ما زال الجدل محتدما داخل أروقة قصر قرطاج، وخارجه حول مصير الحكومة التونسية، ورئيسها يوسف الشاهد، بين الأحزاب والمنظمات الوطنية المشاركة في ما بعرف بـ"مشاورات خريطة الطريق الرئاسية الجديدة - قرطاج 2".
وفيما يقوم المدير التنفيذي لحزب "نداء تونس" حافظ قائد السبسي والاتحاد العام التونسي للشغل بتغيير كامل يشمل رأس الحكومة، ترى حركة النهضة أن "الظرف الحالي الذي تشهده البلاد لا يسمح بذلك وسيعمق الأزمة الاقتصادية".
وبين هذه المواقف، لا يزال موقف رئيس الدولة الباجي قائد السبسي غير معلن، رغم تصريحات للناطقة الرسمية باسم الرئاسة سعيدة قراش أكدت خلالها لوسائل إعلام محلية أن "رحيل الشاهد ليس الحل".
"تكذيب"
وفيما اعتبرت تصريحات الناطقة باسم الرئاسة موقفا رسميا للسبسي، فقد خالفها القيادي في حزب "نداء تونس" خالد شوكات بأن قراش "تغالط الرأي العام، وأن رئيس الدولة يُقوّل بما لم يقل من أطراف محيطه به منهم قراش"، متهما المتحدثة الرئاسية بـ"تجاوز دورها والخروج عن واجب التحفظ في مسألة بقاء الشاهد من عدمه".
وفي حديثه لـ"عربي21" شدد شوكات على أن "موقف نداء تونس حول فشل حكومة الشاهد وانتهاء صلاحيتها، والذي أعلن عنه قبل الانتخابات البلدية التي خسر فيها الحزب المركز الأول لم يتغير"، مؤكدا على "ضرورة تكوين حكومة كفاءات سياسية مسؤولة تحرص على تنفيذ الإصلاحات الكبرى الواردة في "وثيقة قرطاج 2" بموفى 2019".
وتابع شوكات: "القضية ليست شخصية بين نجل السبسي والشاهد، كما يريد البعض أن يروج لذلك، وحسب تقديرنا في حزب نداء تونس ما لم يقع تغيير عميق أو ما يسمى بالرجّة الإيجابية التي تنتهي بإزاحة الشاهد، فلن يحقق هذا النتيجة المرجوة من التحوير".
وحول تحميل الشاهد مسؤولية خسارة حزبه في الانتخابات البلدية، لم ينف شوكات الأمر مؤكدا أن "الأداء الكارثي للحكومة الحالية المحسوبة على نداء تونس، ساهمت بشكل كبير في تراجع شعبية نداء تونس وخسارته"، حسب تعبيره.
"حجر عثرة"
من جهته، اعتبر الناطق الرسمي باسم الاتحاد العام للشغل سامي الطاهري أن بقاء الشاهد على رأس الحكومة "يمثل حجر عثرة أمام مشاورات قرطاج 2"، مستنكرا ما سماه "استقواء الشاهد بجهات أجنبية للبقاء في الحكم".
وفي حديث لـ"عربي21"، ندد الطاهري بتصريحات السفير الفرنسي في تونس الذي دافع في تصريحات سابقة عن بقاء الشاهد في الحكومة، ووصفها بـ"الوقحة"، وقال إن "ثقة فرنسا كبيرة في حكومة الشاهد من أجل مواصلة الإصلاحات وجعل تونس نموذجا في المنطقة".
في المقابل، اعتبر القيادي في حركة النهضة نوفل الجمالي أن "الوضع الراهن الذي تعيشه البلاد يتطلب استقرارا حكوميا أكثر منه تغييرا شاملا"، مشددا في تصريح لـ"عربي21" على أن "الأطراف المجتمعة على وثيقة قرطاج 2 اتفقت على جميع البنود الواردة فيها باستثناء فصل وحيد لا يزال خلافيا حول إقالة الشاهد أو الإبقاء عليه".
عريضة برلمانية ضد الرئاسة
إلى ذلك، علمت "عربي21" من مصادر خاصة داخل البرلمان أن بعضا من نواب المجلس المعارضين لإقالة الشاهد بصدد تقديم عريضة لعقد جلسة طارئة ضد ما اعتبروه "تجاوزا لرئاسة الجمهورية لصلاحياتها من خلال المشاورات الخاصة بتغيير الحكومة"، معتبرين أن "مصير الحكومة وسحب الثقة من عدمها موكول بحسب ما يكفله الدستور للبرلمان دون سواه".
وفي هذا الصدد اعتبرت النائبة المنشقة عن حزب نداء تونس صابرين القوبنطيني أن مجلس نواب الشعب "هو الوحيد الموكول له مراقبة عمل الحكومة"، معتبرة "ما يحدث من نقاش بين المنظمات الوطنية والنقابية من جهة والرئاسة والأحزاب من جهة أخرى، لتقييم أداء حكومة الشاهد وتقرير مصيرها ليس له أي شرعية قانونية أو دستورية وسطو واضح على صلاحيات مجلس الشعب".
وأوضحت القوبنطيني في حديثها لـ"عربي21" أن "الصراع بات واضحا وجليا بين المدير التنفيذي لنداء تونس حافظ قائد السبسي ورئيس الحكومة يوسف الشاهد"، مشددة على أن "رغبات نجل الرئيس باتت شخصية وفيها عبث بأمن واستقرار البلاد".
يشار إلى أن لجنة الخبراء المكلّفة بإعداد النسخة النهائية لوثيقة قرطاج 2 لم تقرر بعد مصير الحكومة الحالية بانتظار اجتماع رئيس الجمهورية برؤساء الأحزاب والمنظمات الوطنية والنقابية المقرر خلال الأيام القادمة.
حضور المستقلين بانتخابات تونس يثير تساؤلات عن مكانة الأحزاب
هكذا تؤثر نتائج "بلديات تونس" على التحالفات بانتخابات 2019
نشطاء: النهضة أحرجت خصومها بعد ترشيح امرأة لبلدية تونس