نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا لجون هانا من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية اليمينية، تحت عنوان "حان الوقت لتتوقف السعودية عن تصدير التطرف"، يناقش فيه بأن الهزيمة العسكرية لتنظيم الدولة لا تعني نهاية التطرف الإسلامي.
ويجد هانا في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، أنه "رغم هزيمة التنظيم في العراق وسوريا، إلا أن هناك جهاديين يقاتلون في دول أخرى أكثر مما كان عددهم في فترة هجمات 11/ 9، وهجمات عيد الفصح في سريلانكا تؤكد هذا الأمر، فخطر الإرهاب الإسلامي الراديكالي لم يتلاش، بل على العكس تشكل بصور أخرى".
ويشير الكاتب إلى أنه "بعد 18 شهرا من التكاليف والخسائر في الأرواح، فإن الولايات المتحدة ليست لديها استراتيجية لمنع الشباب المسلم من الوقوع تحت أسر التفكير الجهادي، ومن المعروف لدى صناع السياسة الأمريكية أن القوة العسكرية تقتل الجهاديين، وتحبط خططهم، لكنها لا تنهي الخطر، ولا بد من استراتيجية تواجه الأيديولوجية الدينية المحافظة التي تعتمد تفسيرا يبرر قتل المسلمين وغير المسلمين، فقتل الإرهابيين كان سهلا، لكن القضاء على العقلية التي تقوم بدفع الشباب للتشدد وقتل الآخرين ظل أمرا صعبا".
ويلفت هانا إلى أن "رؤساء أمريكا منذ 11/ 9 اعترفوا بمركزية الحرب الأيديولوجية، وتحدث جورج دبليو بوش عن حرب الأفكار وكسب القلوب والعقول، أما باراك أوباما فقد تحدث عن مواجهة العنف المتطرف، فيما جعل الرئيس دونالد ترامب، رغم خطابه الناري الذي يطعن بالمسلمين، من محاربة التطرف الإسلامي مركز حملته الانتخابية، وتحدث أول مستشار للأمن القومي له، وهو مايكل فلين، عن أهمية (شن حرب أيديولوجية ضد الراديكالية الإسلامية)، وفي أول زيارة له إلى السعودية، التي تعد مركز ولادة الأفكار المتطرفة التي غذت تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة، دعا ترامب السعودية والدول الإسلامية الأخرى لطرد المتطرفين (من الأرض المقدسة ومحوهم عن وجه الأرض)، وهذا كلام جميل، حيث حاولت الإدارات كلها بناء برامج لإضعاف التطرف، إلا أن زيادة أعداد المتطرفين هي دليل على عدم نجاعتها".
ويرى الكاتب أن "هذه البرامج لم تكن سوى خليط غير مترابط وغير متماسك، وليست متقنة، وتفتقد القيادة والتنسيق والديمومة والدعم من أعلى المستويات، ولا تقارن نسبة ما تنفقه الولايات المتحدة على مواجهة التطرف بما تنفقه على الحملات العسكرية ضد المتطرفين".
وتذكر المجلة أن المسؤول البارز في المركز الوطني لمكافحة التطرف الجنرال مايكل ناغاتا، أشار في خطاب له عام 2018، إلى أن المصادر المخصصة لمكافحة الإرهاب في الميدان وخارجه ليست متوازنة، مشيرة إلى أن دراسة طلبتها وزارة الأمن الداخلي، وأعدتها مجموعة راند، وجدت أن الجهود الأمريكية لمنع الإرهاب المحلي، ويمكن أن تنطبق على مكافحة التطرف حول العالم، هي "كلام دون فعل".
وينوه هانا إلى أن "ترامب في زيارته للسعودية عام 2017 دعا الدول الإسلامية الحليفة، خاصة السعودية، للتوقف عن تصدير النسخ الداعية لتفوق الدين حول العالم، ولم يعد ترامب يتحدث عن هذا الموضوع، بل تحول إلى المطالب التعاقدية، مثل حث السعودية على شراء كميات كبيرة من الأسلحة، والحفاظ على استقرار سعر النفط، ودعم خطة سلام الشرق الأوسط التي لم تولد بعد".
ويعتقد الكاتب هانا أن "تحميل السعودية المسؤولية عندما يتعلق بالدمار الكارثي للوهابية التي تصدرها، التي أصابت بشكل منظم المجتمعات الإسلامية حول العالم في الجيلين الماضيين، وما تحمله الأيديولوجية القابلة لإشعال نار الجهادية التي تقوم الولايات المتحدة بمحاربتها منذ 20 عاما، أصبح أمرا هامشيا في أولويات الولايات المتحدة، وهذا وضع مؤسف، خاصة أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان تعهد عام 2017 بتدمير التطرف الإسلامي".
ويقول هانا إن "الأمير تحرك ضد الشرطة الدينية، وسجن عددا من الدعاة (المتطرفين)، وفي الخارج تخلت رابطة العالم الإسلامي، التي كانت رمح نشر الوهابية، عن إدارة الجامع الكبير في بروكسل، بعد اتهامات بنشر التطرف".
ويشير الكاتب إلى مواقف رئيس الرابطة محمد العيسى، وزير العدل السابق، و"تصريحاته المثيرة للإعجاب، خاصة شجبه لمنكري الهولوكوست، ووعده بزيارة معسكر أوشفتز، ودعوته الأقليات الإسلامية إلى الاندماج في المجتمعات التي تعيش والالتزام بقوانينها، ورغم هذا فما خلفته الوهابية وراءها عميق وواسع، وخطوات صغيرة، مثل كتابة العيسى مقال رأي في صحيفة أجنبية، لا تعالج الضرر".
ويذكر هانا بما حدث الشهر الماضي في أندونيسيا والتحولات في أكبر بلد إسلامي، و"الأثر الذي تتركه الوهابية عليه، التي تدفعه للتخلي عن تقاليد التعددية والتسامح، بالإضافة إلى هجمات سريلانكا، التي كشف مقال بعد الآخر الأثر الذي تركته الوهابية على الأقلية المسلمة هناك، وأدت إلى انقسام المجتمع المسلم، وخلقت تربة خصبة للتطرف الذي قاد إلى هذه الهجمات".
ويقول الكاتب إن عددا من المسؤولين في مركز مكافحة الإرهاب التابع للخارجية الأمريكية، ومن إدارة مكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي، حاولوا في الأشهر الماضية إعادة التركيز على مواجهة التطرف ونشره من دول، بدءا من السعودية، وكذلك تركيا وقطر وإيران، "وكما علمت من محاوراتي فقد أصبح هذا موضوعا مهما في النقاشات مع دول أخرى في أوروبا وكندا لمنبر يطلق عليه (الجماعات ذات العقلية الواحدة)، وتم تشجيع تشارك معلوماتي واسع عن تصدير السعوديين وغيرهم للراديكالية الإسلامية".
ويلفت هانا إلى أن السعوديين بدأوا بالتواصل مباشرة مع المسؤولين السعوديين، وطلبوا منهم اتخاذ إجراءات ضد عدد من الدعاة المتطرفين في دول خارج الشرق الأوسط، الذين يعملون بدعم ما من السعودية.
ويرى الكاتب أن "هذه الجهود غير كافية؛ لأنها تتجنب الحرب الأيديولوجية، وهذه الحرب لا يكفي فيها عدد قليل من مسؤولي مكافحة الإرهاب، بل التزام من الدولة، بدءا من الرئيس إلى الوزراء، حيث يتم فيها استخدام التفاعل الدبلوماسي لمواجهة خطر تصدير التطرف، ويستحسن لو قام ترامب باختبار جدية محمد بن سلمان لإنشاء مجموعة عمل أمريكية سعودية تمتحن نواياه الإصلاحية".
ويقترح هانا رئيسا للمجموعة نائب الرئيس مايك بنس وولي العهد السعودي؛ من أجل تخصيص المصادر لعملها، داعيا إلى "جعل مكافحة التطرف وتصديره أولوية للاستخبارات، ويمكن في هذه الحالة أن يطلب ترامب من استخباراته إعداد قائمة بالمساجد والمراكز والمدارس الدينية والجامعات والجمعيات التي تدعمها السعودية في الخارج، وربما طلب إعداد قائمة بأسماء الدعاة حول العالم الذين تدفع لهم السعودية، أو رسم بياني لنسخ القرآن التي تحتوي على تفسيرات وهابية مليئة بالكراهية، لا تزال تصدرها دور النشر التابعة للسعودية".
ويذهب الكاتب إلى أن "هذه الإحصائيات التي يمكن للدبلوماسيين الاعتماد عليها لقياس درجة النجاح لا تزال غير موجودة، وبعد مشاركة 15 سعوديا من 19 منفذا لهجمات قتلت 3 آلاف امريكي".
وينوه هانا إلى أن "تصدير التطرف وجمع المعلومات عنه يجب أن يكون أولوية للخارجية الأمريكية، ويجب أن يخصص في كل سفارة أمريكية بكل بلد فيه أقلية مسلمة كبيرة مسؤول سياسي مهمته تقديم تقارير عن جهود الدعوة وأثرها على المجتمعات المسلمة، ويؤدي الكونغرس دورا مهما من خلال عقد جلسات استماع، والحصول على معلومات عن حجم المشكلة من الخبراء، وحث الجانب التنفيذي للتحرك ومواجهة مشكلة تصدير التطرف".
ويختم الكاتب مقاله بالقول إن "محاولة منع السعودية وبقية الدول عن تصدير الإرهاب أمر صعب، فرغم اعتراف الجميع بتهديده للأمن القومي فليس هناك أحد عمل شيئا، كلام كثير دون عمل، وفي الوقت الذي تحضر فيه الولايات المتحدة للدخول في المرحلة الثالثة من محاربة الإرهاب، فإنه يجب التوقف عن هذا النهج، خاصة مع الحاكم الفعلي للسعودية".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
صندي تايمز: لهذا السبب عذبوا لجين الهذلول
نيويورك تايمز: خطيبة خاشقجي مصممة على كشف حقيقة مقتله
دينس روس: الطلاق الأمريكي السعودي صعب