أثارت التهديدات التي أطلقها المتحدث باسم اللواء الليبي، خليفة
حفتر بخصوص الانتخابات وموعدها تساؤلات حول علاقة هذه القوات بالعملية الانتخابية وتدخلها فيها، وما إذا كانت التهديدات تستهدف طرفا بعينه أم أنها إعلان معاداة للجميع.
فقد قال المتحدث باسم قوات حفتر، أحمد
المسماري، إن "القيادة العامة (التي يرأسها خليفة حفتر) لن تقبل بتأجيل جديد لموعد الانتخابات بعد آذار/ مارس المقبل، دون توضيح عن اختياره لهذا التاريخ تحديدا".
وأشار المسماري إلى أن "منصب القائد الأعلى، يجب أن يمنح لرئيس منتخب يستمد شرعيته من الشعب، لا من المجتمع الدولي"، في إشارة للمجلس الرئاسي الليبي وحكومته، وفق تصريحات صحفية.
تداخل عسكري
ورأى مراقبون أن "تصريحات حفتر المتكررة حول الانتخابات بداية من رفضها ثم تأييدها ثم تحديد موعد لها، يؤكد حالة التداخل العسكري في المسار السياسي، وأن الجنرال الليبي يريد إحداث ربكة في المشهد، وضغط على الجميع، يصل أحيانا للتهديد كما في تصريحات متحدثه الأخيرة".
ومن التساؤلات التي طرحتها التهديدات الأخيرة من معسكر حفتر: "ماذا إذا لم تتم العملية في التاريخ المحدد من قبله؟ ومن أين جاء "حفتر" بتاريخ آذار/ مارس بأنه موعد أخير للانتخابات؟".
"معطيات وشروط"
من جهته، أكد عضو المجلس الأعلى للدولة الليبي، إبراهيم صهد، أن "موعد الانتخابات تقرره معطيات عدة، وتشارك في تحديده الأجسام السياسية المنبثقة عن الاتفاق السياسي وتلك التي لا غنى عنها في إدارة العملية الانتخابية".
وأوضح في تصريحه لـ"
عربي21" أن "أهم هذه المعطيات، توفير الأمن للمرشح والناخب والصندوق والدائرة الانتخابية والمشرفين، والمشكلة التي يتجاهلها حفتر أن الأمن أصبح مفقودا في المنطقة الشرقية، بعدما أخضعها الأخير لحكم عسكري ديكتاتوري، وبعدما فقد السيطرة على مليشياته"، على حد قوله.
"إفلاس سياسي"
ورأى الباحث السياسي الليبي، علي أبو زيد، أن "حفتر وتياره يعاني من إفلاس سياسي، وافتقار للأدوات السياسية، خاصة بعد انتهاء الأعمال القتالية وحصر الرجل نفسه في الجانب العسكري والأمني، الذي يسعى أن يخلق منه سلطة موازية للسلطة الأمنية".
وأشار في تصريحات لـ"
عربي21" إلى أن "كلام المسماري يأتي في سياق استعراض القوة، وأن معسكر حفتر مازال قادرا على البقاء في المشهد، ولكن يبقى أقصى ما يمكن أن يحرزه هو المحافظة على سيطرته في الشرق، إلى حين حدوث تغير حقيقي في الموقف الدولي"، بحسب تقديراته.
شروط الانتخابات
في حين رأى المدون من
الشرق الليبي، فرج فركاش، أن "موعد الانتخابات لم يحدد بعد، وأنه مرهون بشروط وعوامل عدة، لم تتحقق حتى الآن، أولها الشروط التشريعية بسن القوانين اللازمة للأطر الدستورية سواء الاستفتاء على الدستور أو أطر دستورية أخرى وقوانين الانتخابات التي لم يتم البت فيها بعد".
وأضاف لـ"
عربي21": "لدينا الشروط الأمنية أيضا، التي تتحسن في بعض المناطق وتنفلت في أخرى، ثم الشروط السياسية، وهي تعهد الأطراف بقبول النتائج مسبقا، ولو فعلا أن المسماري يريد الانتخابات، فعليه أن يضغط ويطالب البرلمان بتنفيذ استحقاقاته التشريعية".
وتابع: "على المسماري أيضا وقواته أن يقدموا التنازلات المؤلمة لتوحيد السلطة المدنية الحالية المعترف بها دوليا ومن معظم البرلمان، والانضواء تحتها، والابتعاد عن الخوض في مستنقع السياسة، والتركيز على إنجاز وحدة المؤسسة العسكرية"، وفق قوله.
صراع على السلطة
بدورها، قالت الناشطة الليبية، هدى الكوافي إن "تصريحات المسماري تؤكد حالة الصراع على السلطة ورغبة العسكريين في الوصول إلى السلطة، والسؤال الذي يطرح نفسه ما علاقه المؤسسة العسكرية بالانتخابات؟".
وأوضحت لـ"
عربي21" أن "رغبة المؤسسة العسكرية في الحكم أصبح واضحا منذ مؤتمر "باليرمو" وتصريح "المشير" حفتر بعدم اعترافه بالقائد الأعلى عقيلة صالح، وتصريحات "المسماري" بعدم قبول أي تأجيل للانتخابات، ويغيب على المتصارعين أن ثمن الصراع هو دم أبناء الوطن وليس أبنائهم"، حسب كلامها.
إفشال العملية الانتخابية
وأشار الإعلامي الليبي، نبيل السوكني إلى أن "الهدف من تصريحات قوات حفتر، إثبات أنهم مع الديمقراطية والمدنية والانتخابات، لكنه من ناحية أخرى يهدد ويتوعد وهذه مفارقة غريبة، والسؤال ما علاقة العسكر بالعملية السياسية؟".
وحول البديل الذي يمكن أن يكون للانتخابات، قال السوكني لـ"
عربي21": "البدائل جاهزة فى المؤتمر الوطني الجامع الذي ترعاه الأمم المتحدة، أما تهديد "حفتر" المبطن أصبح واضحا للجميع بأنه سوف يقوم بإفشال الانتخابات على الأقل في الشرق الليبي".