نشر موقع "بلومبيرغ" تقريرا يتحدث فيه عن معسكرات اعتقال المسلمين في الصين، يتساءل فيه: من هو مهندس معسكرات الاعتقال ضد مسلمي الإيغور في شمال غرب الصين؟ وهل ستعتمد بكين أساليبه القمعية في أماكن أخرى؟
ويكشف التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن أن مهندس المعاناة هو المسؤول البارز في الحزب الشيوعي الصيني في إقليم تشينجيانغ في شمال غرب الصين تشين تشوانغو، مشيرا إلى قول الأمم المتحدة إن الحملة وضعت أكثر من مليون مسلم، أي عشر سكان الإقليم، تحت الاعتقال الجبري، أو ما تسمى معسكرات "إعادة التعليم".
ويشير الموقع إلى أن الاتحاد الأوروبي شجب عمليات الاعتقال الجماعي، فيما دعا عدد من نواب الكونغرس لفرض عقوبات على تشين تشوانغو وبقية أعضاء الحزب البارزين، ما يهدد بتصاعد التوتر الذي زاد بسبب الحرب التجارية التي شنها الرئيس دونالد ترامب، لافتا إلى أن السيناتور ماركو روبيو وصف ما يجري في الإقليم بأنه مثل "فيلم رعب".
ويستدرك التقرير بأن تشين في الصين يعد نجما صاعدا، فحصل على ترفيع في العام الماضي داخل الحزب الشيوعي ليصبح عضوا في المكتب السياسي للحزب، بشكل يجعله واحدا من 25 مسؤولا قويا، مشيرا إلى أنه نال هذا كله بسبب ما قام به في تشينجيانغ، ولولائه للرئيس شي جينبنغ، و"ربما أصبح تشين في عام 2023 عضوا في لجنة الحزب الشيوعي العليا المكونة من سبعة أعضاء".
ويقول الموقع إن "صعود تشين هو أكبر من كونه جهد شخص واحد، وهناك مخاوف من أن يكون ما جرى في الإقليم هو فحص لنموذج جديد للحكم الديكتاتوري، يمكنه تحويل الطريقة التي تحكم فيها البلاد، ويصدر للمنطقة كلها، وقد يؤدي إلى جبهة جديدة من التوتر بين الولايات المتحدة والصين، بعد الحرب التجارية والحرب الإلكترونية، ومعركة التأثير في أنحاء منطقة آسيا والباسيفيك، حيث يسعى الرئيس الصيني لتحويل الصين إلى قوة عظمى بحلول عام 2050".
ويجد التقرير أن أي خطوة لفرض عقوبات على تشين قد تؤدي إلى زيادة المخاوف في الصين عن وجود مؤامرة خارجية للتأثير على سيادتها في الإقليم الذي حاولت السيطرة عليه، وهو موضوع حساس للحزب الخائف من حركات الاستقلال في تايوان وهونغ كونغ والتيبت، حيث كان تشين في مقدمة المسؤولين الذين حاولوا السيطرة على هذه المناطق المضطربة أكثر من أي زعيم آخر.
وينقل الموقع عن المحاضر في جامعة لاتروب في ميلبورن في أستراليا جيمس ليبولد، قوله: "ما يوجد أمامنا هو تصادم في القيم"، وأضاف أن "السياسات التي تم تفعيلها بناء على إشرافه في تشينجيانغ هي أكثر الأساليب إكراها، لدرجة دفع البعض في الغرب للحديث عن تداعياتها على وضع الصين في العالم وعلاقتها بالغرب الليبرالي".
ويذهب التقرير إلى أن تشين في الحزب الشيوعي هو مثال عن رجل صنع نفسه، فعلى خلاف الرئيس شي، الذي كان والده مسؤولا ثوريا في عهد ماوتسي تونغ ودينغ زياوبينغ، فإن تشين لا علاقة عائلية تربطه بالحزب ساعدته على الصعود في سلكه، ولم يكتب الكثير عنه مقارنة مع بقية قادة الحزب، ولم تظهر عنه سوى معلومات بسيطة في مواقع الحزب المتداولة في هيبي والتيبت وشينجيانغ.
ويلفت الموقع إلى أن تشين نشأ في مناطق الداخل الصيني في منطقة هينان، في الوقت الذي بدأ فيه ماوتسي تونغ الزحف الكبير، الذي أدى إلى وفاة الكثيرين بسبب الجوع والضرب والانتحار، وانضم إلى الجيش عندما كان في سن الثامنة عشرة، وأصبح لاحقا عضوا في الحزب الشيوعي، ودخل الجامعة وتخرج عندما كانت الصين تفتح أبوابها لتطبيق الليبرالية الاقتصادية، إلا أنه انضم إلى فرع للحزب في ريف هينان، حيث بدأ رحلة امتدت أربعة عقود، من عضو عادي إلى عضو في المكتب السياسي، وفي رحلة الصعود عمل ذات مرة مع رئيس الوزراء الحالي لي كيغيانغ.
وينوه التقرير إلى أن تشين حصل على أول مهامه في عام 2011، عندما عين المسؤول الأول في إقليم التيبت، الذي يحتاج الدبلوماسيون والصحافيون إلى تصريح رسمي لزيارته، مشيرا إلى أنه مركز مهم، حيث حكم هو جيتناو الإقليم قبل عقد من توليه رئاسة البلاد.
ويبين الموقع أنه في الوقت الذي كان فيه الإقليم يغلي من العنف ضد بكين، فإن تشين قام بإلقاء الخطابات التي تحدث فيها عن تحرير التيبت سلميا، وقال إن قادة الحزب نقلوا المنطقة "من الظلام إلى النور"، ووضع لاحقا السياسات التي جعلته رجل بكين في الإقليم، وقال لكوادر الحزب إن الاستقرار المجتمعي هو "مسؤوليتهم الأولى"، وأمرهم بالعيش في القرى التيبتية، وأمرهم بالمكوث في المعابد البوذية، وأخبرهم أن على البوذية في المنطقة التكيف مع "الحضارة الاشتراكية"، وأمرت المعابد برفع الأعلام الصينية وتعليق صور قادة الحزب على الجدران.
ويفيد التقرير بأنه بحلول عام 2015، وضع تشين حوالي 100 ألف من كوادر الحزب في القرى التيبتية، وتم إنشاء أكثر من 1700 معبد، لافتا إلى أنه في الفترة 2011- 2016، أعلنت حكومة التيبت عن أكثر من 12313 وظيفة للعمل في سلك الشرطة، فيما وصف رئيس جهاز الأمن أثناء فترة تشين في التيبت، مينغ حيناجو، أن ما قام به هو نموذج للاستقرار للبلاد كلها، "صيانة الاستقرار"، بحسب وصفه.
وبحسب الموقع، فإن تشين لم يغفل طوال عمله في التيبت عن التطورات في العاصمة، حيث كان أول من مدح شي ووصفه بالزعيم المركزي، وذلك قبل أشهر من ترفيعه في الحزب، وقال إن شي "قائد حكيم"، ولديه "خطة رائعة للصين"، مشيرا إلى أن وفد الحزب من التيبت إلى جلسات المؤتمر الوطني الصيني وضعوا صورا لشي على ملابسهم.
ويشير التقرير إلى أنه في الوقت الذي نجح فيه تشين في التبيت، فإن شي كان يواجه إقليما مضطربا في تشينجيانغ، الذي يتحدث سكانه الإيغور باللغة التركية، حيث واجهت بكين مصاعب للسيطرة عليه، خاصة بعد هجمات إرهابية عام 2009، لافتا إلى أن الإقليم يقع في وسط مشروع "الطريق والحزام"، الذي رصدت له الصين 100 مليار دولار؛ لإحياء طريق الحرير القديم، وكان يريد شي السيطرة على المنطقة، ولهذا عين في عام 2016 تشين ليقوم بتطبيق سياسة "اضرب أولا".
ويقول الموقع إن تشين بدأ في نسخ نجاحه في التيبت، فأرسل مسؤولي الحزب إلى القرى الإيغورية، وأنشأ شبكة من نقاط التفتيش وكاميرات الرقابة، وأغلق المساجد؛ في محاولة منه لـ"تصيين الإسلام"، وبحسب تقارير، فإن تشين قام بتدريب الأمن على استخدام تقنية طبقها بنجاح في التيبت، حيث درب الشرطة على توقيت الرد على المكالمات العاجلة بالثانية.
ويذكر التقرير أن تشين بدأ معسكرات "إعادة التعليم"، التي أثارت شجبا في أوروبا والولايات المتحدة، مشيرا إلى أن تشين يعد أول زعيم في الحزب يعمل في التيبت وتشينجيانغ، وتقوم الأساليب الأمنية لإعادة التعليم على "استخراج البعد الإثني من الناس وسجنهم"، بحسب البروفيسور في جامعة جورج تاون جيمس ميلوارد.
ويختم "بلومبيرغ" تقريره بالإشارة إلى قول ميلوارد: "في تشينجيانغ جاء تشين بموقع بارز في الحزب، ومنح صلاحية لعمل ما يريد، وبأطنان من التمويل... من الواضح أنه يحظى بدعم شي لدرجة كبيرة".
لقراءة النص الأصلي اضغط هنا
واشنطن بوست: أمريكا تتخلى عن دورها ولن تكون عظيمة
ميدل إيست آي: هكذا يعاني الإيغور للحصول على حقهم بالحج
الغارديان: حتى الدول الإسلامية خائفة من إدانة قمع الإيغور