بات مستقبل ما يعرف بـ"قوات
سوريا الديمقراطية (
قسد)"، القوات ذات الغالبية الكردية، على المحك، بعد إعلان الولايات المتحدة الداعمة لهذه القوات عن تخططيها لانسحاب كامل من سوريا بأسرع وقت ممكن.
وكان البيت الأبيض، أعلن أن أمريكا بدأت بإعادة القوات إلى الوطن، مع انتقالها للمرحلة التالية من الحملة ضد تنظيم الدولة، في حين أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قرار الانسحاب بشكل رسمي، وذلك بعد ساعات من حديث مسؤولين أمريكيين عن أن الولايات المتحدة "تبحث سحبا كاملا لقواتها من سوريا".
وقال ترامب في تسجيل فيديو بث على حسابه في تويتر: "الوقت قد حان لعودة الجنود الأمريكيين من سوريا، بعد سنوات على قتالهم تنظيم داعش".
وأضاف: "هزمنا داعش في سوريا وهذا كان سبب بقائنا هناك خلال فترة رئاستي، لقد انتصرنا... ودحرناهم وأنزلنا بهم هزيمة قاسية. لقد استعدنا الأرض"، مدافعا عن انتقادات قرار الانسحاب المفاجئ قائلا: "هذا هو التوقيت الصحيح لمثل هذا القرار".
وخلف ذلك، تساؤلات عدة عن مستقبل "قسد" والمناطق الخاضعة لسيطرتها في الشمال والشمال الشرقي السوري، وخصوصا في ظل الحديث عن عملية عسكرية جديدة ضد "الوحدات الكردية/قسد" شرق الفرات.
وفي رده على ذلك، أشار المحلل العسكري والاستراتيجي الأردني، اللواء فايز الدويري، إلى اشتراط الولايات المتحدة سحب قواتها بالقضاء على التنظيم شرق دير الزور، وهو الأمر الذي لم يتحقق بعد، معتبرا أن قرار الانسحاب لا زال محط سجال داخل أروقة القرار الأمريكي، مذكرا بتراجع ترامب عن تصريحات مماثلة، في وقت سابق.
وقبل أن يتطرق إلى مستقبل "قسد"، تساءل الدويري عن آلية الانسحاب، قائلا: "هل سيكون الانسحاب بشكل كامل، أم تدريجيا، من الشمال للجنوب، للسماح لتركيا بتنفيذ عملية عسكرية؟"، وأضاف أن "الصورة للآن غير واضحة".
وعن مصير "قسد"، قال في حديث خاص لـ"
عربي21": " لم تكن "قسد" أكثر من أداة آنية بيد الأمريكان لتحقيق غاية، متمثلة بقتال التنظيم، والأدوات غالبا ما ترمى في حال تحقيق الغرض منها، وهذا الأمر معروف منذ تشكيل هذه القوات".
وأضاف الدويري، أن على "قادة المليشيات الكردية العودة إلى رشدهم، فهم كانوا يطمحون للسيطرة على بادية الجزيرة السورية التي تشكل 27% من مساحة سوريا، والتي تحوي 1500 مدينة وبلدة، 1041 منها عربية، والعرب في هذه المناطق هم الغالبية".
وعن خيارات "قسد" في ضوء القرار الامريكي، قال إن "التحالف الحقيقي مع أبناء المنطقة من العشائر العربية، هو السبيل الوحيد لضمان مستقبل المنطقة".
ولم يذهب الخبير العسكري والاستراتيجي العقيد حاتم الراوي بعيدا عن الدويري، إذ اعتبر أن القرار الأمريكي في حال تم تنفيذه أو التراجع عنه، يعد إشعارا واضحا برفع اليد الأمريكية عن دعم "قسد".
وحول مصير الأسلحة التي سُلمت لـ"قسد"، رجح الراوي أن تقوم الولايات المتحدة بسحب الآليات الثقيلة، الأمر الذي سيجعل المليشيات الكردية دون حماية، وصيدا سهلا ولقمة سائغة أمام أي طرف مهاجم.
وقال، إن "الكل يعلم بالحجم الحقيقي لـ"قسد" في الجزيرة السورية، وشاهدنا كيف انسحبوا من عفرين المحصنة بالأنفاق".
ومنهيا حديثه لـ"
عربي21"، أضاف الراوي إن "مصير قسد كما شقيقتها داعش".
أما الباحث بالشأن السوري، أحمد السعيد، فرجح أن تسيطر تركيا على كامل الشريط الحدودي إلى جانب عمق قد يتجاوز ال20 كيلو متر، بينما يسيطر النظام على المدن الرئيسية الخاضعة لسيطرة قسد، (الرقة، القامشلي، الحسكة).
وأوضح لـ"
عربي21" أن النظام سيستفيد كثيرا من انسحاب الولايات المتحدة، وخصوصا أن ما يسمى بـ"الإدارة الكردية" هي تميل للوقوف إلى جانب النظام.
يذكر أن ما تعرف بـ"قوات سوريا الديمقراطية" كانت قد عبرت عن غضبها من القرار الأمريكي بسحب قواتها من سوريا.
ونقل المرصد السوري لحقوق الإنسان عن "مصادر قيادية" في "قوات سوريا الديمقراطية" قولها إن "انسحاب القوات الأمريكية في حال جرى، سيعد خنجرا في ظهر قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب الكردية".