رغم احتفاء الأوساط السياسية والأمنية والمنظمات المدنية في تونس بمنح الأمنيين والعسكر حق الانتخاب لأول مرة في تاريخهم، إلا أن النتائج الرسمية التي أعلنت عنها الهيئة العليا للانتخابات في تونس، مساء أمس الأحد، كانت مخيبة للآمال، حيث لم تتجاوز نسبة تصويت هذه الفئة الحاملة للسلاح في الانتخابات البلدية 12 بالمائة بمجموع 4 آلاف و492 ناخبا من جملة 36 ألفا و495 مسجلا في الدوائر البلدية.
وصادق البرلمان التونسي في 31 كانون الثاني/ يناير 2017 على السماح للأمنيين والعسكريين بالمشاركة في الانتخابات البلدية والجهوية، بعد نحو 60 عاما من حرمانهم من الإدلاء بحقهم الدستوري، إثر مقترح تقدمت به الكتل البرلمانية لأحزاب نداء تونس وآفاق تونس -السابقة- والجبهة الشعبية وكتلة الحرة.
وفي تعليقه على نسبة تصويت الأمنيين والعسكر في الانتخابات البلدية، عبر العضو في هيئة الانتخابات أنيس الجربوعي في حديثه لـ "عربي21"، عن عدم رضاه على الإقبال الذي وصفه بـ"المحتشم"، معللا ذلك بكونها أول تجربة يخوضها الأمن والجيش في الاقتراع في تاريخهم، "فضلا عن الالتزامات المهنية الأمنية والعسكرية في كامل تراب الجمهورية بالنظر للظروف الأمنية التي تمر بها البلاد"، حسب قوله.
ورفض عضو الهيئة، الاتهامات بتقصير هيئة الانتخابات أو المؤسستين الأمنية والعسكرية في حث منظوريهم على التوجه لصناديق الاقتراع والقيام بواجبهم الانتخابي.
مقابل ذلك، اعتبر الجربوعي أن الدعوات التي أطلقتها بعض النقابات الأمنية لمقاطعة الانتخابات، قد تكون أتت أكلها وأثرت على الناخبين.
وكانت دعوات أطلقتها النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي منذ أشهر، دعت خلالها الأمنيين إلى مقاطعة الانتخابات البلدية، وأكد الناطق الرسمي باسم النقابة شكري حمادة في تصريح سابق لـ "عربي21" رفضهم المشاركة في الانتخابات البلدية، معتبرا ذلك خروجا عن الحياد الذي عرف به الأمن الجمهوري في تونس بعد الثورة، وإقحاما للمؤسسة الأمنية في التجاذبات السياسية والحزبية.
وانتقد الناطق الرسمي باسم النقابة، الإجراءات الانتخابية التي اعتمدتها هيئة الانتخابات الخاصة بمشاركة الأمنيين والجيش على إثر حرمانهم من المشاركة في أي فعالية حزبية وتهديدهم بعقوبة العزل في حال مخالفة هذه الشروط.
ورفض في السياق ذاته، أن يتحول صوت الأمني إلى مجرد "خزان أصوات" يقع استغلاله من قبل الأحزاب للصعود في الانتخابات.
اقرأ أيضا: لأول مرة في تونس.. الأمن والعسكر يصوتون بانتخابات البلدية
من جانبها، اعتبرت النائبة عن الكتلة البرلمانية لحزب نداء تونس هالة عمران - والتي تقدمت بمشروع مشاركة الأمنيين والجيش في الانتخاب- أن نسبة الإقبال التي أعلنتها هيئة الانتخابات ليست مقياسا لمدى نجاعة إقرار هذا المشروع في مجلس النواب، مشددة على حق هؤلاء في الانتخاب مثلهم مثل أي مواطن تونسي، وأعربت عن ثقتها في تحسن نسبة الإقبال خلال المواعيد الانتخابية البلدية والجهوية القادمة.
وأضافت لـ "عربي21": "كبداية أعتبر هذه النتائج عادية جدا في ظل تقصير هيئة الانتخابات في تحسيس هذه الفئة بواجبهم الانتخابي الذي يقومون به لأول مرة في التاريخ، فضلا عن دخول بعض النقابات الأمنية على خط التجاذبات السياسية بدعوتهم لمقاطعة الانتخابات".
من جانبه، وصف المحلل السياسي شكري بن عيسى نتائج إقبال الجيش والأمن في الانتخابات في تدوينة له بـ "الفشل الذريع والصادم".
واعتبر أن هذه القضية "تم توظيفها بقوة للمزايدة وخلقت تجاذبا حادا وعطلت طويلا البرلمان في الخصوص".
وشدد على أن الكتل البرلمانية التي تقدمت بمقترح مشاركة الأمن والجيش في الاقتراع – نداء تونس وكتلة الحرة وآفاق تونس سابقا- "كانت تهدف لإرباك بقية الخصوم، الذين لا يرغبون في مشاركتهم ولغاية الظهور بمظهر تبني صوت القوات المسلحة والأمنية للاستفادة من هذه الأصوات".
وخلص لاعتبار هذه النتائج الهزيلة تعبيرا عن الثقة المفقودة للمواطن التونسي بشكل عام والجيش والأمن بشكل خاص، في الانتخابات البلدية، وفي المسار الديمقراطي، وانعكاسا لمناخ الإحباط واليأس المواطني من العملية السياسية في مجملها.
سابقة : أمن وعسكر تونس يستعدان للاقتراع ودعوات للمقاطعة
هذه السيناريوهات المرتقبة للتحالفات الانتخابية في تركيا
هل تراجع الصدر عن دعم العبادي لولاية ثانية؟.. مقرب يجيب