عاد الجدل من جديد بشأن توتر
العلاقات بين جمهورية
إيران وحركة
فتح، بعد تصريحات عضو اللجنة المركزية للحركة،
عباس زكي، لقناة الميادين في 24 من الشهر الجاري التي قال فيها إن "إيران هي البلد الأصدق في الانتصار لفلسطين، وهي ليست لفصيل واحد بل لكل
الفلسطينيين".
حركة فتح بدورها سارعت إلى إصدار بيان عبر وكالة الأنباء الرسمية (وفا)، قالت فيه إن "التصريحات التي أدلى بها زكي لا تعبر مطلقا عن الحقيقة، ولا عن موقف القيادة الفلسطينية، وإن زكي يمثل نفسه في هذا التصريح"، وأضاف البيان أن "إيران دعمت طيلة السنوات الماضية فصيلا أو أشخاصا على حساب الشعب الفلسطيني، ولم تقدم شيئا بالطرق الرسمية".
يتزامن هذا الجدل بشأن علاقة فتح بإيران بعد اتهام عضو اللجنة المركزية لفتح عزام الأحمد لإيران في 27 من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بأنها تمول الانقسام، من خلال دفع الأموال لحركة حماس في غزة، ردا على البيان الختامي لمؤتمر الوحدة الإسلامية والتي أعلنت من خلاله إيران تبنيها لعوائل شهداء وجرحى مسيرات العودة في غزة.
حاولت "
عربي21" التواصل مع عباس زكي، ولكنه رفض التعليق على هذا الموضوع دون إبداء الأسباب لذلك.
دور مشبوه
في المقابل رأى أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح، ماجد الفتياني، أن "الدور الإيراني المشبوه في القضية الفلسطينية مرفوض بالنسبة لحركة فتح، لعدة أسباب أولها رفض السلطة الفلسطينية لمبدأ التدخل الخارجي الذي تقوده إيران في المنطقة، وفي الحالة الفلسطينية تقوم إيران بتعزيز هذا التدخل من خلال دعم فصيل سياسي على حساب الآخر، كما أنها تقوم بتهريب الأموال إلى حركة حماس في غزة بطرق جانبية دون المرور بالقنوات الرسمية، وهذا يعد انتهاكا للسيادة الفلسطينية".
وأضاف الفتياني لـ"
عربي21": "تحاول إيران استغلال القضية الفلسطينية في تنفيذ أجندات سياسية مرتبطة بمصالحها، وهي تتمثل في إجبار الفلسطينيين على التعبير عن تضامنهم معها بحجة عدائها لإسرائيل، أو من خلال الضغط على أحزاب سياسية في الساحة الفلسطينية لإصدار موقف المساند لها على حساب دول الخليج العربي، ونحن في حركة فتح نرفض أن نكون أداة سياسية يتم توظيفها والتحكم بها لإحداث شرخ في العلاقات التي تجمعنا مع الدول الصديقة".
وشهدت العلاقات بين فتح وإيران توترا خلال السنوات الماضية، وصل حد التراشق الإعلامي ووصل إلى ذروته عندما اتهم مساعد وزير الخارجية الإيراني حسين شيخ الإسلام، في 30 من نيسان/ إبريل 2017، السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس بأنها ترتكب إجراما بحق قطاع غزة بإيعاز أمريكي وإسرائيلي لتطويعها. وأضاف أن السلطة تشن حربا بالوكالة ضد قطاع غزة، وهذا ما جعلها سيفا مسلطا على رقاب أبناء شعبها.
اقرأ أيضا: هجوم إيراني حاد على محمود عباس.. والسلطة ترد
ورد الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة بأن تصريحات شيخ الإسلام تعد تطاولا على شخص الرئيس وهي تصريحات مرفوضة وغير مسؤولة، متهما إيران بأنها هي التي ساهمت في استمرار الانقسام الفلسطيني.
انقسام فتح
من جانبه أشار أستاذ الإعلام في جامعة بيرزيت، نشأت الأقطش، إلى أن "حركة فتح ليست على قلب رجل واحد في ما يخص مواقفها السياسية ومنها العلاقة مع طهران، فمن جهة يتبنى بعض القيادات المؤسسة للحركة كعباس زكي وناصر القدوة، مواقف لا تنسجم مع الخط السياسي للرئيس محمود عباس، وهذا يكمن في سببين: الأول مرتبط بابتعاد هذه القيادات عن مواقع السلطة والحكم، وهي بذلك لا تعلم خفايا ما يدور في الكواليس من صفقات سياسية، والسبب الثاني هو أن جزءا من هذه القيادات ما زال يتحدث بلغة الجيل القديم الذي ينادي بالثورة ومد يد العون لأي دولة تبدي موقفا رافضا لوجود إسرائيل".
وأضاف الأقطش لـ"
عربي21": "قد يكون إسراع حركة فتح لنفي ما جاء من تصريحات لعباس زكي مرتبط بموقف السلطة التي ترغب في توطيد العلاقات مع السعودية حتى لو كان ذلك على حساب دول عربية بما فيها قطر، كون السعودية باتت الأن أكثر المساهمين الماليين في دعم خزينة السلطة، وقد مثل هذا الدعم طوق النجاة بالنسبة لها بعد قرار الإدارة الأمريكية قطع كافة مساعداتها عن الفلسطينيين".
في حين أشار الكاتب والمحلل السياسي، ذو الفقار سويرجو، أن عباس زكي هو من أكثر الشخصيات التي ترفض السياسات العامة التي تسير عليها السلطة وحركة فتح على حد سواء، وقد عبر عن ذلك برفضه لما جاء في اتفاق أوسلو، وتحفظه على سياسة التنسيق الأمني، وتأييده للمقاومة، وتحييد مخيمات اللجوء في لبنان عن أي صراع داخلي، وكأنه يغرد خارج السرب عن المزاج العام للحركة.
وأضاف سويرجو لـ"
عربي21" أن هنالك حسابات سياسية وخطوطا حُمرا لا يمكن للسلطة الفلسطينية أن تقترب منها، ومن أبرزها الإشادة بالعلاقات مع إيران، وذلك خشية اتهامها من قبل المجتمع الدولي بأنها تتلقى أموالا من دولة تدعم الإرهاب كما هو الحال مع حركة حماس أو الجهاد الإسلامي.