مع ما تعيشه مصر اليوم من أزمات اقتصادية غير مسبوقة وديون لا حصر لها أثقلت ميزانية الدولة وتهدد مستقبل المصريين، يثار التساؤل حول الحلول الناجعة للتخلص من تلك الأزمة التي تكاد تضع البلاد على شفا فوضى عارمة.
وعاشت القاهرة السبت، حالة من الغضب الشعبي في خطوط مترو الأنفاق الثلاثة على وقع رفع تذكرة ركوب المترو، في الوقت الذي يترقب فيه الشعب زيادات جديدة بأسعار الوقود يترتب عليها زيادة في جميع أسعار المنتجات.
وتعاني مصر أزمة اقتصادية طاحنة وعجزا بالميزانية دفع الدولة للاقتراض الداخلي والخارجي، فيما اعترف وزير المالية عمرو الجارحي، بأن المؤشرات التاريخية للدين العام توضح أن حجمه كان بين 700 و800 مليون جنيه، وأنه تضاعف آخر 5 سنوات، 5 أضعاف، وسيواصل ارتفاعه.
وأكدت وكالة "فيتش"، بداية 2018، أن ديون مصر الخارجية اقتربت من 100 مليار دولار نهاية 2017، ووفق بيانات وزارة المالية المصرية، فإن إجمالي الدين العام المحلي والخارجي تجاوز 4 تريليونات جنيه (226 مليار دولار) نهاية العام المالي 2016 /2017.
روشتة أولى
وانتقد رئيس حزب الجيل ناجى الشهابي، نتائج الإصلاح الاقتصادي وروشتة صندوق النقد الدولي، موضحا أنها أدت إلى ارتفاع المديونية من 1.3 تريليون جنيه لـ 4.3 تريليون جنيه، والمديونية الخارجية ارتفعت إلى 85 مليار دولار، مضيفا أن الأزمة تتفاقم لأن الحكومة تقترض أسبوعيا 15 مليار جنيه كأذون خزانة من البنوك المحلية بفائدة عالية.
وفي حديثه لـ"عربي21"، أشار إلى أن الاحتياطي النقدي 46 مليار دولار منها 39 مليار دولار قروضا وودائع لدول خليجية، مؤكدا أن النار تحت الرماد والاشتعال مدمر وهو هدف صندوق النقد الدولي لتنفيذ المخطط الغربي الصهيوني بقيادة أمريكا وبريطانيا وإسرائيل.
السياسي المصري، اقترح عدة سياسيات كبديل للحالية وطبقا لما يراه حزب الجيل الديمقراطي، مؤكدا أنه يجب أن "نعتمد على ذاتنا نأكل من مزارعنا ونلبس من مصانعنا ونرشد الاستيراد السفيه لصالح القلة التي أستأثرت بالسلطة والثروة، ومنع استيراد السلع التي لها بديل محلي، وقصر الاستيراد على مكونات الصناعة وعلى القمح لحين تحقيق الاكتفاء الذاتي منه".
ودعا لاستنساخ "تجربة طلعت حرب باشا، عندما أسس (بنك مصر) 1920، وانطلق به يؤسس الشركات الوطنية بمجال الغزل والنسيج والتأمين والسياحة والسينما بمدخرات المودعين ثم عرضها كأسهم بالسوق"، مشيرا لوجود أكثر من 3 تريليونات جنيه مدخرات للمصريين بالبنوك الحكومية للأسف تقوم الحكومة باقتراضها بفائدة عالية ببيع ما يسمى أذون الخزانة".
وأكد الشهابي على أهمية "إصلاح هياكل شركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام وتطويرها بالتمويل والتحديث والإدارة الحالمة الذكية"، مشددا على ضرورة "وقف دعم الصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة مثل الحديد".
وطالب أيضا بـ"إلغاء دعم الصادرات وخاصة بعد تحرير سعر الصرف وخفص قيمة العملة الوطنية ثلث قيمتها ما حقق للمصدرين أرباحا عالية، مع توجيه قيمة ذلك الدعم لمشروعات الشباب بقروض بدون فائدة من 50 ألف لمليون جنيه، طبقا لدراسة الجدوى وفترة سماح 3 سنوات يسدد بعدها أقساط القرض على 5 سنوات".
وشدد على ضرورة مراجعة الأراضي التي تم تخصيصها وخالف أصحابها عقود التخصيص، وسحبها أو حساب الأرض بسعر الاستخدام الجديد المخالف للعقد؛ مثل الشركة المصرية الكويتية بالعياط والتي حولت الأراضي الزراعية لأراض سكنية، موضحا أن "هذه المراجعة سترد للخزانة العامة ما لايقل عن 200 مليار جنيه".
وبين أن إحدى بنود روشتته هي "إنشاء نظام ضريبي جديد بإقرار الضريبة التصاعدية والضريبة على الأرباح الرأسمالية على البورصة، مثل دول العالم التى تطبق نظام الاقتصاد الحر"، داعيا لـ"مكافحة التهرب الضريبي الذي تصل قيمته نحو 500 مليار جنيه".
وحتم الشهابي بقوله: "يجب أن يواكب تلك السياسات الاهتمام بالتعليم والصحة والبحث العلمي وذلك بتنفيذ النصوص الدستورية التي تفرض أن تكون موازناتها 10% من الدخل القومي".
روشتة ثانية
وانتقد الباحث والمحلل السياسي إسلام الكتاتني، ما أسماه أسطوانة الاصلاح الاقتصادي التي تتبناها السلطات، واللجوء لصندوق النقد والخضوع لشروطه التي وصفها بـ"المذلة"، مؤكدا أنها وسيلة للضحك على الشعب وتخريب للاقتصاد.
وقدم الكتاتني روشتة للإصلاح الاقتصادي مكونة من 11 بندا، هي "فرض ضرائب تصاعدية على الأغنياء"، إلى جانب "فرض ضريبة على البورصة"، بالإضافة إلى "إحالة أموال الصناديق الخاصة للموازنة العامة للدولة"، مشيرا إلى أن "أقل تقدير لأموال الصناديق الخاصة 200 مليار جنيه".
الكتاتني، أضاف في روشتته التي عرضها عبر صفحته بـ"فيسبوك"، أنه يجب "إعفاء المستشارين بالوزارات والهيئات والابقاء على عدد محدود جدا للضرورة حيث تقدر رواتب المستشارين 60 مليار جنيه"، مطالبا بـ"فتح المصانع المغلقة (4000 مصنع)؛ لتدوير عجلة الانتاج وتشغيل الأيدي العاملة وتوفير العملة الصعبة من الدولار".
ودعا الدولة لوضع يدها على الثروات الطبيعية وعدم بيعها مواد خام مثل مناجم السكري للذهب والمحاجر"، مع "إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة وميكنته بأساليب الإدارة الحديثة"، هذا بالإضافة لعدة إجراءات منها "مكافحة الفساد"، و"عودة الأراضي المنهوبة للدولة".
وأكد أن روشتته تكتمل بـ"تفعيل مبدأ أهل الكفاءة وفقط وليس أهل الثقة بتولي الوظائف والمناصب"، خاتما طرحه الاقتصادي بمطالبة "المؤسسة العسكرية بأن ترفع هيمنتها عن اقتصاد الدولة؛ وذلك لما يعود بآثار سلبية على المستثمر الداخلي والخارجي، وعدم توفر المنافسة مع المؤسسة العسكرية التي لا تدفع ضرائب أو فواتير مياه أو كهرباء أو جمارك".
ذكرى تحرير سيناء.. عقود من الإهمال تحت حكم العسكر
محاكمة "جنينة" العسكرية هل تسبق التسوية مع "عنان"؟
لماذا أعلن "أولتراس الأهلي" تجميد نشاطهم في مصر؟