في اليوم العالمي للقضاء على
الفقر، الذي يوافق
17 تشرين الأول/ أكتوبر من كل عام، تجاهلت الحكومة
المصرية إعلان حقيقة نسبة الفقر،
وأوضاع الفقراء، ودخولهم، واكتفت بالحديث عن برامج اجتماعية، ومشروعات اقتصادية
للحد من عدد الفقراء في بلد يبلغ عدد سكانه 100 مليون نسمة.
وقد أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة الاحتفال باليوم العالمي
للفقر منذ عام 1993 بهدف تعزيز الوعي للحد من الفقر والفقر المدقع في كافة الدول
وبشكل خاص في الدول النامية.
وبهذه المناسبة
أصدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، اليوم الأربعاء، بياناً
صحفياً، أكد فيه أن الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة تستهدف تخفيض نسبة
الفقر بجميع أبعاده إلى النصف بين الرجال والنساء والأطفال بحلول عام 2020 والقضاء
على الفقر نهائياً بحلول عام 2030".
ويقول خبراء في الاقتصاد، ونشطاء عماليون
تحدثوا لـ"
عربي21" إنه في اليوم العالمي للفقر لا يسع الكثير من
المصريين إلا تذكر جملة السيسي الشهيرة "إحنا فقرا أوي أوي أوي"، ولكنه
يتجاهل الفقر عند الحديث عن المدن والعواصم الجديدة والساحلية والتجارية.
وعلى الرغم من
ارتفاع نسب النمو الاقتصادي التي تعلنها الحكومة المصرية، يرى المركز المصري
للدراسات الاقتصادية أن برنامج الإصلاح الاقتصادي، أسفر عن نتائج إيجابية على
مستوى المؤشرات الاقتصادية الكلية إلا أن مجرد ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي ليس
ضمانة لتحقيق تنمية اقتصادية حقيقية.
ويقول أستاذ الاقتصاد، أحمد ذكر الله،
لـ"
عربي21" إن "مصر فشلت في التحول نحو الإنتاج وأصبحت دولة جباية
تشكل الضرائب 77 في المائة من إيراداتها، ورفعت أسعار السلع، وخفضت الدعم، وخفضت
قيمة الجنيه ما أدى إلى سحق الفقراء، ولا يزال النظام يتحدث عن نجاحات لا يراها
غيره".
وحذر من أن
"المواطن المصري لم يعد لديه طاقة على احتمال رفع الأسعار مع زيادة زهيدة في
الأجور"، لافتا إلى أن "الغالبية العظمى من المصريين الآن تحت خط الفقر،
بكل المقاييس، ولن يحتمل المزيد من الإجراءات الاقتصادية القاسية".
الفقر في زيادة
من جهته، كشف المحلل الاقتصادي، محمد السيد، عن
أن نسبة الفقر قد تتجاوز 50% مستندا في ذلك إلى تصريحات صحفية لوزيرة التضامن
المصرية، قائلا: "فِي تصريح لوزيرة التضامن غادة والي لصحيفة (مصراوي) ذكرت
أن 54% من الشعب يعيشون تحت خط الفقر، ويحصلون على مساعدات من الدولة".
مضيفا لـ"
عربي21" أن "نسبة
الفقر في مصر حققت معدلات قياسية رغم عدم إعلان الحكومة عن ذلك رسميا، إلا أنه منذ تطبيق شروط صندوق النقد، وتعويم الجنية
في نوفمبر 2016 انضم عدد كبير من محدودي الدخل والطبقة المتوسطة إلى طبقة الفقراء".
ورأى أن
"حديث الحكومة عن برامج الإصلاح التي قاربت على ثلاث سنوات لم يكن له مردود
إيجابي على المواطن، وكان لرفع الدعم عن الوقود والكهرباء والمياه والمواصلات آثار
سلبية إن لم تكن كارثية على دخل المواطن؛ فأصبح أعداد ممن لا يحصلون على الحد
الأدنى للأجور أكثر من 50% من تعداد الشعب المصري".
وأكد السيد أن "حكومة الانقلاب للأسف تنفذ
مطالب صندوق النقد دون مراعاة للبعد الاجتماعي، فغلق المصانع وتسريح آلاف العمال أدى إلى زيادة البطالة،
واتساع رقعة الفقر في كافة محافظات مصر، وباستمرار هذا النهج العقيم سيطال الفقر
المزيد من المواطنين"
.
فقر على فقر
وقال الناشط العمالي، السيد حماد، إنه "في
اليوم العالمي للفقر تقوم السلطة بزيادة الشعب فقرا على فقر بإغلاق المصانع
والشركات والهيئات الحكومية وخصخصتها، ومن ناحية أخرى تستولي الزمرة الحاكمة على
كل مصادر الدخل، وتتحكم في كل أنواع التجارة فلا مستثمر مرتاح، ولا فقير من مرتاح".
وفي حديثه لـ"
عربي21" أكد أنه
"من المتعارف عليه اقتصاديا أن سوء الإدارة في استغلال الموارد الطبيعية أحد
أسباب الفقر، وكذا وجود رؤوس الأموال مع حفنة من البشر يحتكرونها يؤدي ذلك إلى
زيادة الفقر في المجتمع، وهذا النظام يتاجر بكل ما يمكن التجارة به".
ورأى أن نسبة الفقر في مصر آخذة في الاتساع
نتيجة سياسة نظام السيسي الاقتصادية، قائلا: "مصر تراجعت على معظم إن لم يكن
جميع مؤشرات الصحة والتعليم والدخل، والعمل وليس من الراجح عودتها إلى
الساحة الدولية في ظل استمرار تلك السياسات الفاشلة".