" تفضل المواجهة الدائمة مع السعوديين، و"الفصائل البراغماتية" التي تريد تسوية سلمية في اليمن، مشيرا إلى أن الابتعاد عن استهداف المدنيين السعوديين هو وسيلة تمكن محمد الحوثي من ضمان عدم ترك الحوثيين الأقل أيديولوجية للحركة سعيا وراء السلام.
ويشير الكاتب إلى أن الصحافي ناصر العريبي ذكر أن الهجوم على المدنيين في السعودية كان سيلوث سمعة الحركة الحوثية التي ظل مسؤولوها يفرقون بين الأهداف المدنية والأهداف القتالية.
ويستدرك راماني بأنه "رغم صعوبة الفصل بين الهجمات المسيرة على السعودية والتوتر والتصعيد في منطقة الخليج، إلا أن وصف الحوثيين بالجماعة الوكيلة لإيران ليس دقيقا".
ويختم الباحث مقاله بالقول إنه "مع تواصل الحرب الأهلية فإن الانقسامات الداخلية في الحركة الحوثية ستكون إشارة قوية على سلوكها في المستقبل".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
خبير أمريكي: السعودية تواصل الغوص بمستنقع اليمن دون نهاية
ناشونال إنترست: كيف غذت الولايات المتحدة النزاع في اليمن؟
لوب لوغ: الإمارات تزيد من التوتر في اليمن بسبب سقطرى