وصف ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان جماعة الإخوان المسلمين بـ"الخطيرة جدا"، وأنها "مصنفة في السعودية ومصر والإمارات وغيرها من دول منطقة الشرق الأوسط على أنها جماعة إرهابية".
واعتبر ابن سلمان في مقابلة أجرتها معه مجلة التايم، أثناء زيارته الأخيرة للولايات المتحدة الأمريكية "السروريين، أعلى بدرجة من الإخوان المسلمين، حيث إنهم ينظرون إلى الأمور من منظور أكثر تطرفا في الشرق الأوسط"، مضيفا: "ولكنهم بموجب قوانينا مجرمون، وحينما نملك أدلة كافية ضد أي أحد منهم، نقاضيهم في المحاكم".
تُنسب السرورية إلى الداعية السوري، محمد بن سرور زين العابدين، الذي استطاع أن يزاوج بين حركية الإخوان التي انتظم في صفوفها لمدة عشر سنوات في فترة مبكرة من حياته، وبين منهجية السلفية، فأسس تيارا سلفيا حركيا عُرف في السعودية ودول الخليج بـ"السرورية".
تصريحات ولي العهد السعودي التي اعتبر فيها السرورية أشد خطرا من جماعة الإخوان المسلمين، تحمل في طياتها دلالات بالغة الأهمية، منها: أنه باتهامه للإخوان والسروريين بالمسؤولية عن التطرف والعنف والإرهاب يستبطن تبرئة الدعوة الوهابية من ذلك، كما تكشف تصريحاته تلك النقاب عن احتمالية محاكمة الدعاة والمشايخ المعتقلين بتهمة الانتماء للسرورية بحسب باحثين.
في هذا السياق لفت الكاتب المصري المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية، أسامة الهتيمي إلى أن "ما عبر عنه ولي العهد السعودي بشأن التيار السروري يعكس واقعا فعليا في المملكة العربية السعودية، ذلك أن خطاب هذا التيار – كما يعلم المتابعون - مزج بين سلفية المنهج وحركية الطرح، وهو بهذا نجح في الجمع بين الخطاب السلفي التقليدي السائد في السعودية، وما بين الملامح السياسية لخطاب جماعة الإخوان المسلمين التي خرج من رحمها مؤسس التيار.
وجوابا عن سؤال "عربي21": ما هي أسباب اتهام ولي العهد السعودي للسرورية هذه الأيام؟ قال الهتيمي: "تكمن خطورة التيار السروري الذي نجح في التمدد داخل المملكة، وبعض الدول العربية والإسلامية، في أن المنهج الذي يتبناه أتباعه لا ينسجم على الإطلاق مع الخطوات التي يقوم بها ولي العهد، لا على المستوى السياسي، ولا على المستوى الاجتماعي والثقافي".
وأضاف: "ومن المرجح أن يمثل التيار عقبة كأداء، أو على الأقل سيتسبب بصداع للقائمين على الأمور في المملكة الأمر الذي دفع ولي العهد ومن معه للتمهيد لاتخاذ المزيد من الإجراءات للحد من قدرات هذا التيار، والتي لن تنتهي بالطبع عند حد اعتقال عدد كبير من الدعاة السعوديين المحسوب أغلبهم على هذا التيار".
من جهته أوضح الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، حسن أبو هنية أن توجهات السعودية الجديدة تأتي في سياق تحولاتها الدينية الرامية إلى إبعاد تهمة مسؤوليتها عن تفريخ الإرهاب وتخريج أجيال من المتشددين بسبب اعتناقهم لأفكار وأصول ومبادئ الدعوة الوهابية.
وأشار أبو هنية في حديثه لـ"عربي21" إلى أن اتهام ولي العهد السعودي السروريين بالتطرف والإرهاب يستبطن في طياته تبرئة الوهابية من تلك التهم، وأن المسؤولية تقع بكاملها على الفكر الإخواني وما خرج من رحمه.
ولاحظ أبو هنية أن فتح ابن سلمان النار على السرورية، بعد أن كان هجومه الدائم على كل من إيران والإخوان باعتبارهما خطرين يهددان الأمن القومي السعودي، يؤشر على استهداف أتباع هذا التيار بشكل جاد ومباشر.
ولفت الخبير الأردني في شؤون الجماعات الإسلامية أنه بعد صدور قوانين الإرهاب الأخيرة في السعودية، وكذلك حملة الاعتقالات التي شملت مجموعة كبيرة من الدعاة والمشايخ السعوديين المعروفين، فإن كل المعطيات تدل بوضوح على اشتداد القبضة الأمنية ضد التيارات والشخصيات المستهدفة.
وتوقع أبو هنية أن تتم محاكمة أولئك الدعاة والمشايخ المعتقلين مؤخرا بتهمة الانتماء إلى السرورية باعتبارها جماعة إرهابية مجرمة بحسب القوانين السعودية النافذة.
ووفقا لباحث سعودي اشترط عدم ذكر اسمه فإن تهديدات ولي العهد السعودي المستهدفة للتيار الصحوي في السعودية، ومنه التيار السروري قد أثرت في مواقف دعاة ومشايخ معروفين، فسارعوا لإظهار تأييدهم لابن سلمان، وباركوا أفعاله وتوجهاته الجديدة، وهو ما عبروا عنه في تغريدات لهم عبر صفحاتهم الرسمية على "تويتر".
يُذكر في هذا السياق أن دعاة سعوديين معروفين باركوا رحلة ولي العهد السعودي الأخيرة للولايات المتحدة الأمريكية، وأمطروه بدعواتهم الحارة، من أبرزهم الداعية عائض القرني الذي غرد عبر حسابه على "تويتر" بالقول: "نجاح رحلة سمو ولي العهد نجاح للوطن كله، اللهم سدّد أبا سلمان، ولي العهد، سليل المجد، أسد نجد، اللهم زده نجاحا وفلاحا".
كما بارك الداعية السعودي المعروف، محمد العريفي جهود ولي العهد، ودعا له بقوله: "أسأل الله أن ينفع بجهود سمو ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، ويجعله مباركا أينما كان، اللهم أيده بتوفيقك".
وكان آخر المباركين لجهود ابن سلمان وتوجهاته الجديدة، الداعية السعودي صالح المغامسي، المعروف بدروسه المؤثرة في الزهد والرقائق، حيث قال في تغريدته اليوم: "أدرك المنصفون من العرب والمسلمين أنَّ زمن الخطابات التي تخاطب المشاعر قد ولّى وانقضى، ولهذا هم يتابعون بإجلال وإكبار جهود الأمير محمد بن سلمان فيما يبذله من جهود لا تفرط في الحقوق ولا تصادم الواقع، وسيقول الشانئون كثيرا ولكن الأمير لا يلتفت".
ماذا بقي من الوهابية بعد تصريحات ابن سلمان بشأنها؟