نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا للكاتب روجر كوهين، يعلق فيه على هزيمة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، وفشلها في تمرير خطتها لخروج بلادها من الاتحاد الأوروبي.
ويدعو كوهين في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى عقد استفتاء ثان، قائلا: "اعقدوا استفتاء ثانيا"، مشيرا إلى أن النقاش الذي ظهر حول الخروج أشار إلى حقيقة واحدة وهي أنه مضر بمصالح الأمن القومي البريطانية.
ويبدأ الكاتب مقاله بالقول: "أي ديمقراطية لا تغير رأيها لا تعد ديمقراطية، فالناس قد يفعلون هذا عندما تقدم لهم الصورة الكاملة بدلا من الصورة الجزئية أو المشوهة".
ويقول كوهين إن "بريطانيا احتاجت 30 شهرا لتكتشف الفرق بين (البريكسيت الفنتازية) و(البريكسيت الحقيقية)، والفرق واضح جدا؛ لأن النقاش المر استهلك السياسات كلها على حساب أي سياسة أخرى".
ويشير الكاتب إلى أن "النقاش الأول كان هو أن بريطانيا في عام 2016 تم تغذيتها بالأكاذيب لتترك الاتحاد الأوروبي، وجاء الثاني بعد فترة من تعلم بريطانيا مبادئ العضوية البريطانية في الاتحاد الأوروبي وما تحققه لها، وجاء يوم الثلاثاء في الهزيمة الساحقة لخطة ماي للخروج، التي صوت ضدها 432 نائبا مقابل 202".
ويؤكد كوهين أن "هزيمة ماي لم تكن تصويتا من أجل البقاء في الاتحاد الأوروبي، وعبرت عن غضب على طول الخطوط الأيديولوجية التي وحدت نواب حزب المحافظين الذين أرادوا الخروج الكامل من الاتحاد الأوروبي، وبقية النواب الذين يريدون البقاء في المنظومة الأوروبية التي تضم 28 دولة".
ويرى الكاتب أنه "علاوة على هذا كله، فإن النقاش عكس حالة التشوش وعجز ماي أو أي شخص آخر عن تقديم أي حل مقبول، دون أن يؤدي إلى خلافات ونقاشات".
ويلفت كوهين إلى أن "التصويت بغالبية ساحقة يعد أكبر هزيمة لماي تحصل لرئيس وزراء بريطاني في التاريخ الحديث، ما يعني أن بريطانيا لن تكون قادرة على الوفاء بموعد 29 آذار/ مارس، ويجعل هذا التصويت من إمكانية عقد استفتاء ثان أمرا محتملا".
وتورد الصحيفة نقلا عن المؤرخ البريطاني تيموتي غارتون آش، قوله في تغريدة بعد التصويت: "هذا يزيد من فرص هاشتاغ تصويت الشعب وبقاء بريطانيا حيث تنتمي…في أوروبا".
وينوه الكاتب إلى أن "المقاومة لعقد تصويت ثان لا تزال شرسة، وقيل لنا إن ذلك سيقسم بريطانيا إلى نصفين ولأجيال قادمة، وسيؤدي إلى سقوط دماء في الشوارع، ويعني أن إرادة الشعب لا قيمة لها، بل سيدمر الديمقراطية البريطانية".
ويعلق كوهين قائلا: "لكن بريطانيا منقسمة بطريقة أو بأخرى، ولم تتعاف بعد، وصوتت في عام 2016 على اعتقاد مصطنع سوق له أمثال وزير الخارجية السابق بوريس جونسون، وما هو على المحك هو توجه البلد لعقود قادمة، ومن الأفضل التصويت على الخروج البريطاني بناء على الحقائق بدلا من الفنتازيا".
ويشير الكاتب إلى أن استطلاعات الرأي الأخيرة تظهر أن المواطنين البريطانيين يدعمون استفتاء ثانيا، الذي إن تم عقده فإنه سيتم إلغاء القرار الأول كله، لافتا إلى أن "دولا، مثل إيرلندا والدانمارك، صوتت على معاهدات مع الاتحاد الأوروبي وألغت النتائج السابقة، ولا تزال كلاهما ديمقراطيتين مهمتين كما نرى ونعرف، وعادة ما (يغير الناس مواقفهم ويعيشون) والطريق من هنا إلى استفتاء ثان واضحة، وخطها ليس مستقيما، لكن مسارها واضح".
ويرى كوهين أن "نقاش سحب الثقة الذي قدمه زعيم العمال جيرمي كوربن إن نجح فإنه سيؤدي إلى انتخابات جديدة، مع أن الغالبية المحافظة في البرلمان لن تسمح به، وفي نهاية الأسبوع ستبدأ المناورات لمواجهة 10 أسابيع باقية على الموعد النهائي في 29 آذار/ مارس".
ويبين الكاتب أن "على خلفية المناورات هناك ما قاله الاتحاد الأوروبي بأن أي صفقة سيقبلها هي تلك التي ستتقدم بها ماي، والاتفاق الذي تقدمت به كان سيترك بريطانيا داخل السوق الأوروبية الواحدة لحين التوصل إلى ترتيب العلاقة التجارية بين الطرفين، وهذا يعكس اعتراف ماي بأن الخروج دون اتفاقية سيكون كارثيا من الناحية الاقتصادية، لكن التنازلات التي قدمتها ماي أزعجت المحافظين المتشددين في حزبها، وأدت إلى استقالة وزيرين مكلفين بملف البريكسيت".
ويلفت كوهين إلى أن "كلفة الطلاق التي قدمتها خطة ماي المرفوضة تبلغ 50 مليار دولار، أو كلفة ثمانية جدران لترامب. ويدعم حزب العمال، وليس جريمي كوربين، البقاء في الاتحاد الأوروبي، وربما غير كوربين موقفه في حال عدم توفر خيار جيد".
ويقول الكاتب إن بريطانيا تظل ديمقراطية برلمانية، مشيرا إلى أن رئيس منظمة "تصويت الشعب" هيوغو ديكسون قد كتب في الصحيفة الفرنسية "لوموند"، قائلا: "يجب على البرلمان إقرار قانون جديد يسمح بالاستفتاء أو بالطريقة الصعبة، أي إجباره على غير رغبة منها" أي ماي.
وأخبر ديكسون الكاتب أن معسكر البقاء يجب أن يركز في الاستفتاء الثاني على الموضوعات التي أدت إلى القرار الأول، وهي الهجرة والمجالات التي حرمت بريطانيا من الاستثمارات، والعجز في الخدمات الوطنية، لافتا إلى أن الاتحاد الأوروبي لم يتسبب بأي من هذه المشكلات، وقال: "يجب معالجة هذه المشكلات من خلال أوروبا، ودعم الاقتصاد بقرار البقاء، وأجندة ليست معنية بشكل دائم بالبريكسيت".
ويختم كوهين مقاله بالقول: "لا توجد حلول جيدة للمأزق الحالي، إلا أن استفتاء ثانيا هو الأقل سوءا، والنقاش كله ظل يدور حول حقيقة واحدة عنيدة: البريكسيت يضر بمصالح الأمن القومي، ولن تؤدي أي صفقة لجعله جيدا، وحاولت ماي وفشلت، وللبريطانيين، خاصة الشباب، الحق في تقرير مستقبلهم على المدى البعيد وبناء على الواقع".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
هكذا قرأت "واشنطن بوست" هزيمة ماي أمام البرلمان
ماذا ينتظر بريطانيا بعد رفض "العموم" اتفاق البريكست؟
الغارديان: تصويت البرلمان ضربة قاصمة لماي.. ماذا بعد؟