نشرت صحيفة "إندبندنت" البريطانية تقريرا أعده مراسلها في بيروت ريتشارد هول، يقول فيه إنه لم يبق لدى قادة تنظيم الدولة مكان يختبئون فيه مع تراجع مناطق سيطرتهم، مشيرا إلى أنه بقتل وأسر أعداد كبيرة من قادتهم فإنه يبدو أن الحظ بات يضيق أمامهم.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن قادة تنظيم الدولة، الذين وجدوا ملجأ آمنا لهم في المناطق الواسعة من "الخلافة"، التي امتدت على سوريا والعراق، لا يجدون اليوم الملجأ الآمن لهم.
ويقول هول إن التنظيم سيطر في ذروة قوته على مناطق بحجم بريطانيا، وحكم 10 ملايين نسمة، أما اليوم فتقلصت "الخلافة" إلى قرى صغيرة في محافظة دير الزور شرق نهر الفرات، فالمنطقة المحيطة ببلدة هجين قرب الحدود مع العراق كانت ملجأ لقادة تنظيم الدولة البارزين الذين انسحبوا من المعارك بانتظار القتال ليوم آخر، لافتا إلى أن عملية تدعمها الولايات المتحدة أجبرتهم على الخروج من مخابئهم، والوقوف في مرمى النيران الأمريكية.
وتلفت الصحيفة إلى أن قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة أعلنت هذا الأسبوع أنها قتلت في صحراء البادية السورية رمزا بارزا في تنظيم الدولة، وبحسب التحالف فإن أبا العمرين قتل في الثاني من كانون الأول/ ديسمبر، مع عدد من مقاتلي التنظيم في غارة جوية، وتتهمه الولايات المتحدة بقتل عامل الإغاثة بيتر كاسيغ الأمريكي، بعدما اختطفه التنظيم في سوريا.
وينوه التقرير إلى أن مقتل أبي العمرين واعتقال عدد آخر من قادة التنظيم يمثلان الضغط الذي يعانيه التنظيم بسبب العملية العسكرية التي يقوم بها التحالف المدعوم من الولايات المتحدة في بلدة هجين، التي تعد آخر المعاقل السكانية التي يسيطر عليها التنظيم.
ويورد الكاتب نقلا عن المتحدث باسم التحالف العقيد شون رايان، قوله إن "كثافة القتال في وادي الفرات تخرج القادة الذين لا يجدون أماكن للاختباء مع قرب انتهاء المعركة"، وأضاف أن الغارات الجوية هي جزء من استراتيجية واسعة تقوم من خلالها القوات العراقية بحراسة الحدود العراقية، لمنع أي من قادة التنظيم الهروب إلى الجانب العراقي.
وتنقل الصحيفة عن تقييم التحالف الدولي، قوله إن عددا من قادة التنظيم يختبئون في هجين، فيما يتوقع العسكريون قتل رموز أخرى من التنظيم، مشيرة إلى أن وفاة أبي العمرين جاءت بعد اعتقال اثنين من قادة تنظيم الدولة في العراق وسوريا.
ويفيد التقرير بأن قوات سوريا الديمقراطية اعتقلت أسامة عويد صالح، الذي وصف بأنه "أخطر إرهابي في تنظيم تنظيم الدولة" في منطقة دير الزور، مشيرا إلى أن السلطات العراقية بثت في الوقت ذاته شريط اعترافات لأحد قادة تنظيم الدولة جمال المشهداني، الذي كان مسؤولا عن استعراض مقاتلي البيشمركة في بلدة الحويجة، وألقي القبض عليه في منزل ابنه في بغداد.
ويبين هول أن هجين كانت محاصرة في أيار/ مايو، حيث ألقي القبض في عملية أمريكية عراقية مشتركة على خمسة مسؤولين في تنظيم الدولة، منهم مساعد كبير لأبي بكر البغدادي، وبينهم أربعة عراقيين وسوري واحد، وقيل إنهم قادة منطقة دير الزور المسؤولون عن إدارتها.
وتنقل الصحيفة عن المؤلف المشارك لكتاب "تنظيم الدولة: في داخل جيش الإرهاب" حسن حسن، قوله إن عددا من قادة التنظيم نجوا من المعارك السابقة، لكنهم لا يجدون الآن ملجأ للفرار إليه، ولم يعودوا قادرين على التحرك، ويضيف أن الاعتقالات الكثيرة بين قادة التنظيم جاءت بسبب التعاون العراقي التركي السوري، مع أنه يعتقد أن عددا آخر من قادة التنظيم الكبار لا يزالون مختبئين.
ويتابع حسن قائلا: "لم نر قادة من مركز التنظيم، فرغم أهمية الاعتقالات، فلم يعرف أي منهم مثلا مكان أبي بكر البغدادي، ومن هذا المنطلق فإن هذه الاعتقالات لن تكون مدمرة للتنظيم، بل إنها تعرقل عمله في وقت يحتاج فيه كل شخص ومصدر للحفاظ على التمرد في العراق وسوريا".
ويذهب التقرير إلى أنه يمكن النظر إلى أن هذه الاعتقالات والاغتيالات على أنها جزء من التحول في استراتيجية التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة باتجاه عمليات مكافحة التمرد، التي تعكس التغير في طبيعة تنظيم الدولة، فقدر تقرير نشرته الأمم المتحدة في آب/ أغسطس أعداد المقاتلين التابعين للتنظيم والمنتشرين في العراق وسوريا بين 20 ألف إلى 30 ألف مقاتل، ولا يشتركون في القتال حاليا، لكن يمكن استدعاؤهم في أوقات أخرى، وحذر التقرير من أن التنظيم يخطط للتحول من "شبه دولة إلى شبكة عمليات سرية".
ويجد هول أن معركة الهجين تعد من أشد المعارك التي تخوضها قوات سوريا الديمقراطية؛ لأنها آخر معقل للتنظيم، ففي الماضي كان المقاتلون يعقدون صفقات للانسحاب من المناطق والخروج إلى مناطق آخرى، مشيرا إلى أن هذا الخيار لم يعد متاحا لديهم، فهم محاصرون في جيب صغير.
وتقول الصحيفة إن التنظيم استفاد من الأجواء الجوية، واستعاد المناطق التي خسرها حول البلدة، ونتيجة لهذا سقط قتلى كثيرون من الجانبين، وسقط من جانب تنظيم الدولة 793 مقاتلا، و464 من قوات سوريا الديمقراطية، وذلك بحسب تقدير المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وبحسب التقرير، فإن هناك أعدادا كبيرة من المدنيين قتلوا في العمليات، فاعتمد التحالف، كما في المعارك السابقة، على القوة الجوية لضرب أماكن التنظيم، لافتا إلى أنه لا يزال هناك 10 آلاف من أبناء البلدة عالقين وسط المعارك، إلى جانب 5 آلاف مقاتل من تنظيم الدولة وعائلاتهم، وذلك بحسب مكتب الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة.
وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى قول الأمم المتحدة في تشرين الأول/ أكتوبر، إن "أعدادا من المدنيين قتلوا وجرحوا بسبب الغارات، أو علقوا وسط المعارك.. قدرة المدنيين على التحرك ليست واضحة بسبب كثافة الأعمال العدائية، بالإضافة إلى التقارير المتواصلة عن القيود التي فرضها المتحاربون على المدنيين، ومنعهم من الوصول إلى أماكنهم بشكل آمن".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
الغارديان: ما تأثير إرث تنظيم الدولة على حياة الناس بالعراق؟
إندبندنت: هكذا تبدو الرقة بعد تنظيم الدولة
ناشونال إنترست: ثالث أكبر أسطول في العالم في مأزق جدي