رغم مرور 36 عاما على تحرير آخر جزء في شبه جزيرة سيناء المصرية من الاحتلال الإسرائيلي، ظلت أرض الفيروز خالية من كل أشكال التنمية، وتفتقر لأدنى الخدمات، وتحولت إلى مجرد ثكنات عسكرية، ونقاط تفتيش؛ رغم ما تتمتع به من ثروات طبيعية وآثار تاريخية، وموارد كثيرة.
وحمل خبراء ومختصون في الشأن السيناوي وسياسيون، تحدثوا لـ"عربي21" أنظمة (يوليو العسكرية) الحاكمة في مصر مسؤولية تجريد سيناء من كل مقدراتها، وحرمانها من كل خيراتها الطبيعية، وتركها فارغة من كل مظاهر التنمية البشرية والاقتصادية، وتفويت فرص النمو في ظل الثروات الكامنة في أرضها وعلى سطحها.
تهجير وتخريب
وحمًل عضو مجلس الشورى المصري السابق عن محافظة شمال سيناء، يحيى عقيل، الأنظمة العسكرية في مصر مسؤولية خراب سيناء، قائلا: "أنظمة يوليو مسؤولة عن إضاعة سيناء؛ عندما فرطت في الأرض في نكسة 67 وعندما وقعت على اتفاقية كامب ديفيد، وقبلت أن تظل سيناء خاوية من الإعمار وغير مأهولة، وغير مستقرة رغم ما بها من ثروات، واليوم يستكمل نظام السيسي التخريب".
وأضاف لـ"عربي21": "إذا أردنا أن نضع ملمحا مشتركا لما يحدث في شمال سيناء منذ 2013 إلى الآن فهو ملمح التهجير والتخريب، هذا المشهد مستمر منذ الأيام الأولى للانقلاب، ولم يتوقف إلى الآن، والدولة بكل مؤسساتها تتواطأ على ذلك"، مشيرا إلى عدم "وجود أي نية لإعادة من هجروا من أجل أن يتوهوا في العمق المصري، وتقطع صلتهم بسيناء".
سيناء.. أغانٍ وأحلام
الناشط السيناوي، أبو الفاتح الأخرسي، أكد بدوره، أن "الأنظمة العسكرية الحاكمة في مصر منذ يوليو 52 وإلى الآن همشت أهالي سيناء، وأهملت إدارتها"، موضحا أن "سيناء بها ثروات طبيعية كثيرة، وبها جميع أنواع التربات الأرضية، وبها كل أنواع الزراعة، وكانت تعتبر سلة غذائية للكثير من المحافظات المجاورة حتى جاء الانقلاب وجرف المناطق الزراعية فهيا، وبها جميع أنواع السياحات سواء الدينية أو الثقافية والترفيهية".
وقال لـ"عربي21" إن "نظام عبدالناصر كان يضمر الحقد والكره لآهالي سيناء بالرغم أن من ساعد الجيش المصري بعد هزيمته النكراء في حرب 67 كان أهالي سيناء، وتحديدا منظمة سيناء العربية التي تألفت من شباب سيناء، ورفض أهالي سيناء عرضا إسرائيليا إبان الاحتلال بتكوين إمارة منفصلة عن مصر بقيادة الشيخ سالم الهرش بمنطقة الحسنة".
وتابع: "وفي عهد السادات انساق الناس وراء أحلام السلام لنفاجأ بأن اتفاقية كامب ديفيد قيدت يد التعمير والبناء في شمال سيناء، وطوال فترة حكم مبارك لم يجد أهالي سيناء بين أيديهم سوى التغني بأمجاد الجيش والأغاني الوطنية، وجاء السيسي فقضى حتى الأحلام".
انتقاص السيادة والإرهاب
وقال السياسي المصري أحمد رامي الحوفي، لـ"عربي21" إن "أنظمة يوليو المتعاقبة كانت تخصم من رصيد مصر في سيناء؛ ففي عهد الناصري تنازل عن أم الرشراش ومنح الصهاينة منفذا على البحر الأحمر، وفي عهد السادات، رغم عودة الأرض، إلا أن السيادة أصبحت منقوصة مما ساهم في حدوث فراغ استغلته الجماعات المسلحة، أما مبارك فلم يعبأ إلا بشرم الشيخ، ثم أتى السيسي الذي تنازل عن جزيرتي تيران وصنافير، وهجر أهلها".
اقرأ أيضا: 36 عاما علي تحرير سيناء.. السيسي يحتفل بطريقته
وأضاف أن "أبرز دلالات إهمال سيناء افتقارها للبنية التحتية؛ فلا يوجد بها خطوط مواصلات أو صرف صحي، ولا استثمار لشركات، ولا جامعات، كلها سياسات لإرضاء الكيان الصهيوني والتقرب له وبالأحرى تنفيذ أوامره"، مشيرا إلى أن "كل ذلك يهدد الأمن الاستراتيجي، وتلك الجماعات المسلحة نشأت في ظل إهمال التنمية والانتقاص من السيادة على الأرض، باستثناء عهد الرئيس محمد مرسي الذي حرص على زيارة العريش أكثر من مرة".
خارج إطار الزمن
في حين اتهم الناشط والحقوقي، هيثم خليل، الأنظمة الحاكمة في مصر "بخيانة الأمانة"، قائلا: "منذ 3 عقود لم يحدث في سيناء أي تنمية، فعدد سكانها لم يتجاوز مليون نسمة، في وقت كان يفترض أن تكون هناك تنمية عمرانية، وملايين السكان، ولكن يبدوا أن هناك بنود سرية لمنع هذا الكلام".
وأضاف لـ"عربي21" أن "الأمن القومي هو التنمية العمرانية والصناعية والزراعية، ووجود ملايين المصريين، وليس تهجير السكان، وإفراغها من أهلها وجعلها فريسة للمسلحين، وما يحدث في شمال سيناء ورفح خيانة، وبدلا من تنميتها يتم قصفها ورجمها بالأباتشي والصواريخ"، لافتا إلى أنها "خارج إطار الزمن لا إنترنت ولا صرفَ صحيّا ولا مياهَ عذبة".
36 عاما علي تحرير سيناء.. السيسي يحتفل بطريقته
هكذا كشفت أرقام الانتخابات عن الأزمة بدوائر تأييد السيسي
ملفات على طاولة السيسي.. ما احتمالات التغيير فيها؟