هاجم رئيس حكومة
الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين
نتنياهو، السلطة
الفلسطينية والفلسطينيين على حد سواء، في
مؤتمر صحفي عقده أمام نخبة من 180 إعلاميا مسيحيا يمثلون 40 مؤسسة إعلامية حول العالم،
متهما الفلسطينيين بممارسة الإرهاب ضد السكان المسيحيين.
واستند نتنياهو
في ادعائه إلى أن إسرائيل سلمت السلطة الفلسطينية مدينة بيت لحم في العام 1993، وكانوا
يمثلون 80 بالمئة من سكان المدينة، في حين انخفض عددهم لأقل من 20 بالمئة، بعد مرور
25 عاما على اتفاق أوسلو.
اتسم خطاب نتنياهو
أمام الصحفيين بأسلوب الاستعطاف قائلا: "أنتم سفراء الحقيقة، لستم أفضل من سفراء
لإسرائيل في العالم فحسب، بل أنتم داعمون للسلام، ما أطلبه منكم أن تقولوا الحقيقة
حول تاريخنا وحاضرنا، وأننا (إسرائيل) الطرف الذي يريد السلام، والطرف الآخر (السلطة)
هي التي ترفضه".
في حين ذهب نتنياهو
بعيدا في خطابه، حينما حاول أن يظهر إسرائيل بالدولة التي تراعي حقوق الطوائف الدينية،
بقوله نحن الوحيدون في إسرائيل بين دول الشرق الأوسط التي تقبل التعايش بين المسلمين
والمسيحيين واليهود بنظام ديمقراطي لا مثيل له في دول المنطقة.
تزوير الحقائق
قوبلت تصريحات
نتنياهو برفض كبير لدى الأوساط الفلسطينية، حيث عبرت وزارة الخارجية عن أسفها لما وصفته
بتزوير الحقائق، في حين تبنت اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون
الكنائس في فلسطين
موقف الخارجية، واصفا ما جاء في تصريحاته بالأكاذيب.
تشير تقديرات
فلسطينية إلى أن تعداد المسيحيين في فلسطين تراجع خلال السنوات الماضية بصورة كبيرة،
حيث يقدر عددهم وفق آخر الإحصاءات بـ40 ألفا في الضفة الغربية، و5 آلاف في
القدس، و800
في قطاع غزة، ورغم ذلك يحظى
المسيحيون بكافة حقوقهم السياسية والمدنية، سواء بوجود ممثلين
لهم في المجلس التشريعي والحكومة ومنظمة التحرير.
وفي السياق ذاته، أشار الرئيس الروحي لكنيسة الروم الملكيين الكاثوليك، الأب عبد الله يوليو، إلى أن
"ما جاء في تصريحات نتنياهو هي اختلاق أكاذيب ليس لها أي أساس من الصحة، حيث إن
الطائفة المسيحية هي جزء أصيل من التركيبة السكانية لفلسطين تعود جذورها منذ أكثر من
16 قرنا مضت، وقد كانت لنا مساهمة في صنع تاريخ فلسطين الحديث، وقد برز ذلك في مشاركتنا
الفاعلة في الثورة الفلسطينية ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي، واختلطت دماؤنا بدماء المسلمين،
ونحن نعتز بذلك، ونرفض أن يتم تزوير هذا التاريخ على لسان الإسرائيليين".
وأضاف الأب عبد
الله يوليو في حديث لـ"
عربي21": "ما زعمه نتنياهو حول تراجع أعداد المسيحيين
في بيت لحم هي نتيجة السياسيات الإسرائيلية التي تمارس بحقنا كطائفة مسيحية، حيث تقوم
السلطات الإسرائيلية بالتضييق على المسيحيين، ومنعهم من ممارسة شعائرهم الدينية عبر
قطع الطرق المؤدية للكنائس، من خلال فرض الإغلاق الشامل بين الفينة والأخرى على مناطق
الضفة الغربية، سواء خلال فترة الأعياد اليهودية التي قد تستمر لأسبوعين متتاليين، أو
عند حدوث عملية فدائية".
قلب الحقائق
وتابع: "من الواضح أن نتنياهو تجاهل في خطابه المحاولات الإسرائيلية المتكررة للسيطرة
على الكنائس المسيحية في القدس وبيت لحم، من خلال عمليات تسريب العقارات المسيحية، بما
فيها الأوقاف التابعة للكنائس لصالح شركات استيطانية لتقوم بعد ذلك بتزوير التاريخ
لصالحهم".
وتشهد هذه الأيام
تصاعد حدة التوتر بين المسيحيين والحكومة الإسرائيلية، في أعقاب تهديد رؤساء 3 كنائس
في القدس المحتلة، وهم (الأرثوذكسية والأرمنية والكاثوليكية)، بإغلاق كنيسة القيامة ردا
على استمرار الحكومة الإسرائيلية بالاستيلاء على الأوقاف المسيحية ومصادرة أموال الكنائس
في البنوك بالإضافة للضرائب الباهظة التي تفرضها الحكومة.
وكانت السلطات
الإسرائيلية أمرت في وقت سابق من شباط/ فبراير الماضي، بتعليق حسابات كنائس القدس كافة،
في محاولة لإجبارها على دفع ضريبة أملاك لبلدية الاحتلال، حيث تقول إسرائيل إن هناك
ديونا مستحقة على كنائس القدس، تصل قيمتها إلى 200 مليون دولار أمريكي.
خلق صراع جديد
من جانب آخر، اعتبر الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية في فلسطين، حنا عيسى، أن "نتنياهو
يسعى من خلال تصريحاته إلى إظهار الصراع في فلسطين على أنه صراع بين المسلمين واليهود،
ومن ناحية أخرى يهدف نتنياهو إلى خلق حالة من التوتر لنشوء صراع بين المسلمين والمسيحيين، بعد أن فشلت محاولاتهم باستخدام أساليب القوة وفرض الضرائب على تمزيق هذا التوافق الذي
تصدى لمحاولات تسريب العقارات في القدس وبيت لحم لصالح شركات استيطانية".
وأضاف عيسى، في
حديث لـ"
عربي21"، أن "إسرائيل التي تدعي بأنها الدولة التي تقبل التعايش
السلمي بين الطوائف الدينية كانت قد صادقت قبل ثلاثة أشهر على قانون القومية، الذي
ينص على أن إسرائيل هي دولة قومية للشعب اليهودي، ضاربة بعرض الحائط حقوق الطوائف المسيحيين
والمسلمين أصحاب هذه الأرض".
وعن أسباب تراجع
أعداد المسيحيين في بيت لحم، أوضح عيسى أن "ذلك يعود إلى عدة أسباب من بينها الهجرة
الواسعة للمسيحيين لدول غرب أوروبا؛ بحثا عن العمل، بالإضافة لأن معدل إنجاب المسيحيين
أقل من المسلمين، وهو السبب في انخفاض نسبتهم مقارنة بعدد السكان".