نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا مشتركا لكل من ميغان سيكيا وأرلان يوهاس، يقارنان فيه بين خطابين، ألقى الأول قبل عقد من الزمان رئيس أمريكي، والثاني ألقاه يوم الخميس وزير خارجية أمريكي.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن خطاب مايك بومبيو في الجامعة الأمريكية، حدد فيه أهداف الإدارة الأمريكية لدونالد ترامب، التي جاءت على تناقض مع خطاب الرئيس باراك أوباما في عام 2009 في جامعة القاهرة.
ويلفت الكاتبان إلى أن بومبيو حمل الإدارة السابقة مسؤولية "سوء فهم رئيسي"، الذي "أثر وبشكل خطير على حياة مئات الملايين في مصر والمنطقة"، مشيرين إلى أن خطاب أوباما كان صورة معاكسة لخطاب بومبيو في القاهرة.
ويقارن الكاتبان بين ما جاء في الخطابين على النحو الآتي:
أولا: بداية جديدة
قال أوباما: "جئت إلى هنا باحثا عن بداية جديدة بين الولايات المتحدة والمسلمين حول العالم"، وكان موضوعا أصبح مركز رسالته للشرق الأوسط، وكانت سياسته تقوم على "الاعتراف بالماضي، والعمل على أهداف مشتركة تقوم على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل".
وقال الرئيس السابق: "كان التاريخ الإنساني هو سجل لإخضاع الشعوب والقبائل بعضها البعض لخدمة مصالحها، ومع ذلك وفي هذا العصر فإن مواقف كهذه تعد هزيمة للذات، وبموجب صلاحيتنا والنظام العالمي الذي يرفع من قيمة الأمة والجماعة، فإن الناس حول العالم سيفشلون حتما".
وبالمقارنة، فإن بومبيو هاجم الإدارة السابقة و"ترددها في استخدام تأثيرنا"، وأكد أنه في ظل إدارة أوباما، فإن الولايات المتحدة "كنا ننظر لأنفسنا على أننا قوة لما تعانيه منطقة الشرق الأوسط"، ووعد قائلا: "الآن نحن أمام بداية جديدة، وفي 24 شهرا فقط أكدت الولايات المتحدة في ظل الرئيس ترامب دورها التقليدي بصفتها قوة للخير في المنطقة، وتعلمت من أخطائها".
ثانيا: إسرائيل والدولة الفلسطينية
دعم أوباما حل الدولتين, وأكد العلاقة التي "لا تنكسر" مع إسرائيل، في الوقت الذي شجب فيه سياساتها، التي قال إنها قوضت الجهود لحل واحد من أكبر النزعات المستعصية في العالم.
وقال أوباما: "يجب ألا يكون هناك أي شك، فالوضع الذي يعانيه الشعب الفلسطيني لا يمكن التسامح معه، ولن تدير أمريكا ظهرها للتطلعات الفلسطينية المشروعة وللكرامة، وفرصة إقامة دولة لهم"، وأضاف: "يجب على إسرائيل الاعتراف بأن حق إسرائيل في الوجود لا يمكن إنكاره، وكذلك حق الفلسطينيين".
وفي المقابل لم يقل بومبيو إلا القليل عن العملية السلمية، ولم يذكر حل الدولتين، مشيرا إلى أن "إدارة ترامب ستواصل أيضا الضغط باتجاه سلام دائم بين إسرائيل والفلسطينيين"، واحتوى الخطاب على رسائل دعم لإسرائيل، قائلا: "لقد التزمنا بكلمتنا، فقد وعد ترامب في حملته الانتخابية بالاعتراف بالقدس -كونها مقرا للحكومة الإسرائيلية- عاصمة للشعب، وفي أيار/ مايو نقلنا السفارة الأمريكية، وتحترم القرارات تشريعا أصدره الحزبان في الكونغرس منذ أكثر من عقدين".
ثالثا: التعاون مع إيران
فتح أوباما الباب أمام المحادثات مع إيران في عام 2009، واعترف "بالتاريخ المضطرب"، وناقش في أن التعاون مع طهران هو في مصلحة المنطقة، "بدلا من أن نظل أسرى الماضي أوضحت للقادة الإيرانيين والشعب الإيراني أن بلادي جاهزة للتقدم أماما، والسؤال الآن ليس ما تعارضه إيران، بل المستقبل الذي تريد بناءه".
أما بومبيو فركز معظم خطابه على إيران، وانتقد أوباما واستعداده للتفاوض مع القادة الإيرانيين، وقال: "رغبتنا للسلام بأي ثمن دفعتنا لعقد صفقة مع إيران عدونا المعروف"، وقال إن "العقوبات الاقتصادية الأمريكية ضد النظام هي الأشد في التاريخ، وسنواصل التشدد حتى تتصرف إيران بصفتها دولة طبيعية".
رابعا: مواجهة الإرهاب
لم يستخدم أوباما كلمة الإرهاب أو إرهابي، وفضل استخدام "التطرف العنيف" لوصف الجماعات المتشددة، التي تنفذ هجمات باسم الإسلام، وقال: "أمريكا ليست ولم تكن في حرب مع الإسلام ".
وفي المقابل، فإن بومبيو وصف تعريف أوباما لهذه الجماعات بأنه "خطأ خطير في الحكم" أدى إلى انتشار تنظيم الدولة في العراق وسوريا، وقال: "واجهت أمريكا الواقع القبيح للإسلامية الراديكالية.. قمنا وبخطورة بإساءة تقدير تصميم ووحشية الراديكالية الإسلامية، وهي نزعة فاسدة من الدين تريد تحطيم أي شكل من العبادة والحكم".
خامسا: الديمقراطية وحقوق الإنسان
حاول أوباما أن يمشي بحذر بين دعمه للديمقراطية ودعم القادة الشموليين، وأكد أهمية حرية التعبير وحكم القانون وحقوق المرأة والتسامح الديني، وقال: "لا يجوز لأي أمة أن تفرض نظاما من الحكم على دولة أخرى، وهذا لا يقلل من التزامي تجاه الحكومات التي تعكس إرادة الشعب"، وأضاف: "كل أمة تعطي الحياة لهذا المبدأ بطريقتها، وبناء على تقاليد شعبها، ولا تفترض أمريكا أنها ألأفضل تماما كما نفترض القبول بنتائج انتخابات سلمية".
سادسا: تاريخ غير جيد
اعتبر أوباما العراق بأنها حرب اختيار، واعترف بدور أمريكا في الإطاحة بحكومة إيرانية منتخبة، واعتبر أن الحرب الباردة والاستعمار حرما الدول ذات الغالبية المسلمة من الحقوق والفرص.
واتخذ بومبيو الاتجاه المعاكس، فأعلن قائلا: "لقد مضى زمن العار الأمريكي المضر بالنفس، ومعه السياسة التي أنتجت عذابات غير ضرورية"، وأضاف: "أمريكا هي قوة للخير".
سابعا: استخدام الدين
استشهد أوباما في خطابه بالقرآن والإنجيل والتلمود وكلمات عربية، واعتبر الإسلام مثل المسيحية واليهودية، يدعو للتسامح وليس دين عنف، وقال: "هناك قاعدة تقع في قلب كل دين، وهي أننا نعامل الآخرين كما نعامل أنفسنا، وهذه القاعدة تسمو على الشعوب والأمم، وهو اعتقاد غير جديد، وهي ليست سوداء أو بيضاء أو بنية، وليست مسيحية، مسلمة أو يهودية".
وفي المقابل بدأ بومبيو الإنجيلي بالإشارة إلى معتقده، وانتقد أوباما الذي اتهمه بأنه "كان راغبا باسترضاء المسلمين لا الأمم"، و"تجاهل التنوع الثري في الشرق الاوسط".
ثامنا: الانسحاب العسكري
كانت النقطة المشتركة بين بومبيو وأوباما هي خطة سحب القوات الأمريكية، ففي عام 2009 ركز أوباما على سحب القوات من العراق وأفغانستان، ومرحلة انتقالية لدعم القوات المحلية، وقال: "لدى أمريكا مسؤولية مزدوجة، مساعدة العراقيين لتوطيد مستقبل أفضل، وترك العراق للعراقيين، وكنت واضحا مع الشعب العراقي بأنه لن نواصل الاحتفاظ بقواعد أو أي قوات على أراضيهم، فالسيادة العراقية هي خاصة بهم"، وأضاف: "يجب ألا تخطئ، فنحن لا نريد الحفاظ على قواتنا في أفغانستان، ولا الحفاظ على قواعد فيها".
وركز بومبيو على قرار ترامب الخروج من سوريا، قائلا: "لقد اتخذ الرئيس ترامب قرارا لإعادة قواتنا من سوريا.. لكن هذا لا يعد تغييرا في المهمة، فسنواصل التزامنا بتفكيك تنظيم الدولة والتهديد المتواصل من الراديكالية الإسلامية في أشكالها كلها، وكما قال الرئيس ترامب فنحن نتطلع لشركائنا لبذل المزيد من الجهود".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
فورين بوليسي: مات خليفة مرشد إيران المحتمل فمن سيخلفه؟
WP: تزايد المخاوف من عودة تنظيم الدولة في العراق
جيروزاليم بوست: لماذا يجتذب شرق سوريا اهتمام الجميع؟