نشرت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" تقريرا للصحافي نبيه بولص، يقول فيه إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحدث عن تنظيم الدولة، قائلا إنه هزم تقريبا وحتى في المجال الافتراضي.
وينقل التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن الرئيس، قوله: "لفترة من الزمن كانوا يستخدمون الإنترنت أفضل مما نستخدمها، لقد استخدموها بشكل ذكي، لكن لم يعد الأمر كذلك اليوم.. واليوم فإن الناس الذين يستخدمون الإنترنت، الذين كانو ينظرون إليهم باحترام ويعجبون بهم وبذكائهم، لم يعودوا يظنون أنهم أولئك الأذكياء".
ويشير بولص إلى أنه في وقت يتضاءل فيه حجم تنظيم الدولة إلى الصفر تقريبا، فإن حضوره الإعلامي لم يعد بالحجم الذي كان في فترة الذروة، حيث كان يصدر حوالي 40 مادة في اليوم، ما بين بيان وفيديو وغير ذلك من المواد الإعلامية، بحسب تقرير صادر عام 2015 عن المركز الدولي لدراسات التطرف والعنف السياسي في لندن.
وتفيد الصحيفة بأن ذراع تنظيم الدولة الإعلامية تستمر على مستوى أصغر، حيث تأقلم مع الخسارة، بالإضافة إلى أن الفكر المتطرف الذي يدفع مقاتليه ومؤيديه للقتال حتى الموت هو ذاته الذي يحرك العمليات الإعلامية.
ويورد التقرير نقلا عن كبير المحللين في مجموعة SITE الاستخباراتية الأمريكية المتخصصة في مراقبة المحتوى المتطرف على الإنترنت آدم ريسمان، قوله إن تلك العقيدة تؤمن بأن "الجهاد الإعلامي يساوي إن لم يكن أكبر من الجهاد العسكري"، مشيرا إلى أن التنظيم يدفع للإعلاميين الأجر ذاته الذي يدفعه للمقاتلين في الجبهات.
وأضاف ريسمان: "فعل تنظيم الدولة أكثر من غيره لتحبيب الجمهور به، فكان الأول الذي يفتح فروعا على منصات التواصل، وسمى أولئك الذين يروجون للخلافة ولفكر التنظيم على منصات التواصل الاجتماعي (مجاهدين).. ولم تقم أي مجموعة أخرى بمغازلة المؤيدين بهذا الشكل".
ويذكر الكاتب أن التنظيم كتب في منشور عام 2015 له بعنوان "أنت مجاهد أيها الإعلامي"، نشرته مكتبة الهمة التابعة للتنظيم، يقول فيه: "إن قوة الكلمة أشد من قوة القنابل النووية"، وأضاف المنشور قائلا: "إن التحريض على الجهاد" يساوي الجهاد، "ولذلك يا عزيزي الجندي المجهول في الإعلام، اعرف أهمية دورك في تحقيق النصر.. فأنت مجاهد في سبيل الله".
وتقول الصحيفة إنه مثل استراتيجيته القتالية، التي تتضمن خليطا من المقاتلين التابعين للتنظيم، بالإضافة إلى الذين يقومون بهجمات إرهابية من المؤيدين للتنظيم في أنحاء العالم، فإن الجهد الإعلامي للتنظيم اعتمد على خليط من المجندين في هذا الحقل والمؤيدين الذين لا يملكون صفة رسمية، والذين يقومون بنشر رسالته.
وينقل التقرير عن الباحث في شؤون الإرهاب في جامعة جورج واشنطن سيموس هيوز، قوله في مقابلة هاتفية: "إن للعمل مركزية عالية في أذرع التنظيم الإعلامية الرسمية، وكذلك لامركزية عالية للمؤيدين والإعلام غير الرسمي.. وفي الظروف الصعبة يقوم الإعلام غير الرسمي بأداء دور أكبر في الوقت الذي يكون فيه الإعلام الرسمي محدودا شيئا ما، لكنه يحاول أن يكون هو من يوجه السفينة".
ويبين بولص أنه في الوقت الذي هزم فيه مقاتلو التنظيم فإن حجم الإنتاج الإعلامي تضاءل بشكل كبير، فبين آب/ أغسطس 2015 إلى كانون الأول/ ديسمر 2018، تراجع متوسط المنشورات الإعلامية ما بين بيان وأغنية وفيديو من 300 في الشهر إلى أقل من 100 في الشهر، بحسب المسؤولين الأمريكيين المتابعين لإعلام التنظيم على الإنترنت، الذين يشكلون جزءا من عملية العزم الصلب الذي تقودها أمريكا ضد تنظيم الدولة.
وقالوا في بيان لهم: "كانت جهودنا ناجحة في هزيمة الخلايا الإعلامية لتنظيم الدولة، وقمنا في سوريا باستهداف أعضاء التنظيم الإعلاميين وبنيتهم التحتية وإمكانياتهم".
وتورد الصحيفة نقلا عن ريسمان، قوله إن المنشورات متعددة الوسائط التي كان ينتجها التنظيم تأثرت بشكل رئيسي، وسمى عددا من المنشورات التي توقفت، مثل دابق والقسطنطينية باللغتين الإنجليزية والتركية.
ويلفت التقرير إلى أن آخر نسخة من مجلة رومية، التي تعد أهم مجلة للتنظيم، نشرت في أيلول/ سبتمبر 2017، ولم يتبق سوى صحيفتها الأسبوعية العربية النبأ، بالإضافة إلى أن إصدارات الفيديو المتعددة كل أسبوع توقفت.
ويجد الكاتب أنه مع أن تنظيم الدولة تمتع فترة باستخدام "تويتر" و"فيسبوك" و"يوتيوب" و"تلغرام"، إلا أن كبار الإعلام الاجتماعي أصبحوا أفضل في التعرف على المحتويات المتطرفة وحظرها، مستدركا بأن هناك عشرات الحسابات لتنظيم الدولة على "تلغرام".
وتنقل الصحيفة عن هيوز، قوله إنه بسبب حصار الأذرع الرسمية للتنظيم فإنه تحول إلى مؤيديه، مشيرا إلى أنه بسبب عدم وجودهم على رادار السلطات، فإن بإمكان المؤيدين تشكيل شبكات توزيع، وبعضهم يملك إمكانية إنتاج المحتوى الخاص به، (ومثال على ذلك كان رسما لبابا نويل يقف بجانب صندوق متفجرات في ميدان تايم سكوير في نيويورك، الذي بقي في الإعلام لأسابيع خلال تشرين الثاني/ نوفمبر، وكان ذلك الرسم من إنتاج أحد المؤيدين).
وأشار هيوز إلى قضية العراقي الأمريكي أشرف الصافو، الذي كان هدفا لعملية مكتب التحقيقات الفيدرالي، فمع أنه لم يكن عضوا في تنظيم الدولة، إلا أنه ساعد في إنشاء مؤسسة خطاب للإعلام، التي تتكون من 33 مؤيدا يقومون بإعادة نشر الدعاية المتطرفة، وينتجون مادة خاصة بهم، بالتنسيق مع المسؤولين الإعلاميين في تنظيم الدولة.
ويفيد التقرير بأنه بحسب أوراق المحكمة، فإن أعضاء المؤسسة يقومون "بهجمات" على الإعلام الاجتماعي، مستخدمين مجموعات من الحسابات الجديدة أو المقرصنة لنشر تغريدات جاهزة، بالإضافة إلى أن هؤلاء قاموا باستخدام إجراءات أمنية، مثل استخدام برامج تمنع تتبعهم، والقيام باستخدام أجهزة هاتف مدفوعة الأجر مسبقا.
وينوه الكاتب إلى أن تنظيم الدولة كان قبل أربعة أعوام يشرف على ماكينة إعلامية كبيرة، تصدر البيانات والمعلومات المصورة والنشرات والصحف والمجلات ونشرات الإذاعة والأغاني بلغات، من خمس إلى 11 لغة، بالإضافة إلى أن التنظيم أصدر تطبيقات لتعليم الأطفال والحساب واللغة العربية، ومعها صور متحركة لمتطرفين يطلقون أسلحتهم الرشاشة أو قذائف الهاون.
وتنقل الصحيفة عن الباحث في تنظيم الدولة لدى منتدى الشرق الأوسط أيمن جواد التميمي، قوله إنه منذ اللحظة التي بدأ فيها التنظيم يهزم فإن رسالته الإعلامية بدأت تتحول إلى فكرة أن التنظيم لا يحتاج إلى أرض ليكون موجودا، ففي عام 2015، وبعد سيطرة المقاتلين الأكراد على كوباني، قال المتحدث باسم التنظيم أبو محمد العدناني: "هنيئا لك أيها البنتاغون لهذا النصر.. لقد كسبت أكوام حجارة".
ويشير التقرير إلى أن التنظيم قام بترتيب عمليته بشكل أكبر، معتمدا على فروعه في الصومال وشرق أفريقيا بحسب التميمي، الذي قال: "فبدلا من أن يكون تنظيم الدولة هو هذا الجهاز المركزي في العراق وسوريا، وله فروع في أنحاء العالم كله، فإنه أصبح جهازا جهاديا عالميا موزعا".
وقال ريسمان للصحيفة إن التنظيم انتقل من دعوة المسلمين للانضمام له هم وعائلاتهم، التي كان ناجحا فيها، إلى "يجب أن تأتوا لكن إن لم تستطيعوا بسبب العقبات فابقوا في بلدانكم وقوموا بالهجمات هناك، فإن وقعها أكبر من هنا".
وينقل بولص عن هيوز، قوله إن هناك تركيزا على مهاجمة الفارين، حيث هناك الكثير في الرسائل حول الاغتيالات، وأضاف هيوز: "لم يعد الأمر يتعلق بتوزيع الحلوى في الرقة، إنه يتعلق بإظهار القوة".
وبحسب الصحيفة، فإن هناك تقارير بأن تنظيم الدولة بدأ بإنشاء وجود له على الشبكة السوداء وعلى مواقع التواصل السرية، مثل "زيرو نت"، التي تسمح باستضافة مواقع peer-to-peer، حيث تحفظ المواقع على أجهزة حاسوب عادية وليس خادمات، فتكون نسخا من الصفحات موزعة على عدة حواسيب؛ وذلك لتجنب المراقبة.
وتختم "لوس أنجلوس تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول رئيس خلية الصقور الاستخباراتية أبي علي البصري، بأن "بعض التخطيط لعملياتهم يتم في خاصية المحادثة الموجودة في بعض ألعاب الإنترنت".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
واشنطن بوست: ما هو مصير أطفال تنظيم الدولة؟
فورين أفيرز: لهذا تعد استراتيجية ترامب في العراق حمقاء
التايمز: إحصاءات النصر على تنظيم الدولة.. كم خسر كل طرف؟