كلما أطلت "الحرباء المتلونة" برأسها على وسائل الإعلام تذكر أنها أكثر من يراعي ويحترم حقوق الإنسان للمصريين بمفهومها الشامل، بالنظرة المصرية لحقوق الإنسان وليس بالنظرة الغربية. سنحاول في هذه الكلمات البسيطة تأصيل حقوق الإنسان بمفهومها الشامل وإسقاطها على ممارسات السيسي لنرى إن كان مناصرا لحقوق الإنسان أم عدوا لها.
في البداية، لم يتفق العلماء على تعريف موحد لحقوق الإنسان، ولأن المقام لا يتسع لذكر اختلافات التعريفات، فإننا سنذكر تعريفا جامعا اتفق عليه أغلب العلماء، وهو أن حقوق الإنسان هي مجموعة الحقوق والمطالب الواجبة الوفاء لكل البشر على قدم المساواة وبدون تمييز. نستنتج من هذا التعريف أن هذه الحقوق واجبة الوفاء، وليست منحة من الحاكم لشعبه، وأنها كفلت المساواة بين جميع البشر في التمتع بها، وأنها جرمت التمييز والتفرقة.
والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهو وثيقة دولية أصدرتها الأمم المتحدة في كانون الأول/ ديسمبر 1948 في باريس، وكانت مصر من أوائل الدول الموقعة عليه، هو المعيار المشترك الذي ينبغي أن تستهدفه الدول والشعوب (من هنا يتضح كذب الكذاب الأشر حين قال إن لمصر وضعية خاصة ونظرة مختلفة لحقوق الإنسان عن النظرة الغربية).
ونأتي على الحق الأول من حقوق الإنسان، وهو الحق في الحياة الذي يعتبر منحة ربانية لمخلوقاته وأعطى الله لذاته العليا فقط حق إنهاء حياة الإنسان، ولكن السيسي انتهك هذا الحق للمصريين بعدة طرق، منها على سبيل المثال التصفيات الجسدية والقتل خارج إطار القانون؛ التي راح ضحيتها ما يفوق خمسة آلاف مصري منذ كانون الثاني/ يناير 2011 وحتى الآن. وأما عن الوضع في سيناء، فحدث ولا حرج، حيث قتل السيسي في سيناء وحدها 4010 مصريا سيناويا حتى الآن. من هنا يقبع السيسي في المرتبة الأولى للسفاحين الأكثر دموية في تاريخ مصر.
وثاني الحقوق، وهو الحق في الحرية الذي ينتهكه السيسي ليل نهار، بتحويل مصر إلى سجن كبير ومظلة وطنية جامعة لكل المصريين خلف القضبان؛ التي يجعل منها طريقا سريعا إلى المقابر، إذ تم تقييد حرية أكثر من 100 ألف مصري منذ 2011 وحتى الآن.
ثم يأتي الحق في المسكن الملائم الذي قال عنه إنه قام بأكبر مشروع إسكان اجتماعي في التاريخ المصري؛ حيث قام ببناء 350 ألف وحدة سكنية، بينما تؤكد الأرقام الرسمية أن نصف سكان القاهرة يسكنون العشوائيات حتى الآن، وأنه توجد في القاهرة وحدها 109 مناطق عشوائية، مما دفع ليلاني فرحة، المقررة الأممية المعنية بالحق في السكن، إلى انتقاد سياسات النظام الذي قام بإرهاب كل من تقابلت معهم، مما دفعها إلى التصريح بأنها مصدومة من سياسات المصري، وأن تهديد القاهرة مرفوض، تعقيبا على التهجير القسري الذي يقوم به النظام المصري لبعض سكان القاهرة.
ونأتي إلى الحق في العلاج الذي يتفاخر السيسي بأنه قام بمشروع عالمي لا تقدر عليه أغلب الدول في علاج المصريين. وفي الحقيقة لا نعرف إن كان يقصد مشروع الكفتة للواء المزور عبد العاطي؟ أم ماذا يقصد؟ وبالنظر إلى حال مستشفيات مصر، نجدها مقسمة طبقيا بشكل يرسخ مفهوم دولة العبيد والأسياد. فهناك مستشفيات الجيش والشرطة التي تعالج أفرادها وعائلاتهم حصرا بميزات عالية المستوى، وهناك المستشفيات الخاصة عالية المستوى التي لا يستطيع المواطن المصري العادي الاقتراب من بوابتها، أيضا هناك مقابر الفقراء المسماة مستشفيات الحكومة.
وبدورنا نتساءل: كم عدد المستشفيات التي قام السيسي ببنائها للمصريين؟ وعلى سبيل المثال لا الحصر، فقد تكلف النهر الأخضر في حصنهم الجديد المسمى بالعاصمة الإدارية؛ حوالي 35 مليار جنيه، وفق التصريحات الرسمية، وبالنظر إلى تصريحات حكومية بأن تكلفة بناء مستشفى عام تبلغ 500 مليون جنيه، فكان من الممكن بناء 70 مستشفى تخدم المصريين في كل ربوع مصر بتكلفة النهر الأخضر.
ومثال آخر على نظرية وطن السادة والعبيد، حينما قام السيسي بالتعاقد على شراء طائرات رئاسية جديدة بتكلفة 300 مليون يورو، بما يوازي ثلاثة مليار جنيه كان من الممكن استخدامها لبناء ستة مستشفيات تخدم الفقراء المصريين.
ويلخص هذا الرصد السريع نظرة السيسي إلى الشعب المصري على أنهم عسكر في معسكر للجيش؛ يمثل فيه مثلث النظام من جيش وشرطة وقضاء القادة، ويقوم على خدمتهم باقي أفراد الشعب الممثلين للجنود.
وإذا أتينا إلى الحق في عدم التهجير القسري، نترك لسكان سيناء حرية الحديث، وسوف يروون قصصا يخجل من قبحها وظلمها كتاب الدراما في العالم.. يحدثونك عن التهجير القسري الذي تمارسه أجهزة السيسي لتنفيذ خطته في إخلاء الشريط الحدودي مع العدو الصهيوني، وأُجبر سكان جزيرة الوراق ومثلث ماسبيرو ونزلة السمان على المغادرة، لا لشيء سوى لإفراغ هذه المناطق الاستراتيجية من سكانها لصالح مشروعات لحلفائه في الداخل والخارج، مما يرسخ الطبقية والتمييز بين المصريين. وكما تفعل الإمارات في القدس بشراء منازل الفلسطينيين لإفراغ مدينة السلام المقدسة من سكانها الأصليين لصالح الصهاينة، تقوم بنفس الشيء عن طريق وكيلهم في مصر، السيسي وأجهزته الأمنية.
وخلاصة القول أن السيسي الذي يتباهى بأنه مناصر لحقوق الإنسان في مصر؛ يتضح لكل ذي عينين أنه من أشد أعداء المصريين وحقوقهم.
المختصر في فضح الكذاب الأشر.. من يهدم مصر (2-5)
الراقصون للدستور والراقصون عليه