أكد اقتصاديون
مصريون أن خيارات الحكومة المصرية أصبحت محدودة فيما يتعلق بسداد 817 مليار جنيه (46.7 مليار دولار)، ممثلة في 276 مليار جنيه (15.7 مليار دولار) قيمة أقساط
الديون، و541 مليار جنيه (31 مليار دولار) قيمة الفوائد المستحقة على الديون خلال عام 2019.
وحسب الخبراء الذين تحدثوا لـ "
عربي21"، فإن الديون تبتلع ما لا يقل عن 82% من إجمالي الموازنة العامة لمصر، البالغة قيمتها 989 مليار جنيه (56.5 مليار دولار)، كما أنها تتجاوز احتياطي النقد الأجنبي الذي بلغ 44.1 مليار دولار نهاية شباط/ فبراير الماضي.
وتوقع المختصون لجوء الحكومة للحصول على قرض جديد من صندوق
النقد الدولي، بعد حصولها على الشريحة الأخيرة من القرض الذي وقعته في 2016، لسداد القروض القديمة.
وكان وزير المالية المصري، محمد معيط، كشف في حوار تلفزيوني، أن القروض وفوائد الدين تأكل الميزانية المصرية، مشيرا إلى أنه بعد خصم القيمة المخصصة لسداد الدين من إيرادات الدولة في الموازنة العامة، التي تبلغ 989 مليار جنيه، سيتبقى 172 مليار جنيه فقط يتم إنفاقها على باقي أبواب الموازنة.
وحدد معيط خيارات مصر للخروج من الأزمة، بأن حكومته سوف تضطر للاقتراض مرة أخرى من أجل سداد الديون المستحقة، التي تصل إلى 7.3 مليار دولار خلال النصف الأول من العام الجاري، من بينها 2.6 مليار دولار ديون مستحقة للدول العربية، بالإضافة لقرض صيني مرحل من عام 2018، يبلغ قيمته 2.3 مليار دولار.
دوامة القروض
وفي تعليقه على تصريحات الوزير المصري، يؤكد خبير الاقتصاد الدولي، وليد مسعود، لـ"
عربي21"، أن "معيط كان واضحا عندما حدد خياراته بأنه سوف يقوم بالاقتراض من أجل سداد القروض القديمة، وهي اللعبة التي أتقنت حكومة رئيس الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي استخدامها منذ 5 سنوات".
ويوضح مسعود أن الحكومة بدأت التمهيد لإجراءات أخرى من أجل تحصيل المزيد من الضرائب، بالإضافة لتقليل فاتورة الدعم المقدم على الخدمات والمحروقات والمواد التموينية والمواصلات، في محاولة لتوفير ما لا يقل عن 200 مليار جنيه (1.2 مليار دولار) من قيمة الدعم المخصص للمحروقات والكهرباء على وجه التحديد.
ويشير الخبير الاقتصادي إلى أن أول خيارات الاقتراض للحكومة المصرية سيكون صندوق النقد الدولي، موضحا أن هناك مفاوضات بدأت بالفعل بين المسؤولين المصريين ومسؤولي الصندوق، من أجل الحصول على قرض جديد مع نهاية القرض الحالي الذي حصلت عليه مصر بقيمة 12 مليار دولار لعلاج عجز الموازنة.
ويوضح مسعود أن الحكومة المصرية لا يعنيها قيمة القرض بقدر ما يعنيها الاقتراض نفسه من الصندوق، الذي يمنحها شهادة جودة تستطيع من خلالها الحصول على قروض من المؤسسات الدولية بضمانة صندوق النقد، وهو ما يبرر القفزة الهائلة في القروض التي حصلت عليها مصر خلال الفترة التي أعقبت الحصول على القرض الحالي من صندوق النقد.
ويحذر الخبير الاقتصادي من اعتماد مصر على سياسة تدوير القروض، لما ينتج عنها من تأثيرات سلبية مستقبلية، خاصة أن هذه السياسة تجعل مصر رهينة لشروط الجهات المقرضة، والتي تضع فوائدها وفق مصالحها، بما يؤدي في النهاية لارتفاع فوائد القروض لأرقام فلكية، وصلت في عام واحد إلى 541 مليار جنيه (31 مليار دولار)، وفقا لتصريحات وزير المالية المصري.
"ترحيل وترقيع"
ويتوقع الخبير الاقتصادي، سمير أبو الخير، أن تقوم الحكومة المصرية بترحيل عدد من القروض المستحقة عليها للعام المقبل، كما فعلت مع القرض الصيني الذي كان يجب سداده في 2018، وتم ترحيله لعام 2019، مع رفع نسبة الفائدة المستحقة عليه.
ويوضح أبو الخير لـ"
عربي21" أن مصر أعلنت مطلع عام 2018 أنها سوف تقوم بسداد 12 مليار دولار قيمة الأقساط والفوائد المستحقة على القروض بعدة مسارات، منها الحصول على 4 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، و1.2 مليار دولار من البنك الدولي، بالإضافة لاستغلال عوائد السياحة وقناة السويس وتحويلات المصريين في الخارج، وإصدار سندات دولية بقيمة 5 مليارات دولار.
ويؤكد الخبير الاقتصادي أن الحكومة لم تعلن حتى الآن عن حصيلة ما قامت بسداده، رغم انتهاء الربع الثالث من موازنة 2018/ 2019، باستثناء القسط المستحق لنادي باريس، البالغ قيمته 700 مليون دولار، بينما باقي الاستحقاقات، فإنه على الأغلب قد تم ترحيلها لموازنة 2019/ 2020.
وعن عوائد اكتشافات الغاز الطبيعي ولماذا لم تستفد منها الموازنة المصرية، يؤكد أبو الخير أن قضية الاكتشافات المتواصلة للغاز تعدّ أكبر عملية خداع اقتصادي يمارسه السيسي ضد المصريين، مشيرا إلى أن الشركات المنقبة مثل إيني الإيطالية قامت ببيع 50% من حقوق امتيازاتها بحقل نور وحقل ظهر لشركات روسية وبريطانية وإماراتية، بعد أن أثبتت دراسات الجدوى أن الناتج لن يكون بالشكل الذي تم الترويج له من نظام السيسي.