وجهت السلطات الأمنية المصرية ضربة موجعة جديدة للمعارضة المدنية في توقيت زادت فيه حدة التوتر بين سلطات الانقلاب والمعارضة على خلفية التعديلات الدستورية التي أقرها البرلمان وتمنح رأس النظام عبدالفتاح السيسي، سلطات واسعة وتسمح له بحكم البلاد حتى 2034.
ومنذ السبت، تتحفظ قوات أمن الانقلاب على الناشط السياسي ممدوح حمزة، أحد أهم أقطاب المعارضة المدنية للنظام الآن، بعدما كان أشد مؤيديه حتى أنه يعد أحد مهندسي أحداث 30 يونيو 2013.
وحسب نشطاء، فقد وجهت السلطات لحمزة، تهمة التهكم على رئيس الجمهورية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن محاميه علي عاطف، أكد أن تهمته هي نشر أخبار كاذبة بـ"تويتر"، حول أزمة جزيرة الوراق، والمواجهات القائمة بين السلطات التي تسعى لإخلاء الجزيرة والأهالي الغاضبون.
وفي الوقت الذي كشف فيه عضو الدفاع عن حمزة، أنه تم التحقيق معه السبت، وتم حجزه على ذمة التحريات، ثم عرضه على النيابة العامة الأحد؛ إلا أن الحقوقي جمال عيد، أكد عبر صفحته في "تويتر" أنه تم منع محامي حمزة من حضور التحقيق معه.
وكان حمزة كتب عبر "تويتر"، قبل أيام: "أنا لست كافرا: وأدعو الله على من ظلمني؛ حرق وتكسير وتشميع سكني وتجميد أموالي وتوجيه اتهامات باطلة ودفع كفالة ظلم وجبروت وإيقاف جميع مصالحي".
وقال الكاتب الصحفي حسن حسين، إن "موجة الاعتقالات لم تنقطع، واحتجاز حمزة، ليس حدثا جديدا بل هو تجسيد لاستمرار نهج الاعتقالات الذي تمارسه سلطة 30 يونية القمعية منذ أتت إلى الحكم".
اقرأ أيضا: هل توحد التعديلات الدستورية المعارضة المصرية ضد السيسي؟
وحول اعتبار أن الهدف من اعتقال حمزة الآن هو رسالة من السلطات الأمنية لكل معارضي التعديلات الدستورية، أكد حسين، لـ"عربي21"، أن "الرسالة وصلت مبكرا جدا ولا تحتاج إلى تحذيرات جديدة"، مشيرا إلى أن "الحركة المدنية بكل أسف أضعف من جناح بعوضة ولا يمكن أن تمثل تهديدا للنظام الحاكم بكل مؤسساته وأدواته القمعية".
وبشأن إمكانية قيادة معركة التعديلات الدستورية وفي نفس الوقت حماية المعارضين من الاعتقال، يعتقد المعارض المصري، أن "معركة التعديلات الدستورية إنتهت"، مضيفا "وسبق أن طالبت من كل القوى السياسية المعارضة الاستعداد للمعركة ما بعد المقبلة، وهى التي ستلي الصدام المؤكد بين الجماهير المقهورة إجتماعيا من ناحية والنظام من ناحية أخرى في غياب أى تأثير للمعارضة".
وشدد على أنه "قبل أن نطالب المعارضة بأى شيء علينا أن نطالبها بإعادة تأسيس نفسها من جديد على قواعد من الديمقراطية والشفافية، وامتلاك رؤية واضحة لأساليب وأدوات التغيير".
نصائح للمعارضة
من جانبه أكد رئيس حزب "غد الثورة" عز النجار، أن المعارضة مقبلة على موعد وموجة من القمع، موضحا أن "الموعد مفتوح ومستمر منذ تخطيطه (السيسي) للوصول للسلطة وليس مرهونا بحدث معين وليس مقتصرا على تيار أو فكر معين بل ممتد ليشمل الجميع مدنيين وعسكريين".
النجار، أشار بحديثه لـ"عربي21"، إلى ضرورة مواجهة التعديلات الدستورية وفي نفس الوقت حماية المعارضين من الاعتقال، ناصحا المعارضة بكل أطيافها في هذه الظروف بـ"العمل على تنظيم العمل الثوري؛ بتكوين قيادة واحدة وصياغة عقد اجتماعي جديد يوحد الصف خلفها، وتقديم البديل المتكامل للناس ليكونوا على بينه من أمرهم".
العمل السري
وأكد الناشط والكاتب المعارض أشرف الريس، أن اعتقال حمزة مؤشر كبير على أن المعارضة المدنية على موعد مع أزمة قبل استفتاء التعديلات الدستورية، متوقعا "زيادة موجة القمع أكثر وأكثر بعد ظهور نتيجة الإستفتاء بنعم.
وأضاف لـ"عربي21"، أن الحل الوحيد حتى يمكن للمعارضة قيادة معركة التعديلات الدستورية والاستفتاء دون خسارة أعضائها؛ هو "اتحادها وعملها في الخفاء وليس بالعلن".
وأشار إلى حجم المعركة وأن الثمن قد يكون اعتقال المزيد من المعارضين، موضحا أنها معركة غير خاسرة والمحاولة بالتأكيد سوف تجدى عاجلا أم آجلا مهما كان الثمن.
وعبر "تويتر"، قال الكاتب الصحفي عبدالفتاح فايد، إن "قرار النيابة بالتحفظ على السياسي المصري ممدوح حمزة يعني أن النظام مستمر في سياسة الأرض المحروقة، ويعني أيضا أنه على باطل وأن الحق فوق القوة"، متسائلا: "ترى كم سيتبقى من الشعب المصري لم يعتقل أو توجه له اتهامات بالإرهاب ونشر الأخبار الكاذبة حتى يتم تمرير هذه التعديلات الدستورية؟"
اقرأ أيضا: لماذا يسابق السيسي الزمن لإقرار التعديلات الدستورية؟
وأشار الوزير السابق الدكتور محمد محسوب، إلى جانب آخر من الأزمة، بقوله: "أصبحت لقاءات القادة الغربيين بالسيسي ثقيلة على المعارضة المصرية؛ ففي أثناء لقاء ماكرون اعتقل المهندس يحيي حسين عبدالهادي، ومع لقاء السيدة ميركل اعتقل الدكتور ممدوح حمزة والذي كان حتى أمس بألمانيا، بينما هو يحدثهم عن أنه أنقذ مصر من قمع كان سيجري بظل حكم ديني".
ما هي خطط السيسي لتمرير تعديل الدستور على الشعب؟
إعادة السيسي لوزارة الإعلام يثير جدلا بين "صحفيي مصر"
أول تحرك قانوني ضد التعديلات الدستورية في مصر.. هل يوقفها؟