أحصى سياسيون واقتصاديون العديد من الخسائر التي لحقت بالشعب المصري نتيجة التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، والتي كان في مقدمتها انتشار الأمراض السرطانية وأمراض الكلى والكبد.
وأوضح المختصون أن هذه الأمراض انتشرت بفعل استيراد
المبيدات المسرطنة من إسرائيل، ما دمر الزراعة المصرية وقضى على صحة المصريين،
مشيرين إلى أن "إسرائيل منذ توقيعها اتفاقية السلام قبل 40 عاما، وهي تعرف
أنها لن تخوض حربا عسكرية جديدة مع مصر بعد حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973".
وأضاف المختصون الذين تحدثوا لـ"عربي21" أن
"إسرائيل استغلت اتفاقية السلام التي وقعها الرئيس الراحل أنور السادات يوم
26 آذار/ مارس 1979، في خوض حروب أخرى تحمل شعارات المخدرات والجنس والسرطانات
وتهديد مياه النيل".
وأكد المختصون أن الشعب المصري جنى الحصاد المر من
اتفاقية السلام، ودفع ضريبتها من مأكله ومشربه، وتدمير البنية المجتمعية بنشر
المخدرات بكافة أشكالها، بالإضافة لتحويل مناطق مصرية كاملة، كمحميات طبيعية
للإسرائيليين في طابا وشرم الشيخ ودهب، لفرض التطبيع بالقوة الاقتصادية على الشعب
المصري.
خطوط مبارك الحمراء
من جانبه، شدد عضو مجلس الشعب المصري السابق عزب
مصطفى لـ"عربي21"، أن أخطر ما واجه المصريين نتيجة اتفاقية السلام المشؤومة،
هو تدمير صحتهم باستيراد المبيدات المسرطنة، التي دمرت الزراعة في مصر، تحت حماية كاملة
من نظام حسني مبارك.
وأشار مصطفى إلى أنهم كنواب فجروا قضية المبيدات
المسرطنة خلال وجودهم بمجلس الشعب في الفترة من 2000 وحتى 2005، ووجهوا استجوابات
عديدة ضد نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة والأمين العام للحزب الوطني وقتها يوسف
والي، ولكن الأوامر جاءت من رئاسة الجمهورية بعدم فتح هذا الموضوع، واعتبار يوسف
والي خط أحمر، ولا يمكن لأحد الاقتراب منه، أما صحة المصريين وغذاؤهم فلم يكونوا
ضمن قائمة أولويات نظام مبارك.
وبيّن البرلماني السابق أن "علاقة يوسف والي بإسرائيل،
لم تكن خافية على أحد، وكان نظام مبارك يستخدمها لتمرير الكثير من الكوارث ضد
المصريين، ورغم ثبوت استيراد المبيدات المسرطنة من إسرائيل بالوثائق والمستندات،
ووجود دعاوي قضائية نظرها القضاء المصري، إلا أن أحدا من نظام مبارك لم يحاكم على
قتل مئات الآلاف من المصريين إصابتهم بالسرطانات المختلفة والفشل الكلوي
والفيروسات الكبدية".
اقرأ أيضا: كيف تعامل المصريون مع اتفاقية السلام طوال 40 عاما من توقيعها؟
وتابع مصطفى قائلا: "إسرائيل خططت لقتل
المصريين بالشكل البطيء، وساعدها في ذلك الاتفاقيات والبنود والملاحق السرية
لاتفاقية السلام، التي لم يتم الكشف عنها حتى الآن، كما ساعدها ما قدمه نظام مبارك
من تسهيلات للشركات الزراعية والسياحية والتجارية المشتركة مع إسرائيل، وهو ما نتج
عنه في النهاية كمية الأمراض والدمار الذي أصاب المصريين".
وحسب مصطفى، فإن خيانة نظام مبارك وكل من سار على
نهجه، لصالح إسرائيل، ليست محل شك، وهي خيانة ليست سياسية فقط، وإنما خيانة
اقتصادية وزراعية وصحية، ويكفي أن المبيدات المسرطنة موثقة بالأدلة والأبحاث
العلمية، وشهادات المختصين، وتم تحريكها بالآليات البرلمانية والقضائية المتاحة،
ومع ذلك لم يتحرك أحد.
محطات مختلفة
وفي السياق ذاته، أكد الخبير الاقتصادي كامل
المتناوي لـ"عربي21" أن الفترة التي سبقت عام 2004، كان التطبيع بين مصر
وإسرائيل، قاصرا على ملفي السياحة والزراعة، وقد حققت فيهما إسرائيل نجاحات سياسية
واقتصادية وأمنية ومخابراتية كبيرة، بينما كانت مصر تقوم بدور المستقبل ليس أكثر.
وأضاف المتناوي أنه "بدءا من عام 2004، أخذ
موضوع التطبيع مسارا مغايرا بعد توقيع اتفاقية الكويز بين مصر واسرائيل وأمريكا،
وبعدها تم توقيع اتفاقية تصدير الغاز المصري لإسرائيل بأسعار زهيدة، ثم شراء
إسرائيل في 2007 لبنك الاسكندرية من خلال وسيط إيطالي، وسط حفاوة مصرية غير مبررة
للتغطية على حقيقة الصفقة، ثم زيادة المشروعات السياحية في شرم الشيخ وطابا، وهي
المشروعات التي كانت بوابة خلفية لتهريب المخدرات والترامادول، الذي دمر الشباب
المصري في العشرين عاما الماضية".
اقرأ أيضا: سفير إسرائيلي محبط من برود السلام مع مصر ويشيد بالعلاقات الأمنية
ونوه المتناوي إلى أن "المردود الاقتصادي كان
لصالح إسرائيل وليس لصالح مصر، خاصة وأن نظام مبارك، استجاب طواعية لخطط صندوق
النقد الدولي، والبنك الدولي، وهيئة المعونة الأمريكية، في ربط التنمية المصرية
وتحديث الزراعة والصناعة، بالجانب الإسرائيلي، وهو ما كشفته البعثات الزراعية التي
أرسلها يوسف والي لإسرائيل من أجل نقل الخبرة الاسرائيلية في زراعة الصحراء لمصر،
والتي بلغت أكثر من 12 ألف بعثة ضمنت ما لا يقل عن 20 الأف مهندس زراعي خلال عهد
والي".
واستدل الخبير الاقتصادي بالحملات التي شنتها صحيفة
الشعب المعارضة في تسعينيات القرن الماضي، ضد التطبيع وخطورته على المصريين، مشيرا
إلى أن أكثر من 2000 خبير إسرائيلي هم الذين تولوا تجهيز المزارع الجديدة في
الإسماعيلية والنوبارية وشرق العوينات والفيوم وبني سويف، وفقا للمنظومة الزراعية
الإسرائيلية، فكانت النتيجة ظهور أمراض مثل "سوسة النخيل وفيروس التجعد
والذبابة البيضاء، والعفن البني والبياض الزغبي والدقيقي، والجلد العقدي، وأخيرا
صدأ القمح"، وهي الأمراض التي دمرت الزراعة المصرية وصدرت الأمراض الخبيثة للمصريين.
وفد مصري يصل غزة وتوقعات برفض الاحتلال مطالب حماس
"عربي21" تلتقي عائلة أحد المختطفين المفرج عنهم من مصر
مستشرق إسرائيلي: صفقة القرن مآلها الفشل الذريع.. لماذا؟