كشف قضاة ومختصون مصريون، عن تصاعد حدة الاحتقان داخل صفوف القضاة وخاصة قطاع الشباب منهم، نتيجة استخدامهم كأداة في تصفية الحسابات السياسية لنظام الانقلاب العسكري، بقيادة عبد الفتاح السيسي، مع مختلف فئات المعارضة.
وأكد القضاة الذين تحدثوا لـ"عربي21" أن
شباب القضاة يعانون من أزمة نفسية كبيرة، بعد الأحداث الأخيرة التي وضعتهم في
صدارة المشهد السياسي، وتحميلهم مصائب النظام، وخاصة في أحكام الإعدامات
المتوالية، ما دفع العديد منهم للبحث عن فرصة إعارة خارج مصر، أو العمل في دوائر
قضائية بعيدة عن الدوائر التي تنظر القضايا السياسية.
ووفقا لمصدر قضائي تحدث لـ"عربي21" فإنه "في
الأسابيع الماضية عقد شيوخ القضاة جلسات مع شبابهم لتهدئة ثورة غضبهم، نتيجة
الإهانات التي يتعرضون لها في وسائل الإعلام، وافتقاد الثقة التي يشعرون بها مع
المواطنين".
ويضيف المصدر الذي تحفظ عن ذكر اسمه، أن "مجلس
القضاء الأعلى ومحاكم الاستئناف المختلفة، تلقت خلال الأشهر الماضية، مئات
الطلبات من القضاة، للنقل لدوائر العمال أو الأسرة أو النزاعات التجارية، أو ليتم منحهم فرصة للسفر خارج مصر كإعارة لأي دولة عربية، بما يمكنهم من الابتعاد عن
الأحداث الراهنة".
أحكام إجبارية
ويؤكد المصدر القضائي أن "كثيرا من هذه الطلبات
تم رفضها لعدم وجود أماكن تكفي الجميع، وهو ما دفع بعضهم لتقديم استقالته، والعمل
بمجال المحاماة"، موضحا أنه "يعرف ما لا يقل عن 10 قضاة ونواب للنائب
العام اتخذوا هذه الخطوة خلال الأسابيع الماضية، وأنه شخصيا كان قريبا من اتخاذها،
لولا الموافقة على نقله مؤخرا لإحدى دوائر الأسرة خارج القاهرة".
ويشير المصدر نفسه، أن "سيطرة اللواء ممدوح
شاهين رئيس الإدارة القانونية بالقوات المسلحة والمقرب من السيسي، على القضاة لم
يعد خافيا، فكثير من الأحكام التي تصدر بحق المعارضين تأتي منه، وفي المقابل فإن
وكلاء النيابة أيديهم مكبلة لإلزامهم بالرجوع للمحامين العامين بمحاكمهم، قبل
اتخاذهم لأي قرار في التحقيقات التي تتم مع المعارضين".
اقرأ أيضا: "عربي21" تلتقي أسرة الأحمدي وتروي تفاصيل ما قبل إعدامه
ووفق المصدر ذاته، فإن "هناك ما لا يقل عن 100
قاض، هم الذين يتمتعون بكل المميزات، وهم الذين يتحكمون في القضاء، ويستخدمون ورقة
التفتيش القضائي لتهديد باقي القضاة والضغط عليهم، وأن هذه الفئة لديها من الحصانة
ما لا يجعلها تشعر بأن هناك خطرا يهدد السلطة القضائية ككل".
من جانبه، يؤكد المستشار محمد أحمد سليمان، لـ"عربي 21" أن "الوضع الحالي للقضاة سيئ وهناك غضب مكبوت ومتصاعد بين فئات
متعددة، تشعر بأن القضاة أصبحوا كبش فداء، وورقة يستخدمها النظام للنيل من معارضيه".
ويوضح سليمان أن "الحالة الراهنة يمكن أن تدفع عدد من القضاة لتقديم استقالاتهم"، بعد أن وجدوا أنفسهم في صدام مستمر مع المواطنين، ولذلك فضلوا الابتعاد عن المشهد بكل مكوناته.
ثلاثة اتجاهات
ويضيف الباحث المتخصص في الشأن القضائي محمد يعقوب
لـ"عربي21" أن "نادي قضاة مصر، يعد سببا في الأزمة نتيجة موقفه
الهزيل من التعديلات الدستورية المرتقبة، وقبوله بفرض سيطرة السلطة التنفيذية
الممثلة في السيسي على السلطة القضائية، التي فقدت استقلالها الكامل، وسوف تتحول
بسبب التعديلات الجديدة لإحدى مؤسسات الحكومة التي لا يمكن أن تخرج عنها بعد ذلك".
ويوضح يعقوب أن القضاة منقسمين إلى ثلاثة اتجاهات، الأول
والذي يعد الأقوى صوتا والأكثر نفوذا، ويمثله المقربون من النظام السياسي، هم
مجموعة القضاة المسؤولين عن المحاكم، ودوائر الإرهاب الجنائية، والمحامين العامين،
ورؤساء النيابات، وهؤلاء يتم اختيارهم بدقة لأنهم عصب المحاكم".
ويدلل يعقوب على ذلك بالمستشار شعبان الشامي، الذي
يتولى رئاسة إحدى دوائر الإرهاب، التي حكمت بالإعدام على الرئيس محمد مرسي وقيادات
الإخوان في قضية الهروب من سجن وادي النطرون، وهو في نفس الوقت مساعد لوزير العدل
للطب الشرعي، وكذلك المستشار محمد شرين فهمي رئيس إحدى دوائر الإرهاب، وفي الوقت نفسه كان مسؤولا عن التفتيش القضائي.
اقرأ أيضا: "قضاة تونس" يعلنون رفضهم لأحكام الإعدام الجماعية بمصر
وعن الفئة الثانية، يؤكد الباحث القضائي أنهم "الرافضون،
ولكنهم يخشون اتخاذ موقف علني حتى لا يتم استخدام ورقة إحالتهم للصلاحية بأي حجة،
وهي الفئة التي تعترض على التعديلات الدستورية وتدخلات الدولة بعمل القضاة،
واستخدامهم كمنصة لإصدار أحكام الإعدام المتواصلة، ولكنهم في النهاية لا يجدون من
يوحد حركتهم، وهو الدور الذي كان يقوم به تيار الاستقلال في السابق".
ويضيف يعقوب أن "الفئة الأخيرة هي صاحبة
المصالح المشتركة، والتي لا يعنيها من يكون بالحكم، وإنما ما هو مقدار ما يحصلون
عليه من امتيازات، وهم أقرب لفئة القضاة الموظفين، وخطورة هذه الفئة أنها تستطيع
أن ترجح كفة إحدى الفئتين السابقتين على الأخرى".
وفي ما يتعلق بعدد الاستقالات التي قدمها القضاة خلال
الفترة الماضية، يؤكد يعقوب أن "العدد غير محدد، لأن البعض يتم إجباره على
الاستقالة نتيجة تورطه في رشوة أو فساد، وبالتالي فإن التقرير السنوي للتفتيش
القضائي عن الاستقالات لن يكون محددا بسبب هذه الاستقالة"، على حد قوله.
هاشتاغات متناحرة على تويتر و"بطلها" السيسي .. ما مطالبها؟
"الحركة المدنية" ترحب بتأسيس "اتحاد الدفاع عن الدستور" بمصر
هذه أهداف السيسي من استعادة مجلس الشورى بمسمى جديد