أثار قرار الحكومة
المصرية بحرمان الطفل الثالث للأسر الفقيرة من الدعم النقدي الذي يصرف لها من خلال
أحد البرامج الاجتماعية، انتقادات واسعة، خاصة بعد زيادة عدد الفقراء في مصر في
أعقاب تعويم الجنيه في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016.
وأعلن رئيس الوزراء
المصري، مصطفى مدبولي، في كلمة له بمؤتمر "تكافل وكرامة"، الخميس، أن
خدماتَ الدعم النقدي ستقتصر على العائلات التي لديها طفلين اثنين فقط بداية من شهر
كانون الثاني/يناير 2019.
ومضى ثلاثة أعوام على
تدشين برنامج الدعم النقدي المشروط "تكافل وكرامة"، لنحو 2,2 مليون أسرة
فقيرة، وفئات أولى بالحماية، وتضم حوالي 9,5 ملايين مواطن، ويبلغ حجم الدعم ما بين
60 و100 جنيه فقط للطفل الواحد شهريا.
اقرأ أيضا: أكثر من ثلث المصريين فقراء
في أيار/ مايو 2017،
كشف رئيس النظام المصري، عبدالفتاح السيسي، خلال حواره مع رؤساء تحرير الصحف
القومية، أن "الحكومة تتحرك لدراسة برامج ومقترحات وقوانين لضبط الزيادة
السكانية، بعدما ارتفع عدد المواليد سنويا إلى 2.5 مليون نسمة".
وفي أعقاب ذلك شهد
البرلمان المصري تحركات حثيثة من أجل استصدار تشريع جديد، يحدد إنجاب كل أسرة
مصرية بما لا يزيد على ثلاثة أطفال، ويعاقب من ينجب أكثر من ذلك بالحرمان من
الخدمات الحكومية كالعلاج والتعليم ودعم سلع التموين.
مبررات واهية
وقال الخبير الاقتصادي
مصطفى محمود، لـ"عربي21": إن "قرار الحكومة المصرية يهدف في ظاهره إلى محاربة زيادة السكان باعتبار أن الزيادة السكانية أخطر من الإرهاب كما عبر
بذلك السيسي"، مضيفا أنه "من العار على دولة أن تحتج على أن الزيادة
السكانية هي السبب المباشر لالتهام ثمار التنمية، وهذا قول مجاف للحقيقة".
واستبعد نجاح نظرية العقوبات في تقليل عدد السكان، داعيا إلى الاستثمار
فيهم، قائلا: "السكان في مصر هم أحد أهم العناصر الإنتاجية، وأهم مرتكزات
عملية التنمية، ولحقبة طويلة في مصر منذ
السبعينات والنظرة إلى السكان على أنها أصل الشرور، وأنها تستهلك كل فائض في عملية
التنمية".
ودعا مصر لأن تحذو حذو
"الدول التي عملت على تنمية العنصر البشري بمزيد من التدريب والتطوير، وزيادة
المهارات التي تساعد في زيادة القدرة الاقتصادية لمصر، ولا يخفى على أحد أن زيادة
السكان أحد أهم زيادة الإنتاج نظرا لزيادة الطلب الذى يعد محركا أساسيا للتنمية".
قرار خاطئ وكارثي
الكاتبة الصحفية،
المتخصصة في قضايا الأسرة المصرية، فاطمة عبدالرؤوف، فندت بقوة قرار الحكومة،
قائلة: إن "حرمان الأطفال من الدعم بدءا من الطفل الثالث سيكون بمثابة كارثة
حقيقية على الأسر الأشد احتياجا، خاصة المستفيدين من برنامج تكافل وكرامة، والذي
يمثل لهم هذا الدعم البسيط شريان حياة يستطيعون به مواجهة بعض متطلبات الحياة
القاسية التي يعيشونها".
مضيفة
لـ"عربي21": "وبينما يتم رفع الدعم كإجراء عقابي حتى لا ينجب هؤلاء
الفقراء أكثر من طفلين، فهذا لن يحدث لأن
مواجهة مثل هذه القرارات المتعسفة من
الفئات المستهدفة ستكون بإخراج الأطفال من صفوف الدراسة ودمجهم في سوق عمالة
الأطفال بما يمثله ذلك من خطر على مستقبل الوطن ككل".
وأردفت: "إذا نظرنا نظرة طويلة الأجل بعض الشيء فما يتم توفيره من
الميزانية المخصصة للدعم سيتم ضخ أضعافه لمواجهة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية بل
والأمنية التي تنجم من شباب حرموا في طفولتهم من حقوقهم الأولية كالحق في التعليم،
وسيتم تكريس حالة التخلف التي تعيش فيها بلادنا بمزيد من المواطنين الجهلاء" .
وانتقدت عبدالرؤوف فرض
سياسة العقوبات على الشرائح الأكثر فقرا، قائلة: "إلغاء الدعم العيني والنقدي،
والسعي لإلغاء مجانية التعليم، وتراجع الدعم بوجه عام في ميزانية الدولة كلها ضغوط
يتحملها الفقراء وأبناء الفقراء الذين ينظر لهم كعبء ثقيل على الميزانية وهي نظرة
عاجزة تقليدية؛ لأنه من الممكن جدا التخطيط حتى يتحول هؤلاء لطاقة منتجة تصلح
المسار الاقتصادي المتردي وفي هذه الحالة سيكون ما يوجه لهم من دعم بمثابة استثمار
طويل الأمد".
على خطى الجيش والداخلية.. هل تستغل الأحزاب حاجة المصريين؟
انتشار شبكات "تبادل الزوجات" بمصر يثير قلقا مجتمعيا
حملة برلمانية ضد ما تبقى من سلفيين في مساجد مصر