أثار قرار أعضاء من مكون "التبو" في البرلمان الليبي بتعليق
عضويتهم اعتراضا على العمليات التي تقودها قوات "حفتر" في الجنوب الليبي،
ردود فعل وتساؤلات حول دلالة هذا التصعيد الآن، وما إذا كان سيلجأ هؤلاء النواب إلى
تدويل قضيتهم بعدما طالبوا المجتمع الدولي بحمايتهم.
وأكد بيان صادر عن هؤلاء الأعضاء، وصل "عربي21" نسخة منه، تعليق
عضويتهم في البرلمان، احتجاجا على قصف الجنوب بالطيران، والأعمال العدائية والحملات
العسكرية هناك، والحصار الذي تفرضه "مليشيات" قبلية متحالفة مع "مرتزقة"
من جيش تحرير السودان، حسب البيان.
حماية دولية
وطالب الأعضاء المجتمع الدولي بالتدخل وحماية المدنيين هناك، ومنع هذا
التشويه الممنهج لمكون التبو، وكذلك مطالبة البعثة الأممية في ليبيا بتحديد موقفها
من المعارك ضد أبناء الجنوب، التي وصلت إلى مرحلة التطهير العرقي"، حسب وصفهم.
وهدد النوب بالتصعيد لأعلى مستوى في حال عدم الاستجابة لهم، ونبهوا إلى
أنهم سيسلكون كل السبل للدفاع عن النفس، ومنع الحملة الممنهجة ضد أبناء مكونهم.
"لاجئون
تشاديون"
من جهته، أوضح وزير الدفاع الليبي السابق، محمد البرغثي، أن "التبو
الموجودين في الجنوب الليبي في منطقة "القطرون" هم من ثلاث عائلات، ولا يزيدون
على ألفي نسمة، لكن بعد حرب تشاد وتسليم قرية "أوزو" لتشاد رحل معظم السكان إلى منطقة "أم الأرانب" ومنطقة "مرزق" بالجنوب الليبي، وهم ليسوا
ليبيين، لكنهم لاجئون تشاديون"، حسب معلوماته.
وأضاف في تصريحات لـ"عربي21": "استمرت معاملة هؤلاء كـ"ليبيين"، ومن ثم شاركوا في الانتخابات البرلمانية، والأعضاء الذين قاموا بتعليق عضويتهم هم يمثلون
هذه الشريحة".
تدخل عاجل "للوفاق"
ورأى الصحفي والمحلل السياسي من الجنوب الليبي، السنوسي إسماعيل الشريف، أن "العمليات العسكرية التي يقوم بها حفتر دون علم ولا إشراف المجلس الرئاسي
تسببت في إشكالية قبلية وحساسية مكون "التبو" تجاه قبيلتي أولاد سليمان والزوية
المتحالفتين مع حفتر".
وأشار في تصريح لـ"عربي21" إلى أن "الحرب معلنة تحت شعار
مكافحة مجموعات تشادية، ونتيجة التداخل الإثني والعرقي بين التبو الليبيين والتشاديين
فستكون أي حرب هي بمثابة حرب على مكون التبو، لذلك يجب اعتماد سياسة أمنية وعسكرية
توافقية تحت سلطة حكومة الوفاق".
وأوضح أن "هذه السياسة الأمنية ستجنب أي استهداف لمكون أو قبيلة
أو مدينة، وذلك لتخفيض التوتر الناجم عن التصعيد المتبادل بين الطرفين، الذي قد يتسبب في حرب طويلة طاحنة تضر بالشعب الليبي، وسيعقّد المسألة الليبية الجنوبية، ويضر ضباط
الجيش الليبي، ويتسبب في جرهم للمحاكم الدولية".
"كشف
المستور"
رئيس مؤسسة "ليبيا للإعلام"، نبيل السوكني، قال إن "تعليق
نواب التبو عضويتهم جاء كون الحرب اقتربت من مكان تمركز هؤلاء في مدينة مرزق التي سيطرت
عليها هذه القبيلة بعد الثورة الليبية بمساعدة المعارضة التشادية، وأعتقد أنه إذا اقتربت
الحرب من هذه المدينة فسوف تكون كارثة في عدد القتلى".
وأوضح أن "نواب التبو يعلمون أن دخول مرزق سوف يكشف المستور والكثير
من العصابات الموجودة هناك، والغطاء الوحيد لعدم معرفة هذا الأمر هو الحماية الدولية
بحجة حماية المدنيين"، حسب تصريحاته لـ"عربي21".
حفتر يواجه مناصريه
وقالت الناشطة الليبية، هدى الكوافي، إن "من حق نواب التبو أن يعلقوا
عضويتهم، فهم جزء من المكون الاجتماعي للجنوب الليبي، كما أنهم شاركوا في حرب بنغازي
ضد الجماعات "الإرهابية"، ودفعوا دما مقابل هذا"، وفق تعبيراتها.
وتابعت لـ"عربي21": "كان أولى بالمشير حفتر أن يدعم أبناء
الجنوب في فرض السيطرة على مناطقهم عن طريق دعم أبناء المؤسسة العسكرية، ودعم جهاز الشرطة
هناك، دون أن يدخل في مواجهة مع أي مكون، ويكون بذلك خلق حتى مناصرين له من المناوئين
له، لكنه للأسف دخل في مواجهة مع الكل ومنهم مناصروه".
وأشار الناشط السياسي الليبي، خالد الغول، إلى أنه "في ظل شح المعلومات
الواردة عن الجنوب يصعب معرفة الوضع الحقيقي هناك، لكن نتوقع وقوع أي تصفية عرقية أو مذهبية من أجل تحقيق حلم حفتر بالسيطرة
والحكم"، مضيفا لـ"عربي21": "خصوصا مع وجود مخطط العراب الفرنسي
وغيره، فهم لن يخسروا أي شيء، لكن ليبيا هي التي ستخسر المزيد من تمزق نسيجها الاجتماعي
والجغرافي".
اقرأ أيضا: اشتباكات بين مليشيات حفتر والتبو في مرزق جنوب غرب ليبيا
ما علاقة زيارة نتنياهو لتشاد بمعارك الجنوب الليبي؟
بعد اشتباكات طرابلس.. وزير الداخلية يلتقي سفراء غربيين
ليبيا.. انتخابات الرئاسة توسع الهوة بين سلامة وحفتر