بعد تقديم لجنة الحريات الفردية والمساواة تقريرها للرئيس التونسي، الباجي
قايد السبسي، مطلع الشهر الجاري، استمر الجدل حول توصيات اللجنة.
ويقع التقرير في 233 صفحة، وردت في جزأين؛ جزء مخصّص "للحقوق
والحريات الفردية"، شمل إلغاء تجريم المثلية، وإسقاط عقوبة الإعدام ورفع القيود الدينية
على الحقوق المدنية. وجزء ثان يتناول مسألة "المساواة" التامة بين الجنسين، خاصة في مسألة
الميراث، والمساواة بين جميع الأطفال، بمن فيهم المولودون خارج إطار الزواج.
من جانبهم، عبر مشايخ الزيتونة وعلماؤها عن رفضهم لمقترح لجنة الحقوق
والحريات الفردية، معتبرين أنه مساس بالمقدسات الإسلامية التي يحميها دستور الثورة.
وفق مجلة "ميم" التوسية المهتمة بشؤون المرأة.
وأصدرت "التنسيقية الوطنية للدفاع عن القرآن والدستور والتنمية العادلة" بيانا، أوضحت فيه رأيها بخصوص توصيات اللجنة.
تضم اللجنة عددا من المحامين والدكاترة الزيتونيين (خريجي جامعة
الزيتونة) المهتمين بالشأن الديني، على غرار الدكتورة فاطمة شقوت أستاذة القرآن وعلومه
بجامعة الزيتونة، وأستاذ علم المقاصد بجامعة الزيتونة، ووزير الشؤون الدينية السابق نور الدين الخادمي.
وهاجم البين توصيات اللجنة، وقال إن مقترحات تقرير اللجنة في مجملها
"قوانين هادمة للأسرة ومخلّة بتعاليم الدين الإسلامي، وتتعارض مع ما ورد في توطئة
الدستور"، علاوة على أنها "تبيح الشذوذ، وتلغي القوامة، وتحرم المرأة حقها
الشرعي في النفقة".
وشدد البيان على أن ما جاء في التقرير "يهدم الأركان الأساسية للشريعة
الإسلامية، وهي "حفظ النفس والنسل والعقل والمال والدين".
وعبرت "التنسيقية الوطنية للدفاع عن القرآن والدستور والتنمية العادلة"
في بيانها عن "استنكارها لكلّ ما يمسّ الضوابط الشرعية، ويتعارض مع ما هو معلوم
من الدين بالضرورة، سواء في علاقة بمسألة المواريث أو العدّة أو الحضانة أو الولاية
أو المهر أو تجريم الزنا أو المساحقة أو اللواط أو النسب… وسائر الأحكام الشرعية قطعيّة
الدلالة".
وأعلنت التنسيقية في بيانها رفضها القطعي لكل المقترحات التي تضمنها هذا
التقرير، واستهجانها "لأساليب المغالطة التي انطوى عليها التقرير بداعي تطوير
الحياة الاجتماعية والعلاقات البشرية، مع أنّ ما تحمله يسهم في تفكيك أواصر المجتمع، وهدم كيان الأسرة، واختلاط الأنساب، والتطاحن حول المواريث، وتدمير الانسجام الذي يميّز
المجتمع التونسي منذ قرون، معلنة استعدادها للتصدّي بكلّ الطرق السلميّة والقانونيّة،
وبأسلوب الحوار العلمي لكلّ المخطّطات الرامية إلى ضرب الدين وإبعاده تماما عن الحياة،
وتفتيت وحدة المجتمع التونسي".
ودعت التنسيقية رئيس الجمهوريّة إلى التّراجع عن هذه المبادرة، الّتي قالت
إنها تتعارض مع الدّين ومقاصده، ومع الدستور ومبادئه.
وفي السياق ذاته، أكد مفتي الجمهورية
السابق، حمدة سعيد، أن "كل ما ورد في تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة مخالف
مخالفة صريحة وصحيحة لنصوص الدين، لا فقط الظنية، بل قطعية الدلالة"، مشددا على
أن أعضاء اللجنة "يعرفون الحقيقة، ويتعامون عليها، ومصرّون على السير في تلك الطرق
لأهداف الله أعلم ما هي"، على حد تعبيره.
اقرأ أيضا: تقرير رئاسي يقسم التونسيين.. ساوى في الإرث وسمح بالمثلية
سفير الاتحاد الأوروبي بتونس يكشف طرق محاربة الهجرة السرية
مقتل 60 على الأقل إثر غرق سفينة مهاجرين قبالة تونس