نشرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية تقريرا تحدثت فيه عن وفاة ناشطة أمريكية من أصول سورية تدعى ليلى شويكاني كانت تعمل في مجال الإغاثة في سوريا، على يد نظام الأسد بعد ذهابها إلى سوريا سنة 2015 لمساعدة الأسر التي تعاني من ويلات الحرب. مع ذلك، لم يعلق البيت الأبيض على هذه الحادثة.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن والدي الضحية قد تلقيا منذ شهر أخبارا، كانا بانتظارها منذ سنتين، بأن ابنتهما البالغة من العمر 26 سنة، التي ولدت في مدينة شيكاغو، قد لقيت حتفها في سوريا.
تجدر الإشارة إلى أن شويكاني قد سافرت إلى البلاد خلال شهر أيلول/ سبتمبر من سنة 2015 بهدف مساعدة المواطنين السوريين هناك، لكنها تعرضت للاعتقال من قبل السلطات السورية بعد ستة أشهر من وصولها بتهمة ارتكابها جرائم إرهابية.
وذكرت الصحيفة أنه وفقا لجماعات حقوقية تتابع قضيتها، فقد أُعدمت شويكاني بعد أقل من سنة من اعتقالها على إثر محاكمة دامت 30 ثانية.
لكن بعد أسابيع من تأكيد خبر وفاتها، لم يصدر لا البيت الأبيض ولا وزارة الخارجية الأمريكية أي بيان حول ملابسات موتها.
وأفادت الصحيفة نقلا عن قتيبة إدلبي، وهو باحث يعمل على ملف المعتقلين السوريين مع أقاربهم بأنه "لو قامت وزارة الخارجية الأمريكية باتخاذ إجراءات أكثر في قضية شويكاني في ذلك الوقت، عن طريق تسليط المزيد من الضغوط وتهديد السلطات السورية، لكانت ليلى على قيد الحياة الآن". وأضاف إدلبي أنه "من الناحية السياسية، لم يكونوا مهتمين بفعل أي شيء، وكان ردّهم سخيفا".
وأشارت الصحيفة إلى أن شويكاني وعائلتها كانوا يسافرون باستمرار إلى سوريا على مدى سنوات. لكن، عند وصولها إلى مدينة دمشق سنة 2015، كانت تنوي البقاء هناك.
وكمواطنة أمريكية سورية، كانت شويكاني متحمسة لمساعدة المدنيين الذين يعانون من الحرب، وبدأت العمل مع مجموعة من أصدقائها في تنظيم جهود الإغاثة للمواطنين في الغوطة الشرقية الواقعة في ضواحي العاصمة السورية دمشق، التي كانت محاصرة حينها من قبل قوات النظام.
من جهتها، كانت الحكومة السورية تعتبر أي منظمة مستقلة بمثابة تهديد لها، الأمر الذي أدى إلى اعتقال جميع أصدقاء شويكاني الواحد تلو الآخر.
ووفقا لإدلبي، فإنه خلال شهر شباط/ فبراير سنة 2016، وبعد ستة أشهر من وصولها إلى سوريا، وقع اعتقالها هي الأخرى من قبل قوات الأمن واتهمت بالتخطيط لاغتيال أحد أعضاء الحكومة السورية.
وأفادت الصحيفة بأنه بعد سحب الولايات المتحدة سفيرها من سوريا سنة 2012، في أعقاب اندلاع الحرب الأهلية هناك، أصبحت السفيرة التشيكية في دمشق، إيفا فيليبي، تتابع قضية شويكاني في سوريا.
اقرا أيضا : بومبيو يبعث رسالة جديدة لتركيا حول القس الأمريكي
وبعد مرور عشرة أشهر على احتجازها لأول مرة، قامت فيليبي بزيارة شويكاني في 18 كانون الأول/ ديسمبر 2016 في سجن عدرا نيابة عن الحكومة الأمريكية.
الجدير بالذكر أنه قبل زيارة السفيرة التشيكية، تعرضت شويكاني لتهديد من قبل السلطات السورية بأنها ستؤذي عائلتها، إذا لم تعترف للسفيرة بالجرائم التي اتُّهمت بها، وهذا ما قامَت به.
بعد ثمانية أيام من الزيارة، نُقلت شويكاني من سجن عدرا ومثلت أمام محكمة عسكرية، حيث طلب منها الرد على التهم الموجهة ضدها.
ووفقا لإدلبي، فإنها لم تتضمن المحاكمة سوى سؤال واحد مفاده: "هل تعترفين بالتهم المنسوبة إليك؟" لتجيب ليلى "بنعم" بسبب التهديدات التي تلقتها على حياة عائلتها.
وأضاف إدلبي: "لقد أخبرنا أحد الضباط أن القاضي حكم عليها بالإعدام بتهمة الإرهاب بعد محاكمة استغرقت 30 ثانية".
ونُقلت شويكاني على إثر ذلك إلى سجن صيدنايا الشهير الواقع خارج العاصمة دمشق.
وأشارت الصحيفة إلى أنه منذ ذلك الوقت، لم يكن هناك تأكيد رسمي لخبر موتها، وكانت عائلتها تأمل في أن تكون على قيد الحياة، وأن يتم إطلاق سراحها.
لكن، منذ شهر كانون الأول/ ديسمبر من سنة 2016، فُقد أي اتصال بها، واستمرت سفيرة التشيك في إجراء تحريات مع الحكومة السورية عنها، وكانت القضية تُتابع من قبل مايكل ريتني، مبعوث الولايات المتحدة إلى سوريا.
وأضافت الصحيفة أنه خلال الشهر الماضي، علمت عائلة شويكاني عن طريق سجل مدني صدر حديثا في قاعدة بيانات حكومية تسجل حالات المواليد والزواج والوفيات، أن ابنتهم قد توفيت في 28 كانون الأول/ ديسمبر سنة 2016، ولكن هذه السجلات لم تقدم تفاصيل عن ظروف وفاتها. وبعد تأكيد وفاتها، تلقى البيت الأبيض نداءات متكررة للرد على هذه الحادثة.
وعلى الرغم من أن ترامب أعطى رئاسته ميزة تتمثل في تحرير المواطنين الأمريكيين المحتجزين في الخارج، ويشمل ذلك الحملة العامة التي نجحت في الإفراج عن القس الأمريكي أندرو برونسون، إلا أنه لم يعلّق بعد على وفاة شويكاني.
ونوهت الصحيفة بأن قضية شويكاني أصبحت في يد النائب الجمهوري في الكونغرس، آدم كينزنغر، الذي يمثل ولاية إيلينوي، حيث عاشت شويكاني.
اقرا أيضا : ترامب يحتفل بالقس الأمريكي ويتحدث عن خاشقجي والسعودية
وفي جلسة استماع عقدتها لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب في أواخر الشهر الماضي، استجوب كينزنغر، المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، جيمس جيفري، بشأن رد إدارة ترامب على مقتلها، لكنه لم يتلق ردا بعد.
وفي تصريح له لصحيفة "الإندبندنت"، قال كينزنغر: "ما زلت في انتظار رد، وسوف أستمر في حث الزملاء من أجل الضغط على البيت الأبيض".
وأضاف: "شعرت بالإحباط والصدمة، بسبب عدم وجود ردود غاضبة حول جريمة قتل ليلى على يد نظام الأسد، ولم تحظ هذه الحادثة سوى بتغطية إعلامية ضئيلة أو معدومة.
أتفهم أن هناك بعض التفاصيل السرية، لكنني أشعر بخيبة أمل، لأن المبعوث الخاص جيفري لم يتمكن من التصريح بالمزيد من المعلومات نيابة عن الإدارة حول ما حدث لليلى وتداعيات ذلك".
وأوضحت الصحيفة أن هذه القضية قد تكشف كذلك عن محدودية نفوذ الولايات المتحدة في بلد تعتبره عدوا.
وفي هذا الصدد، قال روبرت فورد، آخر سفير للولايات المتحدة في سوريا قبل إغلاق السفارة سنة 2012، إن "عدم وجود قناة اتصال رسمية مع الحكومة السورية كان من شأنه أن يعرقل بشدة الجهود المبذولة لإطلاق سراح شويكاني.
وأضاف فورد: "أشعر بالتعاطف مع المأزق الذي تواجهه وزارة الخارجية. لقد تطرقنا إلى هذا الموضوع عندما أغلقنا السفارة سنة 2012، ولهذا السبب أصدرنا تحذيرات شديدة للمواطنين الأمريكيين من مغادرة البلاد، عندما أغلقت السفارة".
وذكرت الصحيفة أن آلاف السوريين لقوا حتفهم بنفس الطريقة التي قضت بها شويكاني. وتصف منظمة العفو الدولية سجن صيدنايا بأنه المكان الذي يتم فيه "القتل والتعذيب والإخفاء القسري والإبادة"، منذ بداية الحرب الأهلية في سوريا سنة 2011 "كجزء من هجوم واسع على المدنيين".
وتقدر المنظمات الحقوقية أنه تم إعدام ما بين 5 آلاف و13 ألف شخص دون محاكمة في هذا السجن خلال الفترة الممتدة بين أيلول/ سبتمبر 2011 وكانون الأول/ ديسمبر 2015.
وفي الختام، أكدت الصحيفة أن مصير العديد من هؤلاء الضحايا ظل مجهولا لسنوات مثلما حدث مع شويكاني.
لكن في بداية سنة 2018، بدأت الحكومة السورية بإصدار إشعارات وفاة المحتجزين لديها بمعدلات غير مسبوقة. وغالبا ما تكون أسباب الوفاة مبهمة.
لكن جماعات حقوق الإنسان تعتقد أن التعذيب والمعاملة الوحشية هما السببان الرئيسيان في وفاة المعتقلين في سجون الحكومة السورية.
سجون نظام الأسد من "المدنية" إلى "المسالخ البشرية" (ملف)