هل يلجأ السيسي إلى "فنكوش" المياه الجوفية هربا من أزمة السد؟

شكك خبراء في قدرة مصر على استغلال المياه الجوفية المنتشرة في عدة مناطق لعدة أسباب، منها ما هو متعلق بتلوث المياه الجوفية أسفل حوض وادي النيل، ومنها ما هو متعلق بالتكلفة المادية العالية لاستخراجها.

وأعلن وزير الموارد المائية والري المصري، محمد عبد العاطي، خلال اجتماعه بعدد من الخبراء الدوليين في مجال المياه، قبل أيام، عن العمل على مراجعة موقف وتحديث الدراسات المتكاملة للخزانات الجوفية في كل الأحواض في مصر بهدف استغلالها.

وتقع مصر على 5 أحواض مائية جوفية رئيسية؛ أهمها الحجر الرملي النوبي، ويقع في نطاق 4 دول هي: مصر - ليبيا - السودان - وتشاد، ويعد الأكبر على مستوى العالم بمخزون يُقدر بمئات مليارات الأمتار المكعبة، ويمتد في الصحراء الغربية.

فقر مصر المائي

وفي كانون الثاني/ يناير 2016، أثارت تصريحات وزير الموارد المائية المصري السابق، حسام مغازي، باكتشاف مصدر جديد للمياه الجوفية في مصر يكفي لأكثر من 100 عام، في إشارة إلى الخزان الجوفي النوبي، تساؤلات حول جدوى وجودها في ظل عدم وجود أي دراسات علمية لاستخدامها من ناحية، وإمكانية استغلال إثيوبيا لتلك التصريحات عند بدء تخزين المياه خلف سد النهضة الكبير من ناحية أخرى.

وأقر وزير الموارد المائية محمد عبد العاطي، في حزيران/ يونيو الماضي، أن الفجوة بين الاحتياجات والمياه المتوافرة تبلغ نحو 21 مليار م3 سنويا، مشيرا إلى أن "مصر تحتاج إلى 50 مليار دولار لتنفيذ الخطة القومية للموارد المائية 2037".

ليست بديلا

الباحث في الهندسة البيئية ومعالجة المياه، عمر الحداد، استبعد أن توفر المياه الجوفيه بديلا، أو رديفا أساسيا لنقص المياه في مصر، قائلا: "المياه الجوفية في مصر تنقسم إلى مياه متسربة من مجرى النيل، وهي التي يستخدمها كثير من الفلاحين في الزراعة بالقرب من وادي النيل، ومياه جوفية في المناطق الصحراوية"، موضحا أن "المياه القريبة من ماء النيل تحتوي على مخزون ضخم يقدر بحوالي 400 مليار متر مكعب ولكنها تعاني من نفس المشاكل التي تعاني منها مياه النيل، ولكنها تعرضت للتلوث بسبب الصرف الصحي".

وأضاف لـ"عربي21" أن "الاعتماد على المياه الجوفية، تواجهها عدة عقبات أهمها هو عدم تجانس مواصفات المياه ما يستوجب بناء محطات تحلية لإزالة هذه الأملاح من المياه قبل استخدامها في الشرب أو الزراعة، وهناك مناطق أخرى نسبة الملوحة فيها أقل ويمكن استخدام المياه مباشرة، المشكلة الأخرى هي بعد مصادر المياه الجوفيه عن وادي النيل".

اقرأ أيضا: مصر تقر بعجزها المائي.. ما البدائل؟

لافتا إلى أن "كمية المياه المتاحة في خزان المياه الجوفية أسفل حوض النيل تقدر بحوالي 400 مليار متر مكعب، يعني حتى لو أردنا إقامة مشروعات دائمة تعتمد على هذه المياه، فإن الكمية كلها ستنفد في حوالي سبع سنوات، وفيما يتعلق بمياه الصحراء الجوفية فالكميات المتاحة من المياه (وفق الدراسات الحالية) لا يمكن أن تغطي احتياجات مصر من المياه بصورة كاملة لمدة 25 عاما لإقامة مشروعات طويلة المدى ومكلفة".

فنكوش السيسي الجديد

بدوره؛ قال خبير السدود والمياه الدولي، محمد حافظ ، لـ"عربي21": "كثر الحديث عن ثروة مصر من المياه الجوفية تحديدا بعد تصريحات وزير الري السابق حسام مغازي عن وجود مياه جوفية تكفي استخدمات مصر لأكثر من 100 عام، إلا أن الواقع يؤكد أنه كان يضلل الشعب المصري بتصريحات سياسية أكثر من كونها فنية لمجاراة أوهام السيسي بزراعة 1.5 مليون فدان".

وأردف قائلا: "وعليه فالقول بأن مصر ستلجأ لمصادر المياه الجوفية كبديل عن نقص حصتها بعد تشغيل سد النهضة هو قول غير علمي بتاتا؛ بسبب ندرة ما لدينا من مياه جوفية من حيث الكم، ومن حيث العمق حيث يتواجد كمية كبيرة منها على أعماق تزيد عن 1000 متر مما يجعل عملية سحبها بالمضخات مكلفة جدا، بالإضافة لحاجتها لعمليات معالجة للتخلص من الملوحة الزائدة بها".

وبين أن "معظم مصادر المياه الجوفية الواقعة شرق وغرب مجرى النيل مصدرها الأصلي هو مياه نهر النيل ذاته، وأن سحب أي كمية مياه يخصم من حصة مصر للمياه السطحية ذات الـ 55.5 مليار متر مكعب، أما فيما يتعلق بمياه الخزان النوبي الجوفي فهي مياه غير متجددة، بالإضافة إلي أن ما تم سحبه من كميات مياه منذ عام 1995 فيما يسمي نهر ليبيا العظيم جعله فكرة الاعتماد عليه اليوم هو أمر غير ذات جدوي".

اقرأ أيضا: كيف يفاقم السد الإثيوبي أزمة زراعة الأرز في مصر؟

وتساءل: "إذا كانت القوات المسلحة سخرت كل إمكانياتها لحفر آبار بالفرارفة بالصحراء الغربية لري 10 آلاف فدان فقط ثم توقف المشروع بعد أقل من عام، فهل لديها الإمكانيات لتوفير قرابة 30 مليار متر مكعب من المياه الجوفية للشعب المصري"، مضيفا "والسؤال هنا كم كيلووات يحتاجه سحب متر مكعب من المياه الجوفية بعمق 1200م وضخة لمحطة المعالجة، ومن ثم ضخه لمواطن يسكن على بعد مئات الكيلومترات؟".