للعام الثاني على التوالي تشق مبادرة (تكية رفح الخيرية) طريقها في توفير طعام الإفطار للأسر الفقيرة في المدينة لشهر رمضان المبارك، في ظل معاناة سكان القطاع من الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة منذ العام 2007، والتي أثرت على جميع مناحي الحياة بما فيها مستلزمات المعيشة كالطعام والشراب.
تأتي هذه المبادرة كجزء من سلسلة نشاطات خيرية أطلقها مجموعة شبان من مدينة رفح بجهود فردية، حملوا على عاتقهم مسؤولية إدخال الفرحة لأهالي المدينة، رغم قلة الإمكانيات وضعف التمويل من الجهات المانحة.
مساعدات غذائية
وائل أبو محسن أحد القائمين على هذه المبادرة، يشير أن "مشروع تكية رفح الخيرية بدأ مع حلول شهر رمضان بتوفير ما يزيد على 500 وجبة إفطار لنحو 200 عائلة تقطن في المدينة، إضافة إلى توفير 100 سلة غذائية أخرى تتكون من 12 صنفا من الخضروات والفواكه ومستلزمات السحور بقيمة 100 شيكل ( 35 دولارا)".
ويضيف أبو محسن لـ"عربي21": "تندرج هذه المبادرة ضمن حملة سامح تؤجر التي انطلقت في كانون الثاني/يناير من العام الماضي، والتي كان هدفها زيادة أشكال التكافل الأسري والمجتمعي داخل القطاع من خلال اسقاط الديون عن المتعثرين بسبب الضائقة المالية التي تمر بها غزة، وقد حاولنا تطويرها لتشمل توفير وجبات الإفطار للأسر التي لم يعد بمقدورها توفير هذه الوجبة بسبب الضائقة المالية التي يعاني منها غالبية سكان قطاع غزة".
وينوه منسق المبادرة أن "هذا العام شهد تراجع الدعم والتمويل من الخارج لظروف تتعلق بتشديد السلطة الفلسطينية في رام الله من إجراءات الحوالات المالية، لذلك فنحن نواجه إشكالية مزدوجة تتعلق بزيادة عدد الأسر الفقيرة في القطاع بعد انضمام شريحة موظفي السلطة لفئة الفقراء نتيجة اقتطاع السلطة لنسبة كبيرة من رواتبهم، إضافة إلى قلة التمويل من الداخل والخارج لإنجاح هذه المبادرة".
اقرا أيضا : الأمم المتحدة: 1700 من جرحى غزة معرضون لخطر بتر أطرافهم
أبو أحمد (36 عاما) من سكان حي الشابورة وسط مدينة رفح وهو أحد المستفيدين من هذه المبادرة يروي لـ"عربي21" معاناته بعد قطع السلطة لراتبه منذ 3 أشهر، بقوله إن "انتظار المساعدة الرمضانية من مشروع تكية رفح الخيرية بات الخيار الأخير لسد احتياجات المنزل من الطعام والشراب، في ظل عزوف الكثير من بائعي الخضروات وأصحاب المحال التجارية فتح باب الاستدانة نظرا لقلة السيولة وعدم قدرة الكثير من الموظفين على سداد الديون المستحقة بسبب شح السيولة التي جاءت بعد قطع السلطة لراتبه هو والمئات من موظفي السلطة بغزة".
يعيش قطاع غزة واقعا اقتصاديا هو الأسواء منذ أعوام، حيث تفيد تقديرات البنك الدولي بأن 60 بالمئة من مواطني القطاع يقبعون تحت خط الفقر، إضافة إلى اعتماد 80 بالمئة من المواطنين على المساعدات الدولية لسد احتياجاتهم الأساسية.
في حين أشارت أم مصطفى من منطقة تل السلطان جنوب مدينة رفح أن "هذه المبادرة رغم قلة إمكانياتها إلا أنها نجحت في إدخال الفرحة لأسرتي، رغم محدودية ما تضمه من سلع وأطعمة، مضيفة لـ"عربي21" حصلت على ثلاث وجبات طازجة من هذه المبادرة، في وقت لم يكن باستطاعتي توفيرها من قوت المنزل، بسبب تأخر استلام أموال الشؤون الاجتماعية التي كان من المقرر صرفها منذ آذار/ مارس الماضي".
قلة التأثير
من جانبه يشير أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر بغزة، معين رجب، أن "الجهود التي تبذل من قبل النشطاء والجمعيات الخيرية في غزة للتخفيف من أثار الحصار وتوفير وجبات الطعام للأسر الفقيرة تبقى محدودة التأثير نظرا لحجم الفقر والبطالة الكبير التي تعاني منه غزة خصوصا في فئة موظفي حكومتي رام الله وغزة".
وأضاف رجب لـ"عربي21": "لا يمكن الاعتماد على هذه المبادرات كاستراتيجية للتخلص من هذه الأزمة، لذلك يجب أن تقترن هذه الجهود الفردية بجهود رسمية محلية ودولية لضخ السيولة وإعادة رواتب الموظفين لسابق عهدها دون خصومات كونها المحرك الرئيسي للعجلة الاقتصادية في غزة".
من وسط الركام.. غزة تغني للعالم بلغات متعددة (صور)
مسيرات حاشدة دعما للمقاومة بمخيمات اللجوء بلبنان
غزة تستقبل رمضان بوداع شهداء العدوان ودمار كبير