في زحمة
إسطنبول وقف الطريق بسبب شجار في الشارع، كنا متجهين إلى الفندق لنستريح بعد يوم
مرهق لنستكمل البرنامج في المساء (برنامج ملتقى الصحفيين العرب في إسطنبول الذي
انعقد عدة أيام في العاصمة التاريخية لتركيا).. أخذت المبادرة سيدة تركية، هي
مساعدة المنسق العام للملتقى، وقالت: هيا للسير على الأقدام
مسافة خمسة كيلومترات. أكثر من عشرين من كبار الصحفيين العرب، يسيرون في جو يملؤه
البهجة حتى قال أحدهم: أنه أفضل ملتقى ذهبت إليه في حياتي.
لم يستوقفني
قبول هذه الشخصيات الكبيرة للمشي كل هذه المسافة بقدر ما استوقفتني الشجاعة في طرح
هذه المبادرة على هؤلاء الكبار، فهنا الأستاذ جابر الحرمي وهنا الأستاذ بشير البكر
وهنا الأستاذة دينيز رحمة، وغيرهم الكثير، كل باسمه وصفته له قدره في الوسط
الإعلامي العربي.
ولكنها
إسطنبول المبادرة دائما، وما الغريب إذ أنها تبادر بما لم يبادر به غيرها في الشرق
الأوسط فتقوم على استضافة 60 من كبار الصحفيين العرب من كافة التوجهات السياسية
(ليبرالية، علمانية، إسلامية، اشتراكية، إلخ).. ولكن إسطنبول عاصمة التنوع
والثقافة فعلتها واستضافت كل هذه التوجهات على أرضها محاولة بذلك أن تكون مركزا
للصحافة ومحطة جامعة للصحفيين في الشرق الأوسط، وزادت عليه أنها غيرت وأثرت بسحرها
فيهم فخرج معظمهم منها بفكر جديد عن تركيا.
إن المبادرة
التي تمتلكها إسطنبول ولا يمتلكها غيرها هي في ظني العنصر الذي ميز هذه المدينة عن
غيرها مئات السنين منذ دخلها السلطان محمد الفاتح.
وإن ما نحن في
أمس الحاجة إليه هي هذه الروح المبادرة التي تمتلكها هذه المدينة فنرى هذه
الملتقيات وغيرها في تونس ومصر والمغرب وغيرهم ملتقيات تجمع لا تفرق، تبني لا
تهدم، تغير لا تركد.