إسقاط جنسية حفيدة "نسيم قلب الأسد" يثير مخاوف المصريين

أثار قرار وزارة الداخلية المصرية بإسقاط الجنسية عن ياسمين هشام حفيدة رجل المخابرات المصري الشهير محمد نسيم، لتجنسها بالجنسية الإسرائيلية، موجة من الغضب والقلق بين الخبراء والمختصين الذين حذروا من التوغل الإسرائيلي في أهم جهاز أمني بمصر.

وبحسب بيان الداخلية، فإن ياسمين مولودة في 22 أكتوبر/تشرين الثاني 1997 لأم إسرائيلية، وتحمل جواز سفر إسرائيلي، وببلوغها سن الـ21 يتم إسقاط الجنسية عنها.

وتعود قصة ياسمين لتعرف والدها على فتاة إسرائيلية تدعى فيرد ليبوفيتش، خلال عملها معه بالمنتجع السياحي الذي يمتلكه بطابا، وتزوجها واستقر بها في إسرائيل، لتولد ابنته هناك وتحصل على الجنسية بشكل طبيعي ارتباطا بأمها، وتكون حديث الرأي العام الإسرائيلي وقتها.

وفي 2009 عاد هشام ليستقر بالقاهرة، معلنا أن زوجته أشهرت إسلامها، وأن ابنته على دين الإسلام، و أن زواجه كان غلطة في حق والده، ولكن ابنته لا ذنب لها في ذلك.

وتعود شهرة جد ياسمين للمسلسل الشهير "رأفت الهجان" والذي كشفت المخابرات المصرية أن الشخصية الحقيقية التي لعب دورها الممثل نبيل الحلفاوي "نديم قلب الأسد" هو رجل المخابرات القوي محمد نسيم، الذي يعد أحد مؤسسي جهاز المخابرات المصرية مع صلاح نصر في العهد الناصري، وأطلقت الحكومة المصرية اسمه على الشارع الذي تقع فيه السفارة الإسرائيلية بالجيزة تخليدا لبطولاته.

ويؤكد الباحث بشؤون الأمن القومي عادل الوكيلي لـ "عربي21" أن قصة ياسمين ليست جديدة، وسبق أن كانت حديث الرأي العام المصري قبل عشرين عاما، ولكن السلطات المصرية أغلقت الملف لعدم تشويه سمعة جهاز المخابرات، وفصلت الجرم الذي قام به هشام نسيم عن بطولات والده رجل المخابرات الشهير.

ويوضح الوكيلي أن جهاز المخابرات المصرية شهد حالة من التراخي في ما يتعلق بالتعامل مع إسرائيل بعد توقيع معاهدة السلام وانسحاب إسرائيل من طابا وسيناء، حيث لجأت السلطات المصرية لإسناد المهام المدنية في هذه الأماكن لرجال المخابرات والجيش السابقين باعتبارهم الأكثر قدرة على مواجهة ألاعيب الموساد الذي كان يتخذ من القرى السياحية بجنوب سيناء نقاط ارتكاز لتجنيد العملاء والجواسيس.

وحسب الوكيلي، فإن محمد نسيم نفسه بعد ترك الخدمة في المخابرات لبلوغه سن المعاش، تم تعيينه رئيسا لهيئة تنشيط السياحة لجنوب سيناء، موضحا أن هذه السياسة كانت لها نتائج سلبية، سواء على القيادات السابقة في الجيش أو أبنائهم الذين استقروا معهم في مشروعاتهم السياحية بهذه المنطقة المكتظة بالإسرائيليين من كل صنف.

ويشير الباحث في الأمن القومي إلى أن الفترة التى تولى فيها عمر سليمان رئاسة المخابرات العامة، كانت بمثابة الفترة الذهبية لتطبيع العلاقات بين الأجهزة الأمنية المصرية والإسرائيلية، لمواجهة حماس والمقاومة الفلسطينية، ولتنفيذ المخطط الإسرائيلي بالتوغل في سيناء عن طريق السياحة والصناعة، وفي إطار تبادل المعلومات حول الشخصيات الإسلامية بحجة مقاومة الإرهاب.

ويستبعد الوكيلي أن يكون الموساد الإسرائيلي اخترق المخابرات المصرية، ولكنه استغل وجود عمر سليمان ومن خلفه حسني مبارك في الوصول لشراكة مع مسؤولين مدنيين وعسكريين والسيطرة على أبنائهم بطرق مختلفة، مشيرا لما كتبه كرم جبر رئيس الهيئة الوطنية للصحافة حاليا، ورئيس تحرير مجلة روزاليوسف السابق وأحد المقربين من المخابرات المصرية، تعليقا على زواج هشام نسيم من إسرائيلية بأنها كانت محاولة من الموساد لاختراق عائلة رجل المخابرات الشهير.

ووفقا لحديث الباحث السياسي أحمد الشافعي لـ"عربي21" فإن الشعب المصري كان يتعرض لخدعة كبيرة عن فكرة الوطنية والوكلاء المتعلقة بالقيادات العسكرية والأمنية، موضحا أنه في الوقت الذي رفض فيه الوزراء المدنيون بوزارة الخارجية المصرية التوقيع على اتفاقية السلام مع إسرائيل، كان العسكريون هم البديل الجاهز، وحتى في الفترة الأخيرة، فإن ما قدمه العسكريون المصريون لصالح إسرائيل لا يعادله أي شيء آخر.

ويضيف الشافعي أن المتعارف عليه أن الرئيس الأسبق حسني مبارك لم يزر إسرائيل مطلقا، بينما الحقيقة أن ثورة يناير كشفت أنه زار إسرائيل سرا عدة مرات، وحضر العديد من المناسبات الخاصة بإيهود أولمرت وإيهود باراك وبنيامين بن أليعاز وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق الذي كان أكثر المقربين لمبارك ولذلك وصفه أليعازر بالكنز الاستراتيجي بعد رحيله في 2011.

ويضيف الباحث السياسي أن السيسي نفسه كان يشارك في ترتيب زيارات مبارك السرية لإسرائيل خلال عمله رئيسا للمخابرات الحربية، ولذلك لم تجد إسرائيل معاناة في إيجاد حليف وشريك قوي لها يخلف مبارك، ويقضي على ثورة يناير 2011.

ويؤكد الشافعي أن الحكومات المصرية في عهد مبارك كانت مليئة بوزراء وقيادات مرتبطة بإسرائيل، كان بمقدمتهم يوسف والي وزير الزراعة والأمين العام للحزب الوطني الحاكم، بالإضافة لمعظم العاملين بقطاعات السياحة والصناعة، والأغلبية العظمى من أصحاب القرى السياحية الموجودة بجنوب سيناء ومعظمهم من رجال المخابرات والجيش السابقين.