كشف وكيل وزارة الاقتصاد الوطني في غزة، أيمن عابد، خلال لقائه بوفد من غرفة التجارة والصناعة، أن وزارته وضعت سياسات عامة لتنظيم التجارة بين غزة ومصر ستتم ترجمتها على أرض الواقع خلال الأسابيع القادمة.
وشهدت الأسابيع الأخيرة زيارات مكثفة لمسؤولين في وزارة الاقتصاد والمالية من غزة إلى القاهرة، للتباحث بشأن تنظيم التجارة بين غزة ومصر، وتذليل العقبات أمامها.
ولا يتردد المسؤولون الحكوميون في غزة في إبداء رغبتهم في توسيع العلاقات التجارية مع مصر، لتكون بديلا عن الشراكة القائمة من طرف واحد مع إسرائيل من جهة، ومن جهة أخرى لمنع احتكار السلطة للإيرادات التي تقوم بتحصيلها من معابر القطاع والمعرفة (بالمقاصة)، والتي تقدر بنحو 130 مليون دولار شهريا تقوم باحتجازها دون تخصيصها للقطاع.
وكانت نقطة التحول في العلاقات التجارية بين مصر وحركة حماس التي تدير القطاع في 21 من حزيران/ يونيو 2017، حينما أدخلت السلطات المصرية أول شاحنة لنقل السولار المصري لمحطة توليد الكهرباء عبر معبر رفح الذي كانت تسيطر عليه حكومة حماس قبل تسليمه للسلطة في الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر من ذات العام.
واستمرت مصر بإدخال شاحنات البضائع والسولار للقطاع، عبر بوابة صلاح الدين وهي نقطة عبور لا تخضع للإجراءات الجمركية للسلطة الفلسطينية، وتقع على الشريط الحدودي بين مصر ورفح على بعد 4 كيلومترات من بوابة معبر رفح.
وشكك مراقبون تحدثوا لـ"عربي21" في جدوى تصريحات مسؤولي حكومة غزة بتوسيع العلاقات التجارية مع مصر لتكون بديلا عن الشراكة القائمة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.
صعوبات ومعيقات
وأكد مقرر اللجنة الاقتصادية والمالية في المجلس التشريعي، عاطف عدوان، أن "طبيعة العلاقات بين حماس ومصر قائمة على مبدأ المصلحة المشتركة بين الطرفين، ولكن في الوقت ذاته ندرك جيدا أن إدخال مصر شاحنات البضائع والوقود إلى غزة مرهونة بضغط من المجتمع الدولي للتخفيف من حدة الأزمة الإنسانية التي تعاني منها غزة، لأسباب سياسية وأمنية أبرزها منع انفجار الأوضاع في غزة ما قد يعيق مشاريع سياسات الدول الكبرى في المنطقة".
وأضاف عدوان في حديث لـ"عربي21": "لا نخفي رغبتنا في أن تتبنى مصر شراكة تجارية مفتوحة مع غزة وأن لا تكون مقتصرة على عدد من التجار الذين يقومون بالاستيراد من مصر بسبب عوائق قد تكون واجهتهم للاستيراد من الطرف الإسرائيلي، ولتطبيق ذلك نحتاج إلى قرار سياسي من مصر بالتعامل مع غزة بمبدأ الشراكة الحقيقية، وليست في نطاق التعامل الأمني التي تديرها المخابرات المصرية".
وتابع: "لا يمكن لمصر وفق المعطيات الحالية أن تكون بديلا تجاريا للطرف الإسرائيلي، ما لم تقم بخطوات عملية لذلك، فعلى سبيل المثال الكثير من السلع لا يمكن أن تبقى صالحة للاستخدام في حال قرر استيرادها من مصانع أو شركات في القاهرة بسبب طول المسافة التي تزيد على 400 كيلومتر، لذلك لا بد من تدشين منطقة صناعية مشتركة على الحدود لتوفير احتياجات القطاع من السلع والخدمات".
واتفق رئيس تحرير صحيفة الاقتصادية، محمد أبو جياب، مع سابقه، وأضاف أن "العلاقات التجارية بين مصر وغزة ليست واضحة وغير مبنية على أسس حقيقية لتطبيق أي تفاهمات قد يتم تنفيذها مستقبلا، وهذا الخطر قد يكون سببا في رفض التجار والشركات في غزة من المخاطرة بعلاقاتهم التجارية مع إسرائيل في سبيل إبرام أي صفقة تجارية قد تحمل مخاطر لهم في المستقبل".
وأضاف الخبير الاقتصادي في حديث لـ"عربي21" أن "أي علاقات تجارية تستند إلى أسس أبرزها أن تكون اتحادات التجارة والصناعة في حال تفاهم أو اتفاق على الأقل، وهذا ما لم ينطبق على الحالة بين غزة ومصر".
لا توجد بيانات لحجم التبادل التجاري بين مصر وغزة خلال هذا العام، ولكن تقديرات من القطاع الخاص تحدثت عن إدخال مصر لسلع ووقود لقطاع غزة بقيمة تقدر بـ30 مليون شيكل (9 ملايين دولار) من بوابة صلاح الدين التي لا تديرها حركة حماس.
تجارة من طرف واحد
من جانب آخر، أشار مدير العلاقات العامة في غرفة التجارة والصناعة بغزة، ماهر الطباع، أن "أي اتفاق لتوسيع حجم التجارة بين دولتين يجب أن يرافقه مجموعة من المعايير كوجود معبر مخصص لنقل البضائع والسلع لتخزينها، بالإضافة لسياسة جمركية وضريبية يتم الاتفاق على تفاصيلها، وهذا يحتاج إلى الكثير من الأشهر لإتمامها، كما أن الطرفين ( مصر وغزة) ليسا في حالة استقرار سياسية أو مالية يمكنها من اتخاذ قرار بتوسيع حجم التجارة بينهما".
وأضاف الطباع لـ"عربي21": "تحاول مصر أن تحتكر العلاقات مع غزة بأن تكون من طرف واحد، حيث لا تسمح بتصدير أي سلع من غزة للعالم الخارجي، وهي بذلك علاقات غير متكافئة ولا تتسم بالاستقرار المأمول".
ماذا طلبت "القسام" من مستوطني عسقلان قبل قصفها؟ (صور)
حماس تنظم فعاليات جماهيرية في لبنان تنديدا بالعدوان على غزة