اتهم مزارعون مصريون وخبراء اقتصاديون الحكومة المصرية وكبار المستوردين بإشعال أزمة تسويق محصول الذرة للفلاحين هذا العام، ليلحق بمحصولي القطن والقمح؛ ما أدى إلى تدني سعره، وعدم تحقيق هامش ربح مجز بعد زيادة مساحة الذرة؛ بسبب تقليص زراعة الأرز.
في شباط/ فبراير 2018، خفضت الحكومة المصرية مساحة الأرز المزروعة من مليون و100 ألف فدان إلى نحو 750 ألف فدان فقط، من أجل ترشيد استهلاك المياه، وخيرت الفلاح بين زراعة القطن أو الذرة كمحصولين بديلين مع الوعد بتسويقهما بأسعار عادلة، ما ترتب عليه مضاعفة زيادة المساحة المزروعة من الذرة إلى إلى 2 مليون و550 ألف فدان.
ورغم قرار وزارة الزراعة بتشكيل لجنة عليا لمتابعة أعمال تسويق محصول الذرة بإجمالي 100 ألف طن لصالح الاتحاد العام لمنتجي الدواجن، وذلك ضمن خطة الدولة لتسويق المحصول بسعر 3800 جنيها للطن، للحد من استيراد الذرة من الخارج إلا أن شركات إنتاج الدواجن فضلت تسلّم الذرة المستوردة من التجار بدلا من الجمعيات التعاونية بعد خفض السعر بأكثر من 300 جنيه للطن.
اقرأ أيضا: هكذا تدفع حكومة مصر الفلاحين إلى حرق محصول القطن
فاتورة الاستيراد
وتبلغ فاتورة استيراد الذرة 23.5 مليار جنيه (1.3 مليار دولار) تستورد مصر ما يقرب من 8 ملايين طن من الذرة، وتنتج ما بين 3 و4 ملايين طن تستخدم في إنتاج أعلاف الإنتاج الحيواني، والإنتاج الداجني بشكل رئيسي.
وطالب خبراء اقتصاديون بتطبيق المادة 29 من دستور 2014، والتي تنص على أن "تلتزم الدولة بتوفير مستلزمات الإنتاج الزراعي والحيواني، وشراء المحاصيل الزراعية الأساسية بسعر مناسب يحقق هامش ربح للفلاح، وذلك بالاتفاق مع الاتحادات والنقابات والجمعيات الزراعية".
الحكومة والمستورد
حمل وكيل مؤسسي حزب مصر الخضراء، الشهير بالفلاح الفصيح، محمد برغش، الحكومة المصرية مسؤولية فشل وزارة الزراعة، والجمعيات التعاونية في تسويق محصول الذره للفلاحين هذا العام، قائلا: "الفلاح لا يثق في الحكومة منذ سنوات عديدة؛ هذه ليست المرة الأولى التي تخذل فيها الفلاح، فمنذ عدة سنوات لم تلتزم بتعهدها بشراء محصول الذرة، وتسبب ذلك في خراب بيت الفلاح، والشيء نفسه حدث في محاصيل القطن والقمح والأرز".
وكشف برغش لـ"عربي21" عن خطورة استيراد الذرة من الخارج، "أخطر ما في الذرة المستوردة أنها تأتي منزوعة الجنين المسؤول عن إنتاج الزيوت، بالتالي لا يستفاد منها بالشكل الأمثل، كما أن أهم أمراض الذرة منزوعة الجنين هو الأفلاتوكسين الذي يسبب سرطانات وسموم ضارة".
واتهم برغش كبار المستوردين "بإفساد الاتفاق بين اتحاد منتجي الدواجن وزارة الزراعة على شراء 250 ألف طن أي ما نسبته 1 إلى 28 مما يتم استيراده، وكل طرف تنصل من العقد؛ لأن الكلمة العليا للمستورد فهو من يتحكم في السوق عبر أدواته المختلفة، وفي قرارات المسؤولين أيضا"، داعيا إلى "معاقبة المسؤولين عما حدث؛ لأن من أمن العقوبة أساء الأدب، وما حدث هو إرضاء لرجال الأعمال على حساب الفلاح".
ودعا إلى "العمل على إنتاج الذرة بشكل وفير، لسد فجوة الاستيراد، وحتى يحدث هذا لابد من تطوير البحوث الزراعية، ووضع سعر عادل للفلاح لتشجيعه على زراعتها، ويجب العمل على توفير الذرة طوال العام، وهذا يقتضي توافر مجففات وصوامع كبيرة تستوعب هذا الكم من الإنتاج".
اقرأ أيضا : في عهد السيسي.. القطاع الزراعي مهدد بالانهيار
تدمير الفلاح
ورأى الخبير الاقتصادي، أحمد خزيم، أن أزمة تسويق الذرة الصفراء هي نتاج "أولا، بقاء قانون المنافسة الاحتكارية بدون تعديل؛ وهو ما نتج عنه أزمات تسويق القمح والقطن والأرز"، محذرا من أن "مجموعة المشاكل المرتبطة بالزراعة سوف تستمر؛ لأن هناك مجموعة من المافيا منغمسة في الوزارات الحكومية باختلافها تنتج منها كمية من الأزمات لا تنتهي".
وأضاف خزيم لـ"عربي21": "الأمر الثاني، غياب رؤية لكافة القطاعات الاقتصادية، وعلى رأسها القطاع الزراعي، وأخطر قطاع يتم التلاعب فيه، الذي يمثل الأمن الغذائي، هو القطاع الزراعي لأنه يعمل بشكل عشوائي، ولا توجد أي رؤية أو خطة زراعية لأي محصول وبالتالي يسري على الذرة ما يسري على كافة المحاصيل؛ لأن وزارة الزراعة غير مهتمة بالعملية الزراعية ويتم تدمير هذا القطاع".
وتابع: "إلى من يريد معرفة من المستفيد أحيله إلى الاطلاع على فاتورة الواردات الغذائية، أما فيما يتعلق بالفلاح فقد قام بما عليه بعد التغييرات الأخيرة في عملية ترتيب المحصول، وعدم وجود رؤية للحكومة أدى إلى ضياع محاصيل كالقمح والقطن ومن بعدها ستضيع محاصيل أخرى".
وطالب خزيم "بمراجعة فاتورة استيراد الذرة الصفراء، التي تصل بكميات ضخمة إلى ميناء دمياط، ومعروف للجميع من هو المستورد الرئيسي لها إلى جانب الفول الصويا، وتعود أهميتهما إلى أن جزءا كبيرا من الثروة الداجنة متعلقة بالذرة الصفراء كعلف للدواجن".
ما حقيقة اتهام يسري فودة بالتحرش في ألمانيا؟
ذهب منجم السكري .. "الفساد" الحائر بين الجيش ووزارة البترول
تقدير استراتيجي يحذّر الفلسطينيين من مخاطر تهدئة دون توافق