إذا ما كان لديك فضول تجاه التعرف على كيف ينوي مستشار الأمن الوطني الجديد، جون بولتون، الاندماج داخل منظومة السياسة الخارجية لواشنطن، يمكنك النظر إلى جهود الضغوط التي مارسها العام الماضي ضد الاتفاق النووي الإيراني. وتخبرنا التفاصيل المتعلقة بهذا الأمر بالكثير عن كيف ينظر مستشار الأمن الوطني الجديد لدى الرئيس ترامب إلى مكان أمريكا في العالم.
من جانبه، شن الرئيس دونالد ترامب بالتأكيد حملة ضد الاتفاق، وتحسر علانية على أنه مجبر على الاستمرار في التصديق على التزام إيران به. ومع هذا، فإن الانسحاب المتعجل من الاتفاق لا يخلو من مخاطر. هل بمقدور أمريكا فرض عقوبات ثانوية فاعلة ضد مصارف وشركات أجنبية دون تعاون على الأقل من جانب حلفاء؟
وعليه، استقر الرئيس ترمب أخيرا على الاستراتيجية الأمريكية الحالية: التهديد بالانسحاب إذا لم يوافق حلفاء أمريكا الأوروبيون على تناول نقاط ضعف الاتفاق، تحديدا بند انتهاء السريان وبرامج الصواريخ الإيرانية ونظام التفتيش الضعيف الذي يفرضه الاتفاق.
ومع هذا، فإنه حتى هذه الاستراتيجية لم تلق قبولا طيبا داخل المؤسسة السياسية في واشنطن، أو لدى وزير خارجية ترامب السابق ريكس تيلرسون. ودارت الفكرة الرئيسية داخل معسكر رافض الاستراتيجية، حول أنه: إذا كان الاتفاق ناجحا، فما الداعي لتحطيمه؟
إلا أن هذا الرأي لم يفز باتفاق الجميع. على سبيل المثال، كان بولتون واحدا ممن رغبوا في تحطيم الاتفاق. وبمعاونة رفيق دربه، فريد فليتز، صاغ بولتون ورقة حول كيفية الخروج من اتفاق «خطة العمل الشاملة المشتركة»، العنوان الرسمي للاتفاق الذي من المفترض أن يضمن وجود مراقبة دولية لجهود التطوير النووي داخل إيران، مقابل رفع عقوبات بعينها مفروضة ضد النظام.
من جهته، حث بولتون إدارة ترامب على اتباع استراتيجية دبلوماسية وسياسية صاغها في ورقة، تناول خلالها كيف أن إيران في حالة انتهاك بالفعل للاتفاق. ودعا بولتون لتنسيق القرار مع الحلفاء، مع إقصاء روسيا والصين عن تلك المشاورات (دولتان اشتركتا في التفاوض حول إبرام الاتفاق عام 2015) حتى الدقيقة الأخيرة.
أيضا، حدّد بولتون مجموعة من الخيارات تقترب للغاية من تغيير النظام. وحث البيت الأبيض على تشجيع عقد مناقشات داخل الكونغرس للضغط على حلفاء لإنهاء حقوق الهبوط والإرساء بالنسبة للطائرات والسفن الإيرانية، ومطالبة إيران بسداد تعويضات لضحايا الإرهاب، استجابة لأحكام صادرة عن محاكم أمريكية، وإعلان دعم أمريكا للمعارضة الديمقراطية داخل إيران، وتوفير الدعم لمجموعات الأقليات الإيرانية مثل البلوش في إيران وعرب خوزستان والأكراد، وكذلك «المقاومة الداخلية في صفوف نقابات العمال ومجموعات الطلاب والنساء».
وأخبرني مسؤولون من البيت الأبيض حينها أن بولتون قدم مذكرة إلى ترامب حول الخطة (تربطه صلات بترامب منذ الحملة الانتخابية الرئاسية عام 2016). إلا أنه في نهاية الأمر مضى الرئيس قدما في استراتيجية محاولة إصلاح الاتفاق النووي بدلا من قتله تماما. الشهر المقبل، عندما يتولى بولتون مهام منصبه الجديد، حينها ستصبح أمامه فرصة لطرح وجهة نظره من جديد على الرئيس ـ هذه المرة، كمستشار للأمن الوطني.