بدأ لقاء خليفة حفتر مع بعض شيوخ وأعيان بعض القبائل بالاستماع إلى كلمات كان ملخصها التأكيد على دوره ومكانته وأن لا أحد غيره جدير بقيادة البلاد.
وجعل حفتر بعضا مما ورد في كلمات الحضور جزءا من حديثه، لكنه مرر رسائله الرئيسية التي يريد أن يوصلها والتي تعبر عن موقفه مما يجري على الساحة السياسية.
للمرة الأولى يركز حفتر على الجانب الإقتصادي والإجتماعي بالدندنة على الفقر وكيف أنه العدو الثاني في الترتيب من حيث الخطورة بعد "الدواعش"، وهذه الإضافة الجديدة في الخطاب لها علاقة بالموضوع المحوري في حديثه وهو الانتخابات.
وردت عباراته في استنكار حالة الفقر التي يعيشها الليبيون مرات، وحاول أن يتطرق إلى بعض الأفكار التنموية لكنها كانت محدودة ولا تعبر عن رؤية، لكن الفقر كان محورا أساسيا، وهو ملخص المشروع السياسي ليقول أنا لست فقط رجل حروب، وأن المعارك التي جاوزت الـ (200) لن يكون لها معنى في عقول الناس إذا استمر الوضع المعيشي في التردي.
ويمكن أن يصنف شجبه للاستيلاء على أملاك الناس ومصادرتها ممن تم تصنيفهم كخوارج أو "دواعش" في بنغازي وبعض المدن الأخرى ضمن محورية الانتخابات وتقديم نفسه كرجل المرحلة في غير الجانب العسكري والأمني.
الانتخابات أولا وأخيرا
في القضية المحورية في اللقاء وهي الإنتخابات، كرر حفتر ما دأب على ترديده في ما يتعلق بموقفه منها، وهو أنه لن يقبل إلا بانتخابات نزيهة، وأنه سيقوضها بعملية قبلية أو حتى بعدية في حال لم تكن كذلك، وتظل عبارة نزيهة مطاطة، وليس مستبعدا أن يكون المقصود بالنزاهة هو أن تأتي النتائج في صالحه، وأن خلاف ذلك مرفوض وسيكون مبررا لتقويضها.
على صعيد الأحداث الجارية، لم يخف حفتر قلقه مما وقع، وأعرب بشكل واضح عن امتعاضه من العملية السياسية ومن أداء البرلمان فيها، وفي إشادته بالعدد القليل من أعضاء البرلمان بقوله يكفي أن يكون من بينهم حتى (10%) صادقين، ما يفسر وزن هذه المجموعة وقدرتهم على التأثير على اتجاه المسار السياسي.
خلاف مع رئيس البرلمان
لم يتردد حفتر في الإشارة إلى خلافه مع عقيلة صالح، وذكر أنه برغم التطمينات التي سمعها منه إلا أن ما يقع لا يطمئن، وأظنه يقصد جلسات إقرار مسودة الدستور وإقرار قانون انتخابات لا يرضى عنه، وإلى اجتماع الـ (80) وبيانهم، وورد في بعض عباراته ما يفهم أنه تحذير لرئيس البرلمان، وأنه قد يكون أول ضحايا هذا المسار.
مسودة الدستور مرفوضة من قبل حفتر، وبالتالي تقديمها للاستفتاء العام غير مقبول، وهي كارثة كما وصفها، وطالب بتأجيل النظر فيها بعد الإنتخابات ومقاربته للدستور بأن تشكل لجنة لوضعه.
تحرير العاصمة
لم يعلق حفتر بشكل مباشر على الاحتراب في طرابلس، وقد توقع كثيرون أن يكون هذا محور حديثه باعتبار أهمية الحديث وإصرار حفتر على تحرير العاصمة بقوة السلاح، لكنه بالمقابل أشار إلى العلاقة مع "ترهونة" وموقف أعيانها منه ومن الجيش، ولأن الهجوم على طرابلس مدعوم من مجلس أعيان ترهونة فقد يفهم من ذلك مباركة للعملية بشكل غير مباشر.
أكد حفتر للأعيان إصراره على الدور الريادي للعسكري وقائد الجيش المسؤول عن فرض الأمن بالقوة، وحتى مع إعلانه عن الإستعداد للتحول إلى سياسي فإنه أصر على إبراز دوره الأساسي كما يحب أن يظهر به وهو فرض الأمن بالقوة، وأن مهمته هذه ماضية قبل الانتخابات أو بعدها.
من الحلول الغريبة جدا التي قدمها لمجابهة بعض العقبات قوله بإمكان إرسال من وقعوا في جرائم خطف وقتل من المجموعات المسلحة للخارج للعمل في شركات وما سواها، وهو ما يعتبر اتجاها متعمدا لإفلاتهم من العقاب، واستدرك بأنهم سيكونون معرضين للعقاب فقط في حال قرروا العودة.
وخلاصة الحديث أن حفتر يريد قصب السبق، والبعير وما حمل سواء كان ذلك سلميا عبر الانتخابات، أو بالقوة في حال لم يوصله صندوق الاقتراع إلى كرسي الحكم، كان هذا جليا في كلامه حتى وإن لم يصرح به، وتوظيف الأعيان إنما لتأكيد هذا المعنى ليقودوا المسيرة في حال الانتقال السلمي عبر الانتخابات أو اللجوء إلى السلاح إذا جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن.
الخلاف الحقيقي بين الشيخين: من يعين رئيس الحكومة القادم بتونس؟
نادي الرؤساء العرب المحنطين الأحياء