نشرت صحيفة "تسايت" الألمانية تقريرا، سلطت من خلاله الضوء على الانفجار السكاني في مصر، وقالت الصحيفة إن الاقتصاد في مصر آخذ في الانهيار، في حين أن عدد السكان بصدد التضاعف مع الوقت.
ففي سنة 1977، كان عدد السكان 41 مليون نسمة، وفي
الوقت الحالي، تشير الإحصائيات الرسمية إلى أن عدد السكان تضاعف إلى 92 مليون
نسمة، ومن المتوقع أن يتجاوز عدد المصريين 150 مليون نسمة سنة 2050.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته
"عربي21"، إن الانفجار السكاني يمثل تهديدا لدول مستقرة سياسيا
واقتصاديا، فكيف بدولة مثل مصر غير مؤهلة للتعامل مع هذا العدد من السكان.
وأكد الخبير في الإحصائيات ماجد عثمان، أن ما يحدث
يعد بمثابة "انتحار للوطن"، معربا عن مخاوفه إزاء شح الموارد الطبيعية،
فبعد أن كانت مصر "صومعة القمح" بالنسبة للرومان، أصبحت من أكثر دول
العالم استيرادا للقمح، في ظل تآكل الأراضي الزراعية، ونقص المياه.
اقرأ أيضا: كم اقترض السيسي في 4 سنوات؟ (إنفوغرافيك)
وأردف عثمان قائلا إن "النمو الاقتصادي الحالي
لا يواكب الزيادة السكانية، مما تسبب في تضخم معدلات البطالة، وتدني جودة الحياة،
فضلا عن تعمق التوترات الاجتماعية والتطرف".
وذكرت الصحيفة أن صندوق النقد الدولي يؤيد الخطوات
التي تنتهجها حكومة السيسي لإجراء إصلاحات تهدف إلى تحقيق النمو، ولكن حتى معدل
النمو البسيط قد يكون مهددا إذا لم يتم السيطرة على التضخم السكاني، وقد وصف
الرئيس السيسي الزيادة السكانية على أنها "تهديد للتنمية الوطنية" ولا
تقل خطرا عن الإرهاب.
وأشارت الصحيفة إلى أن هناك علاقة وثيقة بين النمو
الاقتصادي والتعداد السكاني، وقد أثبتت الدراسات الحديثة أن ارتفاع أو انخفاض عدد
السكان يؤثر بشكل أو بآخر على النمو الاقتصادي، ففي الدول الصناعية المتقدمة على
غرار اليابان وألمانيا، تفتقر العديد من الشركات إلى الموارد البشرية بسبب انخفاض
معدلات الولادة، وفي البلدان الفقيرة، يستطيع الشباب أن يكونوا دافعا قويا لارتفاع
معدلات النمو الاقتصادي، شريطة تدريبهم بشكل جيد.
ونقلت الصحيفة عن الباحثة في مجال التوزيع السكاني
وسوق العمل في الجامعة الأمريكية في القاهرة، غادة برسوم، أن "مشكلة مصر
تتمثل في أن الاستثمار في مجال التعليم انخفض بصورة كبيرة منذ خمسينات القرن
الماضي".
اقرأ أيضا: خصم راتب يوم شهريا لمدة عام لصالح تحيا مصر يثير الجدل (شاهد)
وتابعت برسوم، بأن "مصر لا تنافس في أي مجال في
سوق العمل العالمي، كما أن التعليم في مصر يحصد المركز الأخير عند إجراء أي
إحصائيات"، في الواقع، أدى فشل نظام التعليم في مصر إلى وجود نحو 44 طالب في
فصل واحد في المرحلة الابتدائية، و39 في المرحلة الثانوية.
وذكرت الصحيفة أن أغلب المدارس في مصر تشكو من تدهور
البنية التحتية، فعلى سبيل المثال، عند زيارة مدرسة حكومية في القاهرة تجد
القاذورات منتشرة في المكان في حين أن الأبنية متهالكة، وتسود الفوضى داخل
المدرسة.
من جانبهم، لا يهتم المدرسون كثيرا بسير العملية
التعليمية، فحسب منظمة اليونسكو، تعد رواتب المدرسين في مصر من بين الرواتب الأدنى
في العالم، وبالتالي، يلجأ معظمهم إلى الدروس الخصوصية، مع العلم أن غالبية الأسر
المصرية لا تستطيع تحمل مصاريف هذه الدروس.
وأفادت الصحيفة بأن شابا من بين كل ثلاثة شبان في مصر
يعد عاطلا عن العمل، ويمثل الشباب الذين لم يتجاوزوا سن 18 في مصر نسبة 40 بالمائة
من عدد السكان، وخلال السنوات القادمة سيبحث هؤلاء الشباب عن وظيفة، ومن المرجح أن
يتجسد إحباطهم على خلفية عدم عثورهم على وظيفة في ثورة جديدة على غرار ثورة يناير.
اقرأ أيضا: مصر تنضم للدول الأكثر عرضة للهجمات الإلكترونية في أفريقيا
وأردفت الصحيفة أن الحكومة تحاول تجنب المزيد من
الاضطرابات بأي ثمن، وذلك من خلال قروض خارجية، وإجراء إصلاحات اقتصادية، وتخصيص
الشركات الحكومية وخفض الدعم، وفي الوقت ذاته، أطلقت الحكومة حملات دعائية لدعم
الأسر الصغيرة، والاكتفاء بطفلين كأقصى حد.
في الواقع، تراجعت معدلات الإنجاب في مصر نتيجة
حملات مشابهة نفذها نظام مبارك، وبعد أن كان المعدل خمسة أطفال لكل امرأة في سنة
1984، فقد بلغ ثلاثة أطفال في سنة 2008، ليرتفع المعدل من جديد إلى 3.5 طفل بعد الثورة.
وأشارت الصحيفة إلى أن حجم الأسرة غالبا ما يرتبط
بالمستوى الاجتماعي لها، حيث يكتفي المثقفون بطفل أو اثنين، بينما يرسل الأب غير
المتعلم أبناءه إلى العمل في سن مبكرة، ويخرجهم من التعليم للمساهمة في دخل
الأسرة.
وتعتقد يارا يوسف، العضوة في جمعية غير حكومية
لتنظيم الأسرة، أن القناعات الدينية والثقافية تلعب دورا هاما في هذا الشأن، حيث
يعتقد أغلب المصريين أن تنظيم الأسرة حرام شرعا، وعلى الرغم من أن جامعة الأزهر
أعلنت أن تنظيم الأسرة جائز، إلا أن تغيير مثل هذه القناعات أمر يستغرق وقتا طويلا.
اقرأ أيضا: مصر تحتفل بعيد الأم.. كيف تمر الذكرى على أمهات المعتقلين؟
وأبرزت الصحيفة أنه حتى في حال انصاع الشعب المصري
لهذه الحملات، لن يقلل إنجاب طفلين من معدلات الزيادة السكانية، حيث يعد عدد
الشباب المقبلين على الزواج كبيرا بالفعل، وقد كشفت البيانات الرسمية أن معدل
النمو في مصر بلغ 4.5 بالمائة هذه السنة، إلا أن منظمة العمل الدولية شددت على
ضرورة أن تصل هذه النسبة إلى 7 بالمائة للحد من نسب البطالة.
وأوضحت الصحيفة أن النساء في مصر يلعبن دورا هاما في
الحد من هذه الزيادة، وعلى الرغم من أن 23 بالمائة فقط من النساء المصريات يعملن،
إلا أنهن يساهمن في إنعاش الاقتصاد المصري، في حين أن لديهن عدد أبناء أقل، يعملن
على الاهتمام بهم وتعليمهم، ويحيل ذلك إلى أن تعليم المرأة ومشاركتها في سوق العمل
يعد أحد أهم العوامل للسيطرة على معدلات النمو السكاني.
وفي الختام، ذكرت الصحيفة أن الشباب المصري اليوم
أصبح عازفا عن الزواج والإنجاب، ولا يقبلون على هذه الخطوة قبل التأكد من توفير
الوسائل المعيشية المناسبة لعائلاتهم.
إيكونوميست: ما هو سر تعكر مزاج السيسي قبل الانتخابات؟
واشنطن بوست: لماذا يهتم بوتين والسيسي بالانتخابات؟
للحصول على صواريخ كوريا الشمالية.. اتصل بسفارتها بالقاهرة