هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "لوباريزيان" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن الجزائريين المقيمين في فرنسا سواء من حاملي الجنسيتين أو الفرنسيين من أصول جزائرية، الذين يتابعون عن كثب "الربيع الجزائري".
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن العديد من الفرنسيين من أصول جزائرية تعوّدوا على التظاهر ظهيرة كل يوم أحد في إحدى زوايا أقدم موانئ مدينة مرسيليا، تعبيرا عن تضامنهم مع الحراك الشعبي الذي يهز الطرف الآخر من المتوسط.
ونقلت الصحيفة عن سعيد بلقيدوم، الأستاذ المحاضر بجامعة إيكس مرسيليا والمتخصص في علم الاجتماع والعضو في جمعية شبابية تدافع عن فكرة البديل الديمقراطي والاجتماعي للجزائر، قوله إن "الجالية الجزائرية في فرنسا ليست متجانسة، حيث يجتمع في مرسيليا للاحتجاج المهووسون بالجزائر والموظفون من أصحاب الأجور المتواضعة والوافدون الجدد الذين يعبرون عن احتجاجهم عفويا باللغة العربية".
وأضاف سعيد بلقيدوم أنه "غاب عن التظاهر الشباب القاطنون بالأحياء الشمالية لمرسيليا، ذلك أنه بالنسبة لهم ليس لهم علاقة بما يحدث في الجزائر الآن باعتبار أنها جزء من تاريخ آبائهم، وهو ما يعني أن الأمر لا يدخل في اهتماماتهم اليومية. لهذا السبب، نرى العديد منهم لا يرفع الأعلام الجزائرية خلال مباريات أولمبيك مرسيليا".
وتحدثت الصحيفة عن اختلاف الحالة الاجتماعية للجزائريين المقيمين في فرنسا، على غرار محمد البالغ من العمر 46 سنة، الذي يعمل في مواقع البناء في مدينة آكس أون بروفانس. ويعيش محمد مع وزوجته سامية البالغة من العمر 42 سنة، التي تعمل معينة للأشخاص الطاعنين في السن.
ولدى هذين الزوجين المتواضعين، (الأب جزائري الأصل والأم تحمل الجنسيتين) ثلاث بنات أعينهن تشرق أملا مع انطلاق الحراك الجزائري. وجاء على لسان البنت البكر التي تبلغ 12 سنة: "نحن ولدنا في فرنسا، ولكننا نأمل في رؤية جزائر حرة".
ونقلت الصحيفة رأي مواطن جزائري آخر مقيم بفرنسا يدعى محمد، وهو أصيل منطقة القبائل، الذي قال: "في الجزائر، كنت أعمل إطارا في شركة، قبل أن أغادر البلاد مع زوجتي سنة 2002 واتجهنا إلى فرنسا عندما عرفنا أن النظام التعليمي هش". واليوم، ابنه البكر باحث بيولوجي، أما ابنه الأصغر فطالب في السنة الثالثة في كلية الطب.
وتعليقا على مظاهرة ترفع فيها لافتات معادية لبوتفليقة يصرخ خلالها المحتجون بصوت عالي "بوتفليقة، ارحل"، قال محمد إن "الشباب الجزائري المقيم في فرنسا يحلم بأن تكون الجزائر مثل فرنسا، خاصة أن بلد المليون ونصف مليون شهيد من البلدان الغنية".
اقرا أيضا : احتجاجات في عدة مدن بالجزائر دعما للحراك الشعبي (شاهد)
وأوردت الصحيفة أن ميسن، وكيلة إعلانات من أصول جزائرية ولدت في مدينة سانت- إتيان الفرنسية، قد عبرت بدورها عن شوقها واهتمامها بالوضع الراهن في الجزائر.
وينطبق الأمر ذاته على ندى، وهي مهندسة معمارية في العقد الثالث تعيش في مرسيليا. أما رتيبة، فقد ولدت في مرسيليا وتعمل معينة في دار المسنين، حيث خرجت صحبة زميلها التونسي رافعين الراية الفلسطينية، نظرا لأنه حسب رأيها "فلسطين هي الجزائر".
وذكرت الصحيفة أن فرنسيتين في من أصل جزائري لم تتجاوزا عقدهما السادس التحقتا بالمظاهرة وألبستا شابا كوفية فلسطينية، كما رفعتا لافتة تدعوان فيها ماكرون إلى "الاهتمام بمطالب السترات الصفراء، وليس بالجزائر".
وكان بين المتظاهرين جزائريون مقيمون في فرنسا بطريقة غير شرعية، من بينهم ياسين، الذي تحدث باسم زملائه قائلا: "لم نأت إلى هنا من أجل رؤية برج إيفل أو التجول في مرسيليا، بل نريد العمل، ونحن مستعدون للعودة إلى الجزائر لنعمل هناك بمجرد رحيل عصابة اللصوص التي تمسك بالسلطة". وفي الوقت الحاضر، يبيع هؤلاء الشباب السجائر المهربة.
وأضافت الصحيفة أن صغار التجار الفرنسيين من أصول جزائرية يراقبون بدورهم الحركة الاحتجاجية التي تهز الجزائر.
وعلق أحدهم قائلا إن "كبار البارونات الذين ينتمون لمنتدى رؤساء المؤسسات الجزائري (أسسه علي حداد الموالي للنظام الجزائري) يقيمون غالبا إما في فرنسا أو سويسرا أين يعلّمون أطفالهم".
منذ انهيار أسعار النفط سنة 2014، تحاول الجزائر، التي تأثرت احتياطياتها النقدية، كبح الواردات. لكن التجار يقفون ضد النظام لأنهم يعانون كثيرا، فهم يجبرون على دفع رشاوى للجمارك الجزائرية من أجل تجنب التصريح عن قيمة بضائعهم للتحايل على الضرائب التي تزيد نسبتها عن 60 بالمئة.
وفي الختام، بينت الصحيفة أن عدد الجزائريين المقيمين في فرنسا يبلغ نحو 2.5 مليون شخص، وذلك حسب خبير ديمغرافي فرنسي، في حين أن عدد الجزائريين الذين يحملون الجنسيتين يتراوح بين 500 ألف ومليوني شخص.