شهدت
مصر خلال
الأسبوعين الماضيين ثلاثة أحداث أطلقت جرس إنذار للمجتمع، حيث تم القبض على شبكتين
لتبادل الزوجات بمحافظتي القاهرة والقليوبية، بينما كانت الحادثة الثالثة لسيدة
بمحافظة الدقهلية نشرت صورها وهي تتحرش بقرد، ما أثار ردود فعل غاضبة على مواقع
التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المصرية.
وحذر دعاة وخبراء
اجتماع وقانون تحدثوا لـ "عربي21" من تزايد مثل هذا المظاهر غير
الأخلاقية، مؤكدين أن مصر تعيش مرحلة متغيرات لم تشهدها من قبل، نتج عنها تزايد
ظواهر مثل
التحرش والانفلات الأخلاقي ومؤخرا
تبادل الزوجات.
ويؤكد المختصون أن
هناك عدة عوامل ساعدت على ذلك، أبرزها الحرب التي يشنها النظام المصري على القيم
والثوابت الإسلامية، بالإضافة لغياب الموجهين التربويين وعدم ثقة الشعب في واعظي
الحكومة، وكذلك ضعف الرادع القانوني.
وكانت دراسة أجراها
عادل عامر رئيس مركز "المصريين للدراسات" كشفت أن أكثر من 10 آلاف شخص متورطون في حفلات
الجنس الجماعي وتبادل الزوجات، وأكدت الدراسة التي اعتمدت على المحاضر الأمنية أن
معظمهم كان بمدينة نصر والقاهرة الجديدة والدقي والعجوزة، وأن الأجهزة الأمنية
سجلت 23 قضية من هذا النوع في الفترة من 2016 إلى 2017.
وهو نفس ما أكدته
الباحثة الاجتماعية شريفة يوسف لـ "عربي 21"، موضحة أن قضايا تبادل
الزوجات التي كشفت عنها السلطات المصرية خلال الفترة من 2015 وحتى كتابة هذه
السطور تتجاوز الـ50 قضية، معظمها بالقاهرة
بالإضافة لمحافظات الإسكندرية والقليوبية والجيزة والشرقية والدقهلية، وأن هذه
الشبكات تنوعت من حيث مستواها الاجتماعي.
وتضيف الباحثة
الاجتماعية، أن وسائل التواصل الاجتماعي في مقدمة أسباب انتشار هذه الشبكات، حيث
يبدأ الزوجان بعرض الفكرة من خلال التواصل الإلكتروني، ثم يقومون بعدها بالتنفيذ
في شقة أحدهم وغالبا لا يكون التبادل بمقابل مادي وإنما من أجل المتعة فقط.
وتشير
"يوسف" إلى أن الموضوع لم يصل إلى حد الظاهرة حتى الآن ولكن تزايده بشكل مضطرد
يثير المخاوف في الحرب الواضحة على الثوابت الإسلامية، وتقزيم دور المساجد، وغياب
الأئمة والموجهين التربويين الذين كانوا يمثلون صمام أمان للمجتمع في مواجهة وسائل
التغريب والعلمنة التي تتم بمباركة الدولة الآن.
وتضيف الباحثة الاجتماعية
أن "تبادل الزوجات"، يمثل تطورا طبيعيا لتزايد حالات التحرش، وارتفاع
معدلات الطلاق والدعوات الشرسة ضد الحجاب والنقاب، وما يقدمه الإعلام والدراما
التليفزيونية من نماذج شديدة الخطورة على قيم المجتمع المصري.
وعن اتهام الدعاة
بالتقصير في مواجهة ذلك، يؤكد الداعية الإسلامي أيمن الكفراوي أن العلماء والدعاة
الحقيقيين المؤثرين في المجتمع، إما مضطهدون أو معتقلون، وبالتالي فإن الساحة
أصبحت خالية لنماذج تدعم وجود هذه الظواهر الشاذة، من خلال تقديم مبررات شرعية
مفبركة، لدعم محاربة الحجاب والنقاب وغير ذلك من القيم والثوابت الإسلامية.
ويضيف الكفراوي لـ
"عربي 21"، أن الساحات التي يمكن أن يلعب فيها الدعاة والأئمة دورا
أصبحت مغلقة إلا لمن ترضى عنهم الأجهزة الأمنية، سواء من خلال وزارة الأوقاف أو من
خلال وسائل الإعلام التي تصر على استضافة "أشباه الدعاة".
ويؤكد الداعية
الإسلامي أن "النظام الحاكم الذي يحارب صحيح البخاري، ويشكك في النقاب، ويدعو
لخلع الحجاب، ويتهم الأزهر بدعم الإرهاب، ويشوه ويسجن الأئمة والعلماء، ويسعى لإلغاء التعليم الديني، ويرسخ فكرة التدين الشكلي، ويفتح الباب على مصراعيه
للنماذج الشاذة في الإعلام الرسمي قبل الخاص، لا يتوقع منه على الإطلاق أن يدعو
للقيم الإسلامية ويعمل على ترسيخها".
ويستدل الكفراوي
بمشروع القانون الذي قدمته النائبة غادة عجمي عضو البرلمان المصري، لتجريم ارتداء
النقاب بالأماكن العامة والمصالح الحكومية، وفرض عقوبة مالية 1000 جنيه لمن تخالف
ذلك، موضحا أن الفكرة من الأساس، حتى لو تم رفضها، فإنها تشير لرغبة النظام وتحركاته ضد
القيم والثوابت تحت دعاوى الحريات العامة.
ويكشف الخبير القانوني
كمال مصباح لـ "عربي 21" عن وجود خلل تشريعي خطير في القانون المصري
يدعم مثل هذه الظواهر الشاذة، حيث لا يوجد في قانون العقوبات المصري مادة خاصة
بجرائم تبادل الزوجات أو الجنس الجماعي، أو التحرش بمختلف مسمياته، وغالبا ما يتم
التعامل مع هذه القضايا من خلال المادة رقم 10 لسنة 61 الخاصة بقانون الدعارة.
ويوضح مصباح أن
القانون يعتبر مثل هذه القضايا جنحا مباشرة وليس جنايات، وبالتالي فإن أقصى عقوبة
يمكن أن يوقعها القاضي على مثل هذه الشبكات هي السجن سبع سنوات، تقل غالبا في
درجات التقاضي التالية للحكم.
ويستدل بشبكة تبادل
الزوجات في عين شمس بالقاهرة والتي تم اكتشافها في 2017، وقضت المحكمة بحبس أعضائها
ثلاث سنوات، تم تخفيفها بعد ذلك لعام واحد فقط، وهو ما يحدث في معظم القضايا من
هذا النوع.