نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا للكاتب إريك شميت، يقول فيه إن الحرب ضد بقايا تنظيم الدولة في شرق سوريا، التي تدعمها أمريكا، متعثرة.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن التحالف تراجع بسبب الألغام الأرضية، والهجمات المضادة خلال عاصفة رملية بعد أن بدأت الحملة في أيلول/ سبتمبر.
ويقول الكاتب إن قوات سوريا الديمقراطية، التي يقودها الأكراد وتدعمها أمريكا، توقفت عن القتال ضد تنظيم الدولة، بعد قيام القوات التركية بقصف مواقعها غير البعيدة عن المستشارين الأمريكيين، مشيرا إلى أن الدبلوماسيين والجنرالات الأمريكيين سارعوا لتخفيف التوتر مع الأتراك، الذين يعدون المقاتلين الأكراد إرهابيين، بالرغم من شراكتهم مع أمريكا.
وتستدرك الصحيفة بأن هذا الفصل يبرز الطبيعة المتغيرة للحرب ضد تنظيم الدولة، الذي لا يزال يشكل تهديدا بعد خسائره الميدانية في كل من العراق وسوريا، لتوجيه حركات تمرد في الشرق الأوسط وأبعد من ذلك.
وينقل التقرير عن القائم بأعمال مدير المركز القومي لمكافحة الإرهاب راسل ترافرز، قوله لمجلس الشيوخ في واشنطن الشهر الماضي: "مع أن الملاذ الآمن لتنظيم الدولة انهار في كل من العراق وسوريا، إلا أن مشروعه العالمي، الذي يتضمن أكثر من 20 فرعا وشبكة، كل واحد منها فيه مئات إلى آلاف الأعضاء، يبقى قويا".
ويلفت شميت إلى أن تنظيم الدولة أعلن الأسبوع الماضي مسؤوليته عن الهجوم على حافلات تقل مسيحيين أقباطا إلى دير في مصر، ما تسبب بمقتل سبعة أشخاص، وجرح 19 آخرين، مشيرا إلى أن المسؤولين الهولنديين قالوا إنهم أفشلوا هجوما متعدد المواقع لتنظيم الدولة في أواخر أيلول/ سبتمبر.
وتورد الصحيفة نقلا عن المخابرات الأردنية، قولها بأنها عملت عن كثب مع وكالة الاستخبارات الأمريكية لإفشال ما يزيد على عشر هجمات إرهابية في الشرق الأوسط وأوروبا على مدى الأشهر القليلة الماضية.
ويكشف التقرير عن أن عملية عسكرية أمريكية سرية في الأردن، تدعى (غالنت فينيكس)، تقوم بجمع البيانات التي تحصل عليها خلال هجمات للقوات الخاصة في كل من العراق وسوريا، وتمررها للأجهزة الأمنية في أوروبا وجنوب شرق آسيا، بحسب مسؤولين استخباراتيين وعسكريين أمريكيين قاموا بوصف تفاصيل المبادرة، بشرط عدم ذكر أسمائهم؛ بسبب الطبيعة السرية للعملية.
ويذكر الكاتب أن الفرع المحلي لتنظيم الدولة في أفغانستان قام بعدة هجمات كبيرة ضد أهداف مدنية وحكومية في كابل، في الوقت الذي يقتطع لنفسه ملاذا آمنا في شرق البلاد، بحسب ما قاله ترافرز، لافتا إلى أن بقية فروع التنظيم في سيناء وليبيا واليمن وأفريقيا الغربية تستمر في حشد المقاتلين للقيام بهجمات ضد الحكومات والمجموعات المناوئة، ما يزعزع الاستقرار في هذه المناطق التي تعاني أصلا، وقال: "يبقى تنظيم الدولة خصما خطيرا وقادرا على التأقلم، وبدأ بوضع استراتيجية للاستمرار في العمليات وسط الخسائر المتزايدة".
وتقول الصحيفة إن الشبكات الأخرى، والأقل انحيازا لتنظيم الدولة، بما في ذلك المتطرفون في أجزاء أخرى من أفريقيا وجنوب آسيا والفلبين، يستمرون في القيام بهجمات يستعرض من خلالها التنظيم مدى نفوذه.
ويؤكد التقرير أن آلاف المقاتلين، بمن فيهم القياديون الكبار والقادة الميدانيون والمقاتلون الأجانب، تمت تصفيتهم في الغارات الأمريكية وهجمات الحلفاء، فالتنظيم لا يحتفظ بسوى 1% مما كان يسيطر عليه عام 2014، أو حوالي نصف مساحة منهاتن.
وينقل شميت عن مسؤولي مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط والغرب، قولهم إن تنظيم الدولة عاد إلى جذور التمرد؛ شبكة مكونة من خلايا سرية في سلسلة لا مركزية، مشيرا إلى أن هذا التحرك تبع خططا وضعتها الشبكة المتطرفة في الأشهر التي سبقت سقوط معاقلها في الموصل والرقة في أيدي قوات التحالف.
وتورد الصحيفة نقلا عن رئيس القيادة المركزية للجيش الجنرال جوزيف فوتيل، قوله في مقابلة في البحرين الأسبوع الماضي: "لقد توقعنا بأنه عندما تنتهي الخلافة سيحاول ما تبقى من أفرادها إحياء أنفسهم، وإحياء شبكاتهم ويتبنوا تلك التكتيكات الشبيهة بتكتيكات العصابات"، وأضاف الجنرال فوتيل، الذي يشرف على الجيش الأمريكي في الشرق الأوسط وجنوب غرب آسيا: "نحن مستعدون تماما لذلك.. فهذه المنظمات لا تذهب مرة واحدة".
وينوه التقرير إلى أن عدد المقاتلين الإرهابيين الأجانب الذين كانوا يصلون إلى العراق وسوريا بمعدل 1500 في الشهر، تراجع بشكل حاد، مستدركا بأن التنظيم لا يزال يجذب إلى المنطقة ما معدله 100 مقاتل أجنبي في الشهر، بحسب ما قاله رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال جوزيف دانفورد جونيور، في اجتماع من القيادات العسكرية في أكتوبر.
ويفيد الكاتب بأن معهد دراسات الحرب في واشنطن توصل إلى الاستنتاج الآتي: "بحسب مسار تنظيم الدولة الحالي، فإن بإمكانه أن يستعيد ما يكفي من القوة للقيام بتمرد مرة أخرى، يهدد بأن يكون أكبر من قوى الأمن المحلية في كل من العراق وسوريا".
وتقول الصحيفة إن الخلايا النائمة في العراق قامت في الأشهر الأخيرة بالهجمات والكمائن ضد قوات الأمن العراقي، والمدنيين تحديدا في محافظات الأنبار وكركوك وصلاح الدين، مشيرة إلى أنه في الوقت الذي ذهب فيه تنظيم الدولة تحت الأرض، بما في ذلك في الكهوف والأنفاق المحصنة في قرية هجين وبعض القرى المحيطة في وادي نهر الفرات، فإنه لا يزال لديه ما يكفي من القوة على الإعلام الاجتماعي لتحفيز مؤيديه على الإنترنت.
وينقل التقرير عن مدير شركة "فلاشبوينت" المتخصصة في تقييم المخاطر للأعمال، ومقرها نيويورك، ليث الخوري، قوله: "يستعرض التنظيم مكاسبه على قنواته على الإنترنت، بما في ذلك الادعاء بأسر مقاتلين أعداء، وقتل وجرح العديد"، مشيرا إلى أن المسؤول الأمريكي المتخصص في مكافحة الإرهاب ترافرز، اتفق معه قائلا: "لا يزال ذراع التنظيم الإعلامي ينتج محتوى على مستوى عال، بما في ذلك بلغات أجنبية، ويروج لروايته المتطورة حول جلده على المقاومة وحيويته".
ويشير الكاتب إلى أن القتال في هجين والقرى المجاورة، حيث يختبئ المقاتلون بين حوالي 60 ألفا من السكان، هو الأكثر حدة منذ أن أخرجت قوات التحالف تنظيم الدولة من الرقة والموصل، بحسب مسؤولي التحالف، لافتا إلى أن قوات سوريا الديمقراطية، التي يقودها الأكراد، خسرت 327 مقاتلا منذ بداية العمليات العسكرية في أيلول/ سبتمبر، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره لندن، ويرصد الحرب من خلال أشخاص على الأرض.
وتنقل الصحيفة عن متحدث باسم مليشيا يدعى مصطفى بالي، قوله إن التنظيم يتجنب "الاشتباك المباشر مع قواتنا، ويعتمد على استهداف الطرق التي يستخدمها مقاتلونا.. بالمدفعية والأسلحة الثقيلة".
وبحسب التقرير، فإن عددا من مقاتلي التنظيم قاموا بشن هجمات معاكسة بأسلحة خفيفة ومدافع هاون، مستغلين عاصفة رملية لتكون غطاء، وقاموا بقتل عدد من مقاتلي المليشيا، وأعادوا مساحات كانوا قد خسروها لصالح التحالف الذي تدعمه أمريكا قبل ذلك بأيام.
ويلفت شميت إلى أن العاصفة الرملية تسببت بتوقف الطيران الحربي للتحالف الذي يدعم المليشيا، وهو نقطة ضعف أدركها مقاتلو التنظيم جيدا واستغلوها، فقامت المليشيا بدفع 1000 مقاتل من شمال سوريا إلى منطقة القتال، لينضموا إلى عدة آلاف موجودين هناك، بحسب مسؤول أمريكي رفيع المستوى.
وتورد الصحيفة نقلا عن مسؤولين أمريكيين ومسؤولي التحالف، قولهم إن العمليات التي كان من المفترض أن تصل إلى نهاياتها في كانون الأول/ ديسمبر قد تمتد إلى بدايات العام المقبل، وكان ذلك قبل قيام تركيا بمهاجمة المواقع الكردية في شمال سوريا، ما دفع القادة الأكراد للقيام بتعليق هجومهم ضد تنظيم الدولة، وقال بالي للصحيفة إن هذا التعليق سيستمر حتى تقوم أمريكا وحلفاؤها "بوقف العدوان التركي وإزالة التهديد".
ويذكر التقرير أن هذه ليست هي المرة الأولى الذي يتعثر فيها الهجوم ضد تنظيم الدولة في سوريا، ففي وقت سابق من هذا العام تحول آلاف من المقاتلين الأكراد، الذين يشكلون العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية، من قتال تنظيم الدولة للدفاع عن عفرين في شمال غرب سوريا، حيث وقعت المليشيات الكردية هناك تحت هجوم من القوات التركية.
ويفيد الكاتب بأن كبار المسؤولين من البنتاغون تحدثوا يوم الجمعة الماضي مع المسؤولين الأتراك لنزع فتيل التوتر، ودعا مساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية ديفيد هيل، بعد اجتماع له مع نظيره التركي في واشنطن إلى "وقف لتبادل إطلاق النار في المنطقة، وشدد على أهمية استقرار شمال شرق سوريا لضمان هزيمة تنظيم الدولة".
وبحسب الصحيفة، فإن القوات الأمريكية قامت يوم الأحد بدوريات في شمال شرق سوريا، بالقرب من الحدود التركية، في ثلاث سيارات مصفحة، بحسب ما قال المسؤولون، مشيرة إلى أن هذه هي المرة الثانية لإظهار القوة بهدف تخفيف التوتر منذ يوم الجمعة.
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن طائرات التحالف استغلت توقف العاصفة خلال عطلة نهاية الأسبوع، فقامت بمجموعة من الغارات ضد قوات تنظيم الدولة، التي كانت قد استرخت، بحسب المتحدث باسم الجيش الأمريكي في العراق، شون ريان.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
موقع أمريكي يحذر: هكذا تعزز إيران من نفوذها بسوريا
فورين بوليسي: عودة مقاتلي تنظيم الدولة لكن لجانب الشيعة
ديلي بيست: إدارة ترامب تدرس فرض عقوبات على الرياض