هناك فريق يصر على ترويج فكرة أن عودة الرئيس مرسي أصبحت مستحيلة، وبالتالي لا يكف عن دعوة معسكر الشرعية إلى التنازل بحجج يحاول أن تبدو في مظهر عقلاني.
لم يقدم هذا التيار حلولاً سوى مجرد الدعوة إلى التنازل عن الشرعية حتى أصبح من الممكن تسمية هذا التيار بتيار رافضي عودة مرسي. وهم في الحقيقة لا يقدمون أي حلول سوى فكرة التنازل عن الرئيس مرسي ومحاولة التغيير تحت مظلة الانقلاب. فكان هذا التيار من الداعين للمشاركة في الانتخابات الانقلابية الأخيرة ودعم سامي عنان واعتبروا ذلك محاولة إيجابية لإحداث تغيير.
تطبيع مع الانقلاب
على الرغم مما يحمله هذا من تطبيع واضح مع الانقلاب ورضا بنتائجه، وعلى الرغم من أن الفكرة نفسها تحوي قدرا كبيرا من المخاطرة، حتى لو سارت الأمور بشكل طبيعي وفشل مرشحهم، فإن هذا كان سيعني ضرورة أن يسلموا بالنتيجة، وكان سيعني وقتها أن يقبلوا بالسيسي رئيساً شرعياً لأنهم شاركوا في انتخابات نجح فيها!
بل ولو افترضنا أن سامي عنان استمر في سباق الانتخابات الانقلابية، وأن السيسي لجأ لمسار آخر هو قبول فكرة المنافسة ظاهرياً، ثم التحايل خفية وتزوير النتائج لصالحه، لكان معنى هذا أن يصل الأمر إلى نفس التنيجة السابقة وهي شرعنة نتائج الانتخابات الانقلابية. طبعا هذه الحسابات المنطقية غابت عن المشهد حتى قام الانقلاب باعتقال سامي عنان.
أي أن الداعين للتنازل عن عودة الرئيس مرسي لم يقدموا حلولاً سوى حقيقة المشاركة في انتخابات انقلابية، والحقيقة أن هناك خلطاً واضحاً بين أمرين، بين عدم تمكن معسكر الشرعية من تحقيق نتيجة ملموسة حتى الآن وبين الموقف المبدئي، ذلك أن المواقف المبدئية حتى مع عدم قدرة أصحابها على تغيير الواقع ولو مرحلياً، يمكنها في أي وقت أن تتحول إلى تغير حقيقي ملموس، أي إنه من الناحية السياسية فكرة التمسك بموقف مبدئي وإن لم تحدث تغييراً فورياً، فإنها لا تضر، بل هي في حد ذاتها مكسب سياسي. ثم إن الداعين إلى التنازل عن شرعية الرئيس لا يعرضون في المقابل أي مكاسب يمكن أن يحصل عليها رافضو الانقلاب إذا تنازلوا عن موقفهم.
موقف مبدئي
والتمسك بشرعية الرئيس مرسي وإعلان هذا ليس فقط مجرد موقف مبدئي (وهو موقف الأخلاق والحق والعدل)، بل هو موقف يعني ضمناً الإصرار على تصنيف ما حدث في 3 تموز/ يوليو 2013 على أنه انقلاب عسكري، إذ كيف يمكنك توصيف ما حدث بالانقلاب، وأنت تتنازل عن شرعية الرئيس الذي وقع الانقلاب ضده؟
ومن ناحية أخرى، وبحسابات سياسية بسيطة جداً، فالتمسك بالشرعية معناها الاحتفاظ بمعسكر متماسك يرفض الانقلاب العسكري في مواجهة انقلاب عسكري يسعى لتجاوز عقبة الشرعية، أي إن فكرة الشرعية تمثل مشكلة دائمة للانقلاب لا يمكنه تجاوزها، وهي مسألة يدركها الرئيس مرسي نفسه بشكل واضح ولذلك رفض أي تنازل عن الشرعية، وأكد أكثر من مرة أنه ما يزال الرئيس الشرعي للبلاد.
ورغم ان الانقلاب يسيطر على سلوك رئيسه تماماً منذ بداية عهده وحتى الآن إلا أنه يبدو واعياً لافتقاده للشرعية ويعاني من عقدة الرئيس مرسي، ويحاول تجاوز هذه العقبة ويبدو هذا في عدد من التصرفات وحتى شراء حضور في قمة هنا أو هناك ليبدو كما لو كان يمتلك شرعية.
الحقيقة أن شرعية الرئيس مرسي هي الورقة الرابحة التي يمتلكها حتى الآن رافضو الانقلاب وهي ورقة أثبتت أنها تسبب صداعاً دائماً للانقلاب وعقبة لا يمكنه تجاوزها.
فجوة الأمل وإحباط الشباب.. النقد الذاتي (31)