هل يعيش النظام في إيران أزمة نظام صدام حسين قبل اجتياح العراق؟

بدأ صراع الولايات المتحدة مع إيران في ما يخص المفاعل النووي، مطلع عام 2001، حينها كانت الولايات المتحدة تسعى إلى توجيه إتهامات لإيران بالسعي لحيازة سلاح نووي. 

لا يخفى على أحد ما تمر به طهران اليوم من حالة اقتصادية صعبة وسط انهيار في العملة النقدية مقابل الدولار الأمريكي، جاء ذلك بعد إعلان الرئيس، دونالد ترامب، إنسحابه من الاتفاق النووي مع طهران في أيّار/مايو الماضي.

وتبع ذلك الانسحاب تصريحات سياسية بفرض عقوبات على طهران مالم تتخل عن برنامجها النووي، فلم يعد التصعيد مجرد ضغوط سياسية، بل تعدى ذلك إلى فرض العقوبات الاقتصادية وذلك على مرحلتين.

دخلت العقوبات الأمريكية في مرحلتها الأولى على ايران حيز التنفيذ في 6/ آب الماضي من العام الجاري، والتي بموجبها لن يعد بإمكان حكومة طهران شراء الأوراق النقدية الأميركية. 

أما المرحلة الثانية من العقوبات والتي دخلت حيز التنفيذ في 5/ تشرين الثاني الماضي من العام الجاري، فهي تمثل حرباً اقتصادية تهدد الحكومة الإيرانية بالانهيار، حيث تستهدف قطاعات الطاقة والتمويل والنقل البحري.

البيت الأبيض من جهته وصف هذه العقوبات بأنها "أشد عقوبات أقرت حتى الآن" ضد إيران.

أما الرئيس الإيراني حسن روحاني وفي أول تصريح له رداً على العقوبات الجديدة، قال في كلمة بثها التلفزيون الرسمي، إن "إيران ستبيع النفط، وستخرق العقوبات التي أعادت الولايات المتحدة فرضها عليها". 

يأتي ذلك في وقت أكد فيه وزير الخارجية الأمريكي عزم الولايات المتحدة على فرض عقوبات ضد الجهات التي ستواصل التعاون مع عدد من الشركات الإيرانية.

موقف أمريكا من المشروع النووي الحالي في إيران لا يختلف عن موقفها من مشروع العراق النووي سابقا: 

بدأت إيران مشروعها بإنشاء المفاعل النووي في منتصف سبعينيات القرن العشرين الماضي والذي أقره الشاه السابق محمد رضا البهلوي حيث كان يطمح لإنشاء دولة إيران العظمى، حينها وافق على قبول عرض الشركة الألمانية كرافتورك يونيون سيمنس من بين عدة شركات بينها أمريكية، وكان ذلك عام 1974. 

وفي عام 1979 اندلعت ما يسمى "بالثورة الإسلامية الإيرانية" في حينها كان قد أنجز ما نسبته 85% من المفاعل النووي، إلا أن تلك الثورة حالت دون إكمال بناء المفاعل بسبب تبنيها العداء ضد أمريكا وإسرائيل في العلن، والذي انتهى بتعرضه للقصف قبيل نهاية الحرب العراقية الإيرانية عام 1987. 

أما المشروع النووي العراقي فيرجع تاريخ إنشائه إلى عام 1959، بتفاهم بين العراق والاتحاد السوفييتي آنذاك، والذي تعرض للقصف الإسرائيلي عام 1981 رغم أنه كان سلمياً، ثم عاود الرئيس الراحل صدام حسين بناء مشروع نووي جديد معتمدا على كفاءات عراقية ولكن بشكل سري. 

أما إيران فهي الأخرى بدأت في بناء مفاعلها النووي بالاعتماد على نفسها من جديد عام 2004، حيث استطاعت تنفيذه بطريقة الطرد المركزي، الذي يمكن إخفاؤه، غير الطريقة التي اتبعها العراق والتي يمكن كشفها بالأقمار الصناعية. 

حكومة طهران تقلد نظام صدام في التعامل مع الأزمة: 

مراحل وتغيرات سياسية تمر فيها ايران لا تختلف كثيراً عن تلك التي مرّ بها العراق بعد فرض الحصار الاقتصادي حين حاصرت الولايات المتحدة الأمريكية العراق اقتصاديا وأصبح النفط مقابل الغذاء والدواء.

ما سبق ذكره كان مفروضاً على العراق كما هي العقوبات مفروضة على إيران اليوم، ليست هنا المشكلة، بل سلوك وتعامل النظام السياسي في ايران مع العقوبات يشبه إلى حد كبير تعامل النظام العراقي الذي كان يديره صدام حسين قبل عام 2003. 

إن رفع شعار محاربة أمريكا دفع نظام صدام حسين إلى الخطو صوب التثقيف وغرس كره الولايات المتحدة في نفوس الشعب العراقي من خلال عدة أفعال ظهرت للعالم كان أبرزها رسم صورة رأس الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب في مدخل أرضية فندق الرشيد في العاصمة بغداد، الأمر أثار حفيظة الولايات المتحدة الأمريكية لترد عام 1993، بقصف منزل الفنانة العراقية ليلى العطار التي رسمت لوحة صورة الرئيس بوش. 

لم يكن هذا الاستفزاز هو الأول بل لحقته استفزازات أخرى من قبل نظام صدام حسين حيث تعمد إلى تنظيم استعراضات عسكرية مليونية يدعس خلالها المجندون على عبارات عنوانها "فلتسقط أمريكا" وعلى "صور للدولار الأمريكي" في خطوة لإهانة الولايات المتحدة. 

أما في إيران وبحسب مقطع فيديو بثه موقع التواصل الأمريكي التابع لوزارة الخارجية الأمريكية قبل يومين، والذي يظهر علم الولايات المتحدة مثبت على الأرض في مدخل مدرسة في إيران، يأتي عقب فرض العقوبات الأمريكية عليها. 

سلوك سياسي لا يختلف كثيرا بين الماضي في بغداد والحاضر في طهران، فإن إيران اليوم تكرر سلوك نظام صدام حسين ذاته مع شعبها بعد فرض العقوبات الأمريكية عليها، ولكن الفارق كبير فإن الشعب العراقي كان يدعس على الدولار الأمريكي، ورحب بسقوط صدام، فهل يرحب الشعب الإيراني بسقوط روحاني بالوقت الذي يرفض الدعس على العلم الأمريكي.

* يحيى الخفاف
صحفي ومحلل سياسي