تناولت الصحف البريطانية الصادرة اليوم الهجوم الكيماوي على مدينة دوما في سوريا، مشيرة إلى أهمية الرد الدولي عليه.
وتصف صحيفة "التايمز" في افتتاحية تحت عنوان "المقبرة السورية"، العالم بعد الهجوم الكيماوي الأخير بالخطير، وتقول إن هجوما ضد الأسد بات ضرورة؛ لمنعه من استخدام السلاح الكيماوي مرة أخرى، مشيرة إلى أنه يجب الضغط على إيران وروسيا، اللتين تدعمان نظامه الديكتاتوري.
وتقول الافتتاحية، التي ترجمتها "عربي21"، إن "هزيمة تنظيم الدولة كان من المفترض أن تعبد الطريق للمستقبل، وتنهي الحرب الطويلة في سوريا، وبدلا من ذلك فإنها أطلقت العنان للقوى الأخرى للتكالب على التأثير، وشجعت الأسد على استخدام الغازات السامة لتأمين العاصمة، ووجد الدعم الدبلوماسي من إيران وروسيا".
وتجد الصحيفة أن "الأمم المتحدة تبدو عاجزة أمام استخدام السلاح الكيماوي، في الوقت الذي تبدو فيه خيارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي بدا محبطا وتوعد روسيا وإيران والأسد بدفع الثمن الباهظ، محدودة، فالكلام لا يترك أثرا على النظام الذي يعمل بيأس للسيطرة على المناطق".
وترى الافتتاحية أن الإجراء العقابي، كما فعل ترامب العام الماضي، لن يكون له أثر، مشيرة إلى أن الرئيس حصل على خيارات من مستشاره للأمن القومي الجديد جون بولتون.
وتشير الصحيفة إلى أن من الخيارات السماح للقوات الأمريكية بالبقاء في سوريا بمهمة جديدة، وهي مساعدة مفتشي السلاح الكيماوي للبحث عن آثار من المواد التي استخدمت السبت، والتعاون بين الدول لتوفير التمويل لعمليات المفتشين عن السلاح الكيماوي ومخابره في سوريا، لافتة إلى أن الخيار الثالث هو عملية عسكرية أوسع من صواريخ كروز العام الماضي.
وتعلق الافتتاحية قائلة: "لو كانت هناك عملية جوية فيجب أن تكون محسوبة ومدمرة لدفاعات النظام السوري الجوية، فكلما كان الدفاع الجوي السوري ضعيفا ارتدع الأسد عن استخدام السلاح الكيماوي".
وتثمن الصحيفة ما قامت به إسرائيل يوم الاثنين بضرب قاعدة عسكرية، تستخدم لنقل السلاح إلى حزب الله والحرس الثوري، مشيرة إلى أن الإسرائيليين لم يعترفوا بالعملية، لكنهم تجنبوا الدفاعات السورية والروسية، التي حلقت فوق الأراضي اللبنانية، حيث كان الهدف هو إظهار أن عملية كهذه ممكنة دون أن تتعرض للفشل.
وتحذر الافتتاحية من مغبة تقليد النموذج الإسرائيلي، قائلة إن على ترامب التحرك بحذر باتجاه العمل العسكري؛ حتى لا تندلع مواجهة عسكرية بين القوات الأمريكية والروسية، حيث قتلت القوات الأمريكية المرتزقة الروس.
وتختم "التايمز" افتتاحيتها بالقول إنه "لو لم تتم إدارة هذه المرحلة بطريقة جيدة، فإن سوريا قد تتحول إلى مقبرة ليس لمواطنيها فقط، بل للتحالف الغربي الموزع بين الإحباط والجبن وعدم القرار أيضا".
وفي السياق ذاته، نشرت صحيفة "ديلي تليغراف" تقريرا دعت فيه الغرب قائلة: "افعلوا شيئا الآن لإيقاف الحرب الكيماوية".
وتقول الصحيفة في تقريرها، الذي ترجمته "عربي21"، إن "استعمال الغازات الكيماوية قد يصبح مباحا، ولن يعترض عليه أحد في المستقبل، إن تغاضى العالم عن تصرفات الحكومة السورية، ولم يرد بعمل عسكري كاف لنزع قدراتها العسكرية".
ويشير التقرير إلى مقال كتبه وزير الخارجية السابق، دعم فيه التدخل العسكري لتدمير قدرات الحكومة السورية على استخدام السلاح الكيماوي، لافتا إلى أنه دعم شخصيا عام 2013 انضمام بريطانيا إلى عمل عسكري دولي لشل قدرات الأسد العسكرية.
ونشرت صحيفة "الغارديان" مقالا للمعلق سايمون تيسدال، بعنوان: "بعد دوما الرد الغربي على النظام السوري يجب أن يكون عسكريا".
ويقول الكاتب إن "بشار الأسد يواصل ممارسة جريمة القتل الجماعي، وهو ما يعني أنه لا يمكن وجود أي أعذار بعد ذلك، وقد حان الوقت بالنسبة لبريطانيا وحلفائها للقيام بعمل عسكري جماعي؛ للحد من قدرته على قتل المدنيين السوريين في أي وقت يريده".
ويلفت تيسدال في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه "منذ بدء الصراع عام 2011، حاول المجتمع الدولي التدخل بعدة طرق لمواجهة الأزمة، فاستقبل اللاجئين، ووفر لهم الطعام والمأوى، كما جرى اقتراح عدة حلول سريعة، مثل مناطق خفض التوتر، ومناطق حظر الطيران، والممرات الآمنة، ولم يؤد أي منها إلى وقف لنزيف الدماء".
ويؤكد الكاتب أن الغرب أخفق في الرد بشكل حازم على استخدام الأسد للسلاح الكيماوي أول مرة في الغوطة الشرقية عام 2013، عند قتل 1700 سوري بسبب استخدام غاز السارين، حينها أخفق الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في إخبار الأسد ما الذي تعنيه كلمة "الخط الأحمر".
ويعلق تيسدال قائلا إن "أوباما تأثر بقرار مجلس العموم البريطاني يومها برفض التدخل العسكري، ومنذ تلك اللحظة لم يعد نظام الأسد يبالي بأي شيء، فاستعمل الأسلحة الكيماوية مرارا وتكرارا".
ويجد الكاتب أن "العمل العسكري سيمنح إسرائيل أيضا تطمينات بأنها ليست بمفردها، إذ لم تكن الضربة الإسرائيلية الأخيرة انتقاما لدوما، لكنها مجرد استعداد لحرب قادمة ضد إيران وسوريا وحزب الله".
ونشرت صحيفة "إندبندنت" مقالا للمعلق باتريك كوكبيرن، يقول فيه إن الأزمات في الشرق الأوسط بدأت تسبب العدوى لبعضها، فالطائرات الإسرائيلية قامت بهجمات على قاعدة تيفور، فيما يدرس ترامب خططا لمعاقبة نظام الأسد.
ويشير الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الرئيس الأمريكي يواجه معضلة بأن عليه القيام بعمل مثير، خاصة بعد وصفه الأسد بالحيوان، لافال إلى أن ترامب شجب باراك اوباما بسبب جبنه في موضوع القوة الأمريكية تجاه الأسد.
ويقول كوكبيرن إن "ما هو مثير للشك هو إن كانت الغارات الأمريكية ستترك أثرها أم لا، فالوضع السياسي على الأرض تبلور، في الوقت الذي عزز فيه الأسد سيطرته على المناطق ذات الكثافة السكانية، وتم إجلاء المقاتلين من آخر معقل لهم في الغوطة الشرقية، وهناك تقارير عن حشود عسكرية في الجنوب للسيطرة على معقل لتنظيم الدولة".
ويلفت الكاتب إلى أن سوريا أصبحت منقسمة إلى ثلاثة محاور: محور الأسد، الذي يدعمه الروس والإيرانيون، والمناطق التي تقع تحت سيطرة تركيا في عفرين، بالإضافة إلى إدلب الخاضعة للمعارضة، وأخيرا مناطق الشرق الخاضعة للأكراد وبدعم أمريكي.
ويتساءل كوكبيرن عن السبب الذي يدفع الأسد لاستفزاز الأمريكيين والأوروبيين، في وقت يعزز فيه من سيطرته على مناطق دمشق، مشيرا إلى أن ذلك لا يعني أنه لم يقم بالهجوم.
ويجد الكاتب أن ترامب يجد محدودية في التحرك، خاصة أن حلفاءه الأكراد يتطلعون نحو مقايضة مع الأسد؛ في محاولة منهم لمواجهة الجهود التركية بعد سقوط مدينة عفرين.
ويختم كوكبيرن مقاله بالقول إن رغبة ترامب بالتدخل في سوريا منطقية، لكن طموحات السياسة الخارجية تقوم على التعلل بالأماني، مشيرا إلى أن الوضع خطير في سوريا؛ بسبب التناقض بين ترامب وقادته حول الوجود الأمريكي في سوريا.
فورين بوليسي: هكذا ستكون الضربة بسوريا إذا لجأ ترامب للقوة
واشنطن بوست: هذه سياسة ترامب الحقيقية في سوريا
الغارديان: هل يقدم ترامب على توجيه ضربات بسوريا؟