- القوة الناعمة هي الموقف المناسب للتعامل مع حرب اليمن
- انفراد قوى سياسية بالثورة يجعل المجلس العسكري هو الخيار المتاح
- غير نادمين لمشاركتنا بحكومة البشير لأننا كشفنا الفساد وحمينا الثوار من البطش
- لا نرغب بالمشاركة بالحكومة الانتقالية ولدينا منظومة لتجميع أهل السودان
دعا إدريس سليمان الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي
الذي أسسه الزعيم الاسلامي الراحل حسن الترابي، إلى استقلالية موقف السودان في علاقاته
الخارجية، "على أساس المصالح العليا للسودانيين"، مطالبا بموقف يتبنى
مصالحة بين أطراف الصراع اليمني، حتى تنتفي أي مبررات لوجود قوات سودانية هناك،
ورأى أن القوة الناعمة هي التي تناسب البلاد للتعامل مع حرب اليمن.
وحذّر سليمان في مقابلة مع "عربي21" من التدخلات
الخارجية بالشأن السوداني نتيجة ما وصفها بحالة التشرذم السياسي والصراع الداخلي، معتبرا
أن محاولة انفراد قوى سياسية بالثورة، يُعقّد المشهد السياسي ويجعل الخيار المتاح هو
استمرار حكم المجلس العسكري الانتقالي.
وتاليا نص المقابلة:
س: ما هو تقييمكم للمشهد السياسي السوداني حاليا؟
الوضع ما يزال تحت السيطرة، لأن الشعب السوداني الذي
قام بهذه الثورة قادر على الحفاظ عليها، ولكن الإشكالية الأساسية في الصراع السياسي
الذي ينشأ من محاولات بعض القوى السياسية الانفراد بالمشهد، ومن محاصصة السلطة بين
قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري، نحن نرى أن هذا الوضع لا يقود السودان إلى الأمام،
لأنه بلد متنوع ويضم عديدا من المكونات السياسية وفيه حركات مسلحة، لذا نرى ضرورة أن
يحدث توافق وطني عريض يشمل الجميع، وأن لا يدعي فصيل أنه يمثل المجتمع السوداني، ويعزل
ويستثنى الآخرين، مطلوب من قوى الحرية والتغيير أن تعترف بالآخرين، وأن يحدث تشاور
واسع مع القوى السياسية للوصول إلى تدابير للحكم الانتقالي عليها إجماع غالبية الشعب
السوداني.
س: لماذا يبدو موقفكم أقرب إلى المجلس العسكري الانتقالي
من قوى الثورة؟
نحن مؤيدون للثورة، وضد أي حكم عسكري، لذلك ندعو للتوافق،
والتدابير التي قدمناها للمجلس العسكري تشمل تمدين لكافة مؤسسات الحكم الانتقالي وتبعد
العسكر عن السلطة بشكل كامل، بشرط أن يتم ذلك بالتوافق السياسي والتراضي الوطني، ولكن
إذا أرادت فئة الانفراد فهنا تكمن المشكلة التي تجعل الخيار المتاح هو المجلس العسكري.
س: ماذا عن علاقتكم حاليا بحزب المؤتمر الوطني المحلول
وقيادته المعزولة؟
المؤتمر الوطني بعد أن تم قطع رأس النظام، ليس عنده وجود
حاليا، ومن الطبيعي أنه لا يوجد للمؤتمر الوطني موطئ قدم في المرحلة الانتقالية، لأن
الثورة قامت على نظامه، لذلك نرى عزله من الفترة الانتقالية، ولكننا ضد عزل أي قوى
سياسية من مرحلة الانتخابات، ونرى أن من لديه حق العزل هو الشعب عبر صناديق الاقتراع
عندما يحين موعدها، وليس من حق أحد إصدار فرمانات العزل، ومن أفسد في السلطة يجب تقديمه
ليطاله القانون، لأن الثورة قامت من أجل العدالة والسلام والحرية.
س: هل يتوقع توحيد حزبكم مع حزب البشير المعزول؟
نحن حاليا جزء من تحالف أكبر من حزب (المؤتمر الوطني)،
ويضم قوى ومكونات سياسية واجتماعية كبيرة تجمعنا عبر تنسيقية مؤتمر الحوار الوطني الذي
شاركنا فيه قبل أعوام، بل إننا نحاول أن ندير الآن حوارا مع قوى وأحزاب الحرية والتغيير.
س: ألا تفكرون الآن في وحدة الإسلاميين بعد سقوط البشير
ومرور وقت طويل من المفاصلة بينه والزعيم الراحل حسن الترابي عام 1999م؟
نحن في المؤتمر الشعبي لدينا أطروحة فكرية وسياسية اسمها
"المنظومة الخالفة" تهدف لجمع كل من يؤمن بهدي الإسلام سواء كان في حزب المؤتمر
الوطني أو غيره، وهي منظومة ليست حكرا على الأعضاء المنتمين للحركة الإسلامية فقط،
وإنما هي محاولة لتجميع الشعب السوداني بديلا للتشرذم الواقع الآن في الحال السياسي.
س: أليس هنالك تناقضا بين توجهاتكم الأيدولوجية والسياسية
وتأييدكم للجماعات السلفية التي تخرج الآن في تظاهرات باسم تيار نصرة الشريعة؟
هذا نشاط شعبي يقوم به علماء دين ودعاة وأئمة مساجد لا
مجال فيه للأحزاب السياسية، وهي دعوة لكل الناس للمشاركة، وإذا شارك فيه أعضاء من حزبنا،
فهي قرارات فردية وشخصية، وهذه الأنشطة الشعبية ليس للأحزاب فيها مواقف مع أو ضد، لكننا
نقر لها بالحرية، وحقها في التظاهر والتعبير، يجب عدم الاعتراض على حقوق هذه الفئات
الشعبية في التعبير عن نفسها، لحزبنا موقف مبدئي من الحريات، فقد أيدنا التظاهرات التي
قادت إلى هذه الثورة منذ اندلاعها، واعترضنا على التعامل معها بالعنف، لأننا نؤمن بالحرية.
س: ما هي خيارات حزبكم إذا لم يشملكم اتفاق بين قوى الحرية
والتغيير والمجلس العسكري؟
المؤتمر الشعبي لا يرغب في المشاركة في الحكومة الانتقالية،
لكن ذلك لا يمنعنا المطالبة بعدم الثنائية والأحادية، وأي اتفاق من هذا النوع لا يلزمنا
ونحن لسنا طرف فيه.
س: ما حقيقة أن تيارا قويا في حزبكم يعارض القيادة منذ
قبولكم المشاركة في حكومة الرئيس المعزول؟
هو حزب أحرار، قد تجد تباين في الرأي وهذا وضع طبيعي
جدا، أما الحسم في القضايا العملية تجرى حولها الشورى والرأي الغالب هو الذي يسود،
وقيادة الحزب لم تفرض نفسها بانقلاب، هي قيادة اختارها المؤتمر العام قبل عامين بحضور
أكثر من ألف عضو، حتى الأمانة العامة تتشكل عضويتها بقرارات الشورى، ومن أردا تغيير
القيادة عليه أن يذهب للمؤسسات وتغييرها، فهو أمر متاح، لكن الواقع أنه قد تم اختيار
القيادة بإجماع كبير من أعضاء الحزب.
س: كيف ترد على دعوتكم للاعتذار عن المشاركة حتى لحظة
عزل الحكومة؟
نحن في المؤتمر الشعبي بقيادة الدكتور حسن الترابي قدمنا
نقدا واعتذارا منذ عام 2000م عندما فاصلنا الحكومة، وقدمنا صيغة اعتذار لتجربة الانقلاب
العسكري عام 1989م، لكن مشاركتنا في الحكومة خلال الفترة الماضية، كانت عبر مؤتمر للحوار
الوطني، وشاركت فيه غالبية مكونات المجتمع السوداني، ولسنا نادمين، فالحوار منهج الأنبياء،
وما نزال نعتقد بأن ميثاق الحوار الوطني كان هو أفضل منهج، بل نحن نحتاجه الآن أكثر
بعد انتصار الثورة، ولن تجد كافة الأطراف غيره كمخرج.
أما موقفنا من التجربة الماضية، فنحن مع أن يقدم كل مفسد
في السلطة إلى المحاكم، وأن تعاد أي أموال مسروقة للخزينة العامة للدولة، والتجربة
كلها في ذمة التاريخ، وهو خير منصف، الآن هنالك ثورة وهنالك أصوات عالية ودعاوى كثيرة،
ولكن بعد حين من الزمان سوف تهدأ الأوضاع، والكل سيعرف ما هو الحق وما هو الباطل.
أما المشاركة في السلطة، فقد كان لها محاسن وسلبيات،
وهي في الواقع مشاركة رمزية، ولا يمكن أن تمثل شيئا يذكر، لكنها كانت فاعلة، فقد عملنا
إصلاحا، وكشفنا فسادا، وفتحنا مجالا للحريات، وحمينا المتظاهرين من بطش السلطة، وأخرجنا
معتقلين من السجون، والتاريخ سوف ينصفنا.
س: ما رؤيتكم للعلاقات الإقليمية والتحالفات التي يقوم
بها المجلس العسكري؟
نرى أن توحيد الجبهة الداخلية يجعلنا بمنأى عن التدخلات
الخارجية، ولكن التشرذم يتيح التدخل، فالطبيعة لا تقبل منطقة ضغط منخفض، وإلا سوف تأتي
عليها الرياح، وعندما يحدث هزة في الصف الوطني، يحدث التدخل، لكننا نرفض أي تدخل خارجي،
ورؤيتنا أن يدار السودان بالسودانيين، وأن تسود علاقاتنا الخارجية المصالح العليا والعزة
والاستقلالية.
س: ما هو موقفكم من وجود قوات سودانية تشارك في حرب اليمن؟
ينبغي علينا كسودانيين أن نسعى لإصلاح ذات بين، فالقوة
الناعمة للسودان تتيح له الحوار مع أطراف الصراع اليمني، إذ لدينا علاقات قوية بالشعب
اليمني، وبإمكاننا إجراء مصالحة وحوار يمني- يمني، حينها لن يكون هناك داع للحرب، ولن
يكون هناك داع لوجود قوات سودانية.