فلسطينيو غزة يتفقدون مقاعد أحبائهم الفارغة على موائد رمضان

نشرت " ميدل إيست آي" تقريرا، سلطت فيه الضوء، على موائد الإفطار لعائلات فلسطينية فقدت أبناءها حديثا، أثناء مشاركتهم في مسيرات العودة التي يحيها الفلسطينيون على الحد الفاصل مع قطاع غزة، أسفرت عن استشهاد العشرات، وإصابة الآلاف منهم بجراح مختلفة.

ويسلط التقرير الذي نشرته "نون بوست" وترجمته، على الرمضان الأول لتلك الأسر المجتمعة على موائد إفطار، يغيب عنها أحد ابنائها.

أخوات الشهيد ابراهيم صنعوا الطبق المفضل له

وفي اليوم الأول من رمضان أصرت أخوات الشهيد ابراهيم الزرقة البالغ من العمر 18 عام، الذي قتل برصاص الاحتلال الاسرائيلي في 14 آيار/ مايو الماضي، على إعداد طبق الشاورما المفضل لإبراهيم، وقالت أمل والدة الشهيد "للأسف، لن يكون إبراهيم حول مائدة الإفطار للاستمتاع بهذه الوجبة".

وتستذكر أمل كيف كان ابنها ابراهيم، يجلس حول مائدة الإفطار، ويطلق النكات مع أشقائه، قبل أن يفطر بسرعة عند غروب الشمس، واليوم أضحى مقعد إبراهيم فارغا.

وأفادت والدة الشهيد، أنه من الصعب تقبل فكرة غياب ابنها الذي لن ينضم إليهم بعد الآن على موائد الإفطار.

اقرأ أيضا: فلسطين حزينة.. هذا ما قالته رزان النجار قبل استشهادها (شاهد)

لم تتقبّل شقيقته بعد حقيقة موته 

وبجانب مشاركته بالمتظاهرات السلمية على الحد العازل مع قطاع غزة، عمل ابراهيم وهو طالب بالثانوية، على توثيق الجرائم الإسرائيلية التي يرتكبها الاحتلال، من خلال الكاميرا الخاصة بهاتفه المحمول.
وأفاد أحمد والد الشهيد " لطالما حلم إبراهيم بأن يُصبح إما مصوّرا أو محاميا".

أما ريم شقيقة ابراهيم، فتحدثت باعتزاز عن أخيها ابراهيم، وتتذكر كيف اعتاد على انتظارها خارج أسوار الجامعة، وكيف كان يشتري لها الوجبات الخفيفة أثناء عودتهما إلى المنزل، وهم يمزحون ويضحكون سوية.

وقالت ريم: "حياتي مع إبراهيم تتمحور حول الذكريات. لقد كُنّا أشبه برفقاء الروح، نفعل كل شيء سويّة. فكلما طلبت منه شيئا، كان دائما ما يلبي الطلب". وأضافت ريم قائلة: "لا أعلم إن كان ما حدث حقيقة أم خيال، لدرجة أنني طلبت من أمي البارحة أن تطلب من إبراهيم شراء بعض المواد الغذائية لنا، قبل أن أردك بسرعة الحقيقة المرة".

وأغلقت غرفة ابراهيم، وتمت إزالة صوره من المنزل احتراما لمشاعر شقيقته البالغة من العمر 12 سنة، وقالت والدتها: "لم تتقبّل شقيقته بعد حقيقة موته".

زوجة الشهيد شاهر المدهون: "ما زلت أشعر بالوحدة"

وتقول آلاء 28 عام، وزوجة الشهيد شاهر المدهون 32، الذي استشهد في 14 آيار/ مايو، أنه" خلال اليوم الأول من رمضان الذي أمضيتُه من دونه، شعرتُ بالكاد بطعم الطعام أثناء الإفطار".

وفي منزل متواضع في الشيخ رضوان بغزة، عاش المدهون مع والدته وزوجته وابنه الوحيد.

وقد أوردت آلاء قائلة: "إنني أفتقد حقا عودة شاهر إلى المنزل وقوله: أشتم رائحة طعام لذيذ، ماذا طبخت لنا؟".

وأضافت: "كان شهر رمضان ذو أهمية خاصة بالنسبة لها ولزوجها، حيث تتذكر كل سنة شراءها لزينة احتفالية رفقة شاهر للاحتفال بالشهر الفضيل. علاوة على ذلك، شملت عاداتهم اليومية تناول السحور، سويّة كل ليلة، قبل أن يذهب إلى المسجد لصلاة الفجر".

وقالت: "أتذكر أنه قدّم لي نسخة من القرآن الكريم مع إهداء كتبه خصيصا لي جاء فيه: دعينا نرى من سينتهي أولا من قراءته ويذهب إلى الجنة".

اقرأ أيضا: واشنطن تحبط مشروع قرار يطالب بحماية دولية للفلسطينيين

مفاجأة عيد ميلاد لم تتحقق مطلقا

 
وبعد 9 سنوات من زواجهما، تقول آلاء " ولد طفلنا عبد الله، في نهاية المطاف، في 14 أيار/ مايو سنة 2017 على الساعة الواحدة بعد الزوال وجعل عالمنا أكثر فرحا. وبعد مرور سنة، وفي نفس اليوم والتوقيت الذين وُلد فيهما عبد الله، غادر شاهر العالم".

على الرغم من أنها لا تزال طالبة تسعى للحصول على الإجازة في الإعلام، إلا أن قوة آلاء وصبرها والإرادة التي تتحلى بها ساعداها على تربية طفلها الصغير بمفردها. لقد كان المدهون المعيل الوحيد لهذه العائلة، وكان قد اشترى آلة طباعة يعمل بها من داخل منزله لكسب لقمة عيشه، وقبل يوم واحد من استشهاده، أخبر زوجته أنه أعدّ لها مفاجأة، وطلب منها أن تستعد لعيد ميلاد طفلهما الأول.

و لم تعلم زوجته بعد، ما الذي كان شاهر قد خطط له، بعد أن اخترقت رصاصة خاصرته اليسرى وثقبت اليمنى من جهة أخرى، تتذكر آلاء أن "عبد الله اعتاد أن يهرع إلى ذراعي والده عندما يعود إلى المنزل. لقد كانوا يلعبون سويّة حتى يشعرا بالتعب ويناما".

وكتبت آلاء، على الفيسبوك منشورا قالت فيه " أول فجر بعد استشهادك يا أبو عبد الله أتعبني، طفلنا كثيرا وهو يضرب بيده الصغيرة مكان نومك ويردد بابا.. بابا.. بابا".. لقد ظلّ يبكي حتى الساعة الثامنة صباحا... وعموما، يبكي عبد الله كل يوم خلال الوقت الذي اعتدت فيه على اللعب معه".

والجدير بالذكر أن والدة المدهون، حليمة كانت قد ربّته بمفردها بعد وفاة والده على إثر نوبة قلبية حينما كان يبلغ من العمر 11 سنة. وتتذكر حليمة لطف ابنها وعطفه عليها. في شأن ذي صلة، أفادت حليمة قائلة: "لقد كان شاهر يزورني كل ليلة ليتأكد ما إذا نمتُ جيداً وما إذا تناولت دوائي". وأضافت حليمة أن حفيدها، أسوة بوالده، سيكبُر من دون أب.

"شهر رمضان خسر يزن"

وقال ابراهيم والد الشهيد يزن الطوباسي "هذه السنة، خسر شهر رمضان، يزن"، فقد كان يسعى إلى تناول الإفطار مع ابنه كل ليلة خلال هذه السنة، وكان السبب في جعل شهر رمضان مميزا جداً ومختلفا عن بقية أيام السنة، هو اجتماع عائلته المكونة من شقيقين وثلاث شقيقات لتناول وجبة الإفطار قبل أن يؤدوا سوية صلاة التراويح.

اقرأ أيضا: هكذا يقتل قناصة إسرائيل متظاهرين فلسطينيين.. شهادات حية

وأضاف إبراهيم "قضيت 23 سنة وأنا بصدد تربية ابني الأكبر، لكن رصاصة واحدة كانت كافية لإنهاء حياته، حتى أنه تم منع سيارة الإسعاف من إنقاذه"، لقد سقط يزن على الأرض وظل لمدّة 10 دقائق ينزف حتى الموت. وتابع إبراهيم حديثه قائلا: "لقد كنت خائفا من فقدانه. لكننا، للأسف، فقدناه، تاركا وراءه ابنا لم يتجاوز السنتين من عمره لم يسبق له أن التقاه نظرا لأنه كان منفصلا عن والدة ابنه".

وشرح والده أن يزن قضى معظم حياته في العمل كحارس بناية، في محاولة منه لكسب لقمة عيشه.
ويتذكر ابراهيم آخر وجبة تناولوها سويّة قبل يوم من استشهاده، عندما أحضر يزن بعض الحمص والفلافل لتناولها خلال فطور الصباح.