نقلت صحيفة "جورنال دو ديمانش" الفرنسية
شهادات لطبيب فرنسي كان شاهدا على استخدام النظام السوري لأسلحة كيماوية وارتكابه
مجازر بمساعدة الروس بحق المدنيين في عدد من مناطق
سوريا.
وقالت الكاتبة
الفرنسية آن سينكلار، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن الطبيب
الفرنسي رافائيل يتي أكد أن "بشار الأسد يعتمد التكتيك ذاته، المستخدم من قبل
روسيا في حربها ضد الشيشان، من خلال فرض الحصار، ثم القصف، فالإبادة".
ويرى بيتي أن
"مهنة الطب يجب أن تضم العلاج، والشهادة، والاستنكار، للوقوف في وجه
الجلادين، أي بشار الأسد ومساعديه الروس، والإيرانيين". كما استغربت الكاتبة
الفرنسية "عدم تدخل العالم الغربي إلى حد الآن، في ظل ما تعيشه
الغوطة".
وتحدثت سينكلار في
مقالها عن قضاء بيتي أشهر عديدة في معبر باب الهوى، بالقرب من إحدى المراكز
الاستشفائية التي تعرضت للقصف في عدة مناسبات. وكشف خلالها عن الفظائع التي شاهدها
مثل هجمات غاز السارين والتي مكنته من نقل أدلة تدين الأسد باعتماده على السلاح الكيماوي
في ضرباته.
ونوهت الكاتبة بأن
رفائيل بيتي قد أشار إلى أن النظام السوري "يتبع نفس التقنية الروسية التي
اعتمدت في الشيشان؛ والقائمة على التطويق، والحصار، والقصف، والتطهير".
وأوردت آن سينكلار أن
"الطبيب الفرنسي أراد أن يؤكد على غضبه من حالة الضعف الغربية أمام إيران،
وروسيا على وجه الخصوص، الجهة التي فرضت عليها عقوبات في السابق، نتيجة تدخلها في
أوكرانيا".
وانتقدت الكاتبة
الفرنسية وزير خارجية بلادها جان إيف لودريان الذي دعا الروس إلى إقرار هدنة، ليس
من أجل دخول قوافل المساعدات، بل من أجل ترحيل المدنيين. وبالتالي، لن يبقى سوى
الجماعات المعارضة المسلحة تحت القصف.
في المقابل، يعي جان
إيف لودريان جيدا أن الأهالي في الغوطة يرفضون المغادرة، لأنهم متأكدون من أن
سيناريو داريا سيتكرر، وأنهم لن يعودوا من جديد إلى مدينتهم، في حال رحلوا منها.
لذلك، يفضل المدنيون الموت في مدينتهم، على مغادرتها.
وأشارت إلى أن بيتي
سافر إلى سوريا خلال سنة 2012، عندما اقتنع بأن النظام يستعد لارتكاب مجزرة في حق
المدنيين. ومنذ هذا التاريخ، أضحى الأطباء ومقدمو العلاجات هدفا لضربات النظام.
وقد ترك الطبيب الفرنسي منصبه، لكي يدخل خلسة إلى سوريا في 21 مناسبة متجاوزا
الطرق الملغمة، ومتجنبا التعرض إلى عمليات القصف. ويتمثل هدفه في تأسيس مراكز
استشفائية، لتكوين طاقم طبي يضم 12 ألف معالج، في غضون عشر سنوات.
وواصلت الكاتبة أن
الطبيب الفرنسي تحدث في كتابه "اذهب حيثما تأخذك الإنسانية"، وهو كتاب
يتكون من 304 صفحة ويقدر سعره يحوالي 18.50 يورو؛ عن مسيرته الإنسانية في سوريا.
والجدير بالذكر أن
الطبيب بيتي ولد في مدينة وهران الجزائرية، ويتحدر من عائلة انتقلت إلى الجزائر
هربا من قمع إيطاليا الفاشية في عهد موسوليني. وقد كان بيتي متأثرا جدا بالدين،
حيث فكر في أن يصبح راهبا مسيحيا، قبل أن يمتهن الطب الاستعجالي.
وأضافت الكاتبة أن
الطبيب بيتي لا يرى في الغوطة سوى طرفين. وهما النظام القاتل لشعبه، و400 ألف مدني
لا زالوا محاصرين في الغوطة، من بينهم ثلاثة آلاف جريح.
وفي الختام، نقلت
الكاتبة أن الطبيب الفرنسي أكد أنه في باب الهوى، يكرر الأهالي كلمة "ربما
غدا، إن شاء الله سيتم استهدافنا"؛ في إشارة إلى مصطلح "الموت"
الطاغي على البلاد. ويعني ذلك أن المدني السوري يريد أن يبوح بأنه "لا يهتم
لمستقبله، فقد تخلص من إحساس الخوف من الموت. كما أنه ليس خائفا من أي شيء بعد
الآن. كما أنه حر".