"أريد أن أكون آمنا وحرا، لا أكثر ولا أقل، في هذا السن لست في حمل التعرض للتوقيف ولا للإقامة الجبرية ولا للمنع من السفر، فاخترت أن أغادر". هذا ما كان يأمله الصحفي السعودي جمال خاشقجي خلال الحوار الذي أجرته معه "عربي21" خلال سبتمبر/ كانون أول الماضي، لكن يبدو أن الرياح جرت بما لم تشته السفن.
الكاتب السعودي المخضرم، والذي عرف مؤخرا خلال السنوات
الماضية بنقده، أو بنصحه -كما هو يصف الأمر-، لما يجري في السعودية، بعد
تولي الملك سلمان زمام الأمور، وسيطرة ابنه محمد ولي العهد على مقاليد الحكم، أصبح
الآن بين يدي السلطات السعودية في تركيا، بعد محاولته إتمام بعض الوثائق التي
يحتاجها من قنصلية بلاده، كما تؤكد خطيبته.
وُلد خاشقجي في "المدينة المنورة" عام 1958. وتلقى
علومه في جامعة ولاية إنديانا الأمريكية.
عمل في بداية
مسيرته في صحيفة "سعودي جازيت"، ثم مراسلا لعدد من الصحف العربية اليومية
والأسبوعية في الفترة الممتدة من 1987 إلى 1999.
عرف كمراسل ميداني
غطى أحداثا عدة، أبرزها: الحرب الأفغانية ضد السوفيت، والتحول الديمقراطي قصير الأجل
في الجزائر، وحرب الكويت. كما عرف بمتابعته للحركة الإسلامية، ونُشرت له تحقيقات عدة
من السودان وتركيا واليمن ومصر والأردن.
في عام 1999، عُين نائبا لرئيس تحرير صحيفة "أراب نيوز"،
ثم تولى رئاسة تحرير صحيفة "الوطن" اليومية، الصحيفة الإصلاحية الرائدة في
المملكة العربية السعودية، غير أنه لم يعمر فيها طويلا، ليُعيَّن بعدها مستشارا إعلامياً
للسفير السعودي في لندن ثم واشنطن، الأمير تركي الفيصل، واستمر في منصبه حتى عام
2007.
في العام 2007 عاد إلى رئاسة تحرير جريدة الوطن السعودية، حيث استمر في منصبه حتى مايو 2010. وبعد أسابيع قليلة اختاره الأمير الوليد بن طلال ليقود جهود تأسيس قناة "العرب" الإخبارية التي انطلقت في العام 2013 ليوم واحد، قبل أن تغلق، وتبقى أبوابها مغلقة لعدة سنوات قبل أن يعلن الأمير
السعودي إغلاق قناته.
غاب خاشقجي نحو عام
عن الكتابة، من تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، بعدما أصدرت وزارة الخارجية السعودية بياناً،
تقول فيه إن آراءه لا تمثل المملكة، بعدما انتقد وصول الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب،
إلى السلطة، مؤكداً خوف المملكة من تداعيات هذا الأمر.
عاد خاشقجي في آب/ أغسطس 2017، بتغريدة قال فيها: "أعود
للكتابة والتغريد، الشكر لمعالي وزير الإعلام لمساعيه الطيبة، والشكر والولاء متصلان
لسمو ولي العهد لا كُسر في عهده قلمٌ حر ولا سكت مغرد".
وكان أولى ما كتبه معاودة الهجوم على نظام السيسي، بعدما
نشر تقرير منظمة هيومان رايتس ووتش عن "تعذيب السجناء"، وكتب: :ما يجري في
مصر مؤلم. السكوت عليه غبن. الدفاع عنه سقوط".
في نفس العام الذي عاد للكتابة فيه، قررت صحيفة الحياة
اللندنية الممولة سعوديا، أن تفصل خاشجي
أبرز كتابها بسبب "تجاوزاته"، مشيرة إلى أنه "كان واضحا في التشكيك في الإصلاحات التي تشهدها
المملكة العربية السعودية والطعن فيها، والعمل على الإساءة لها من خلال المقالات التي
كتبها في صحف عالمية".
وبعد أن فصلته الحياة، تعاقدت إحدى أعرق الصحف العالمية، وهي "واشنطن بوست"، مع خاشقجي ليكتب فيها بشكل منتظم أسبوعيا.
قرر خاشقجي في العام 2017 الرحيل إلى الولايات المتحدة
والاستقرار فيها.
تحدث الكاتب السعودي في عدة مقالات عن القبض على عدد من
الأمراء بتهمة التورط في قضايا فساد، ووصف المملكة بأنها باتت تحوي مناخا من الخوف
والترهيب- وفق قوله.
وقد
كتب خاشقجي على نطاق واسع خلال العام الماضي عن النفوذ المتزايد لمحمد بن سلمان،
ولي العهد السعودي الشاب، وانتقد بعض سياساته، بما في ذلك قمعه للمعارضين.
وبعدما اعتقلت
السلطات السعودية مجموعة من النساء المطالبات بحقوق الإنسان في أيار/مايو كتب
خاشقجي يقول: "القمع صدم حتى المدافعين الأشداء عن النظام".
كيف أحدثت "صورة" جرحا غائرا في قلب أوزيل؟ (بورتريه)