أطاحت سلطة الانقلاب العسكري في مصر بالرجل الثاني في الأزهر الشريف من منصبه، مخالفة بذلك رغبة الشيخ أحمد الطيب، بالتجديد لوكيل المشيخة المقرب منه، وهو ما اعتبره مراقبون أزمة جديدة في سلسلة أزمات الأزهر، ورئيس سلطة الانقلاب عبدالفتاح السيسي.
ورفضت مؤسسة الرئاسة التجديد للشيخ عباس شومان، للمرة الثانية بمنصب وكيل الأزهر الشريف، رغم تقديم شيخ الأزهر طلبا رسميا بمد خدمة شومان لمدة عام ثان بعد انتهاء مدته الرسمية في أيلول/سبتمبر 2017، ما دفع شيخ الأزهر لتعيين شومان بمنصب الأمين العام لهيئة كبار العلماء بالأزهر، الاثنين.
وكان موقع "التحرير" المحلي، قد كشف عن وجود خلاف بين مؤسسة الرئاسة والأزهر الشريف حول التجديد لشومان، ونقل عن مصادر بالأزهر تلقي الشيخ الطيب ردا رسميا الثلاثاء الماضي، برفض مؤسسة الرئاسة مذكرة طالب فيها بإصدار قرار رئاسي لمد فترة عمل شومان كوكيل للأزهر لعام آخر، ودعوتها المشيخة لترشيح شخصيات أخرى للمنصب "تكون لديها القدرة على النهوض بدور الأزهر، ونشر الفكر المستنير".
شومان، كان قد عينه بالمنصب الرئيس المؤقت عدلي منصور، لمدة 4 سنوات بناء على اختيار الطيب، وقبل أن تنتهي؛ مدها السيسي استجابة لطلب شيخ الأزهر لمدة عام في أيلول/سبتمبر 2017.
"أخونة" و"دعشنة"
ومن آن لآخر تطال شومان اتهامات بدعمه فكر الإخوان المسلمين داخل مؤسسة الأزهر الشريف، إلا أن تمسك الشيخ الطيب بوكيله حال دون الإطاحة به مسبقا، ما يدعو للتساؤل حول أسباب الإطاحة به هذه المرة، وهل يعني ذلك وجود خلاف بين الأزهر والنظام؟.
ففي الوقت الذي وصفه الإعلامي إبراهيم عيسى بأنه "خطيب مرسي"، اتهمه آخرون بأنه داعشي الفكر عندما رفض تكفير أنصار تنظيم الدولة.
وتحت عنوان "التجديد لعباس شومان خطأ كبير فى حق الأزهر "، طالب رئيس التحرير التنفيذي لليوم السابع والمقرب من جهات سيادية في مصر دندراوي الهواري، بعدم التجديد لشومان، متهما إياه عبر مقال بالجريدة بأنه "الرقم الصحيح والفاعل فى معادلة أخونة الأزهر"، مضيفا أن "استمراره بمنصبه النافذ لمنارة الإسلام الوسطي بالعالم، لغز محير، وعلامة استفهام كبرى، ومدهشة، وتمثل عجيبة"، متهما إياه باستغلال منصبه وتعيين أقاربه.
وتوقع متابعون عبر مواقع التواصل الاجتماعي أن تطال شومان، اتهامات بعد خروجه من منصبه أو أن يتم ضمه لقوائم الأرهاب، خاصة في ظل عدم رضا جهات سيادية حول أدائه.
للضغط على الطيب
الأستاذ في جامعة الأزهر ياسر محمد، يعتقد أن الإطاحة بالرجل الثاني في الأزهر ورفض النظام طلب الطيب بالتمديد له، هي "وسيلة ضغط على الشيخ الطيب لتمرير أعمال معينة أو محاولة للضغط عليه للتغيير في مناهج الأزهر"، مضيفا لـ"عربي21"، أن "هناك أشياء أخرى سوف تظهر الأيام المقبلة".
وفي تعليقه قال مساعد رئيس تحرير الأهرام الأسبق أسامة الألفي، إن "الدكتور شومان من الشخصيات المؤثرة في الأزهر وهو شخصية قوية لا تتهاون في أمور الدين وليست سلسة القيادة يسهل الضغط عليها، ثم إنه من أبرز مساعدي الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر".
وحول دلالات عدم التجديد له أكد الكاتب الصحفي لـ"عربي21"، أن ذلك "يعطي رسالة للشيخ الطيب أن السلطة غير راضية عن سياسته المستقلة بالأزهر بمنأى عن سياسات الدولة"، مضيفا: "ولا أستبعد أن تكون الخطوة التالية تغيير قانون الأزهر، بحيث يمكن للسلطة اختيار شيخ جديد للأزهر".
الألفي أوضح أن "التقدم في العمر ليس سببا في إنهاء خدمة شيخ بهذا الحجم، وإلا فبماذا نفسر وجود مكرم محمد أحمد، الذي تجاوز الثمانين بسنوات على رأس الهيئة العليا للصحافة والإعلام".
وحول اتهام الإعلام لشومان بالأخونة والداعشية وما قد يطاله من اتهامات بهذا الإطار بعد خروجه من المنصب، قال الألفي، إن "الأزهر كان دوما منبر الوسطية في تقديم رسالة الإسلام وشيوخه جميعا يرفضون أسلوب (داعش) الدموي، فقط يرفضون تكفير الدواعش من وجهة نظر شرعية محضة تقول بعدم جواز تكفير من يشهد بأن (لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله)، حتى لو كان فاسقا أو عاصيا أو مجرما، فلا تزر وازرة وزر أخرى".
اقرأ أيضا: تأجيل الحكم بدعوى إلزام شيخ الأزهر بتنقية صحيح البخاري
وأضاف "أما تهمة الأخونة، فقد صارت أشبه بعلكة تمضغها أفواه مناصري النظام ومن يطبلون له، حتى لو عرفوا بالعداء للإخوان".
تغيير الطيب نفسه
ويرى نائب أول رئيس تحرير جريدة المساء، مختار عبدالعال، أن إطاحة السيسي بعباس شومان وكيل الأزهر على غير رغبة الشيخ الطيب، هي أزمة جديدة في سلسلة أزمات الأزهر والنظام.
عبدالعال، في حديثه لـ"عربي21"، رفض أن تكون الاتهامات التي طالت شومان من قبل بدعم الإخوان المسلمين إحدى أسباب الإطاحة به، مشيرا لاعتقاده بأنها "رسالة من النظام إلى شيخ الأزهر شخصيا".
وتوقع الكاتب الصحفي أن تزداد علاقة التوتر بين الأزهر والرئاسة على خلفية قرار الإطاحة بشومان، الذي رأى فيه تقليلا من شأن الطيب، مؤكدا استمرار التوتر بين مؤسسة الرئاسة ومشيخة الأزهر "إلى أن تتم الإطاحة بالطيب نفسه".
ويرى عبدالعال، أن وزير الأوقاف مختار جمعة، يقترب وبشدة من خلافة الطيب على رئاسة مشيخة الأزهر، موضحا أن "أهم الملفات التي جعلت الطيب والرئاسة على هذا التنافر ما يقولون عنه تجديد الخطاب الديني"، وهو ما تبناه وزير الأوقاف.
ويعتقد السياسي المصري الدكتور محمد محيي الدين، أن "الإمام الطيب مصنف عند ما أطلقوا عليه (الجهات المعنية) كشخص غير قابل للطي تحت سيطرتهم، والرجل صنع لنفسه وأعاد للأزهر الاحترام والتقدير اللائقين محليا وعالميا".
وأضاف لـ"عربي21"، أما "الشيخ شومان فهو من رجال الإمام ومن ثم يمكن تصنيفه تحت نفس المظلة"، مضيفا أن "(الجهات المعنية) لا تريد رجال إدارة وتخصص في أي مجال قدر ما تريد رجال ثقات وفي بعض الأحيان يفضل أن يكونوا (إمعات)".
كيف وصف معارضون مصريون العيد خارج وطنهم بعد 5 أعوام؟
بالعيد الحادي عشر بعد الانقلاب.. ماذا يقول أهالي المعتقلين؟
ما مصير الإنترنت بمصر بعد إقرار السيسي لـ"جرائم المعلومات"؟