نشرت صحيفة "دير شبيغل" الألمانية تقريرا تحدثت فيه عن
السباحة السورية
سارة مارديني، التي اشتهرت بأعمالها الإنسانية، وتعرضت للاعتقال في
اليونان بشكل مفاجئ. وقد أثارت هذه الحادثة استهجان عائلتها وأصدقائها.
وقالت الصحيفة، في
تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن مارديني لم تتوقع أن تتعرض يوما ما للاعتقال في اليونان. ومنذ ثلاث سنوات، تحولت هذه الشابة السورية، البالغة من العمر 23 سنة، إلى بطلة بعد أن نجحت رفقة شقيقتها يسرى في إنقاذ حياة 18 شخصا من الغرق في جزيرة لسبوس اليونانية.
وأكدت الصحيفة أن مارديني تقيم منذ سنة 2015 في مدينة برلين. ويوم الثلاثاء الماضي، تعرضت للاعتقال في مدينة كوريذالوس اليونانية بعد أن أنجزت مهامها التطوعية لفائدة المركز الدولي للاستجابة للطوارئ. وتتهم السلطات اليونانية مارديني بالانتماء إلى شبكة إجرامية تسير عمليات الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، علاوة على تبييض الأموال والجوسسة. ومن جهتها، أفادت سارة مارديني: "لم نرتكب أي خطأ، بل لم نقم إلا بمساعدة أشخاص آخرين".
وأشارت الصحيفة إلى أن أصدقاء مارديني أعربوا عن دعمهم المطلق لصديقتهم، مشيرين إلى أنها خاطرت بحياتها منذ ثلاث سنوات من أجل إنقاذ الآخرين. ومنذ سنة 2015، انخرطت الشابة السورية في العمل التطوعي لفائدة المركز الدولي للاستجابة للطوارئ، حيث تسهر على مساعدة
اللاجئين العالقين في جزيرة لسبوس.
وأوردت الصحيفة أن سارة مارديني أثارت اهتمام الرأي العام العالمي للمرة الثانية. ففي شهر آب/ أغسطس من سنة 2015، خطفت سارة وشقيقتها يسرى مارديني قلوب العالم من خلال رحلة هروبهما من دمشق إلى أوروبا. وقد ترعرت سارة مارديني في حي ساروجة، حيث تعلمت رفقة شقيقتها يسرى فنون السباحة. وبفضل موهبتهما، التحقت الشقيقتان مارديني بالمنتخب السوري للسباحة. وبعد أن دمرت الحرب بلدهما، قررت الشقيقتان الهرب إلى أوروبا.
وأوضحت الصحيفة أن سارة ويسرى امتطتا قاربا رفقة عدد من اللاجئين للفرار إلى أوروبا. وبعد دقائق من انطلاق الرحلة، توقف محرك القارب. وفي ذلك الوقت، ارتمت سارة وشقيقتها في مياه البحر في محاولة لإنقاذ حياتهما وأرواح الركاب الآخرين. وبعد ساعات، وصل الجميع إلى سواحل جزيرة لسبوس.
وأفادت الصحيفة بأن قصة الشقيقتين مارديني بلغت مختلف أصقاع العالم. وقد شاركت يسرى في الألعاب الأولمبية بريو دي جانيرو لسنة 2016 بقميص منتخب اللاجئين. وفي الوقت الراهن، تشغل هذه السباحة السورية منصب سفيرة المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وأشارت الصحيفة إلى أن مسيرة سارة مارديني كسباحة توقفت بعد أن تعرضت لإصابة. ومنذ سنة، تتابع هذه الفتاة السورية دروسها في كلية بارد ببرلين، بعد تمتعها بمنحة دراسية كاملة. وبفضل ما تتلقاه من دعم من جامعتها، تمكنت سارة مارديني من مواصلة أعمالها الإنسانية في اليونان.
وبتاريخ 21 آب/ أغسطس الماضي، حطت سارة مارديني الرحال بمطار ميتيليني والسعادة تغمرها بانطلاق السنة الجامعية الجديدة، ولكنها تعرضت للاعتقال من قبل عدد من أعوان الشرطة اليونانية. وبعد ذلك، ألقت الشرطة القبض على متطوع آخر ألماني الجنسية يعمل لفائدة المركز الدولي للاستجابة للطوارئ، يدعى سين بيندر.
وأوردت الصحيفة أن السلطات اليونانية تتهم السباحة السورية وزميلها الألماني باستخدام تطبيقات مشفرة للحصول على معلومات سرية بشأن المهاجرين القادمين من تركيا. وحيال هذا الشأن، أفادت مارديني بأن التهم الموجهة إليها تبعث على الحيرة. وحسب الشرطة اليونانية، بينت تحقيقات شاملة بشأن المركز الدولي للاستجابة للطوارئ أن سارة مارديني وزميلها سين بيندر ينتميان إلى منظمة إجرامية تجمع التبرعات لفائدة شبكات تهريب البشر.
وأبرزت الصحيفة أن السباحة سارة مارديني بادرت في الثامن من آب/ أغسطس الماضي بإطلاق حملة لجمع التبرعات لفائدة المركز الدولي للاستجابة للطوارئ على موقع "فيسبوكط. وقد صرحت بطلة السباحة السورية: "أنا مدينة للمركز الدولي للاستجابة للطوارئ بحياتي. لدينا قواعد صارمة تنظم عملنا في المركز. ولقد عملنا بشكل وثيق مع السلطات اليونانية. عموما، نحن مشهورون في لسبوس. وبدلا من فحص هواتفنا، كان يجب على الشرطة اليونانية أن تتعرف علينا وأن تطلع على أهدافنا".
وأشارت الصحيفة إلى أن مدرب السباحة، سفن شباننكريبس، يُعتبر من الأصدقاء المقربين من مارديني. وقد أفاد شباننكريبس بأن صديقته لا تدخر جهدا من أجل مساعدة اللاجئين، وبفضل ما جمعته من تبرعات تمكن المركز الدولي للاستجابة للطوارئ من اقتناء غسالات لفائدة مخيم موريا للاجئين.
وفي حال ثبوت الاتهامات الموجهة إليها، قد يحكم على سارة بالسجن لمدة خمس سنوات. وقد بادر محامي سارة بتقديم طلب يتيح لمنوبته المثول أمام المحكمة في حالة سراح. ولعل الأمر المثير للقلق هو أن مدة إيقافها قد تطول خاصة وأن تعيين موعد جلسة لمحاكمة السباحة السورية يمكن أن يستغرق وقتا.
وأكدت الصحيفة أن الحكومة الألمانية ستعمل على التحقيق مع نظيرتها اليونانية فيما يتعلق بقضية سارة مارديني. ومن جهته، فند مدرب السباحة الألماني سفن شباننكريبس التهم الموجهة لصديقته مارديني بتقديم يد المساعدة لعصابات الاتجار بالبشر، لاسيما أنها ترفض رفضا قاطعا الممارسات الإجرامية لهذه العصابات. أما يسرى مارديني فترى أن شقيقتها سارة مارديني تساعد اللاجئين بنية صافية.