نشرت صحيفة "البايس" الإسبانية تقريرا، تحدثت
فيه عن الاتهامات التي وجهها كل من رئيس الوزراء
الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير الخارجية السعودي عادل الجبير، خلال مؤتمر ميونخ للأمن الأخير، إلى
إيران، على
خلفية توسعها العسكري في الشرق الأوسط.
وقالت الصحيفة، في
تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن تبني الموقف ذاته ضد إيران يعد مثالا
آخر على التقارب المتزايد للمصالح السياسية
السعودية والإسرائيلية، التي أطلقت
العنان لمختلف التكهنات حول ما إذا كان هذا التحالف ضد العدو المشترك يمكن أن يؤتي
ثماره. ويبدو أن العديد من المؤشرات على مستوى سياسة كلا البلدين في الأشهر
الأخيرة كشفت عن علامات التقارب، الذي تجاوز العلاقات السرية التي حافظ عليها
البلدان إلى حد اللحظة.
وبينت الصحيفة أن هذا
التقارب أثار ضجة؛ نظرا لكونه يجمع بين شريكين غير نمطيين، حيث كانت السعودية
لا تعترف حتى بوجود إسرائيل. وعلى
الرغم من أنها لم تشارك في أي حرب ضد الدولة اليهودية في القرن الماضي، إلا أن
الرياض دافعت دائما عن حق السيادة الفلسطيني.
والجدير بالذكر أنه، وخلال
سنة 2002، كانت الرياض ترعى ما يسمى مبادرة السلام العربية، التي كانت تهدف إلى
الاعتراف بإسرائيل مقابل انسحابها من الأراضي التي احتلتها منذ سنة 1967. وبعد
عقود من العداء، باتت مؤشرات التعاون بين البلدين جلية للجميع، فكلاهما يعتبر أن
إيران تشكل تهديدا لمصالحه الإقليمية.
ونقلت الصحيفة أن رئيس
أركان الجيش الإسرائيلي، غادي أيزنكوت، كشف في مقابلة غير مسبوقة مع صحيفة إيلاف
الرقمية السعودية، عن تبادل إسرائيل لمعلومات استخباراتية مع السعودية ضد إيران.
ومن الواضح أن هذه المقابلة كانت المؤشر الأول الذي يحيل إلى التقارب بين البلدين.
من جانبه، تطرق وزير
الطاقة الإسرائيلي، يوفال شتاينتز، إلى حقيقة الاتصالات السرية مع السعودية بشأن
مخاوف مشتركة إزاء إيران. وعلى ضوء ذلك، أكد شتاينتز أن "إسرائيل بصدد تطوير
علاقات فعلية مع المملكة العربية السعودية والعديد من الدول العربية الإسلامية
الأخرى، لكننا نفضل الحفاظ على سرية المسألة بناء على رغبة الجانب الآخر".
وأضافت الصحيفة أن العديد
من المصادر الإسرائيلية نوهت إلى التقارب السعودي الإسرائيلي في مجالات
مختلفة، على غرار اللقاءات المنتظمة بين الجيش الإسرائيلي والسعودي. وقد أكد وزير
الاستخبارات الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، للصحف الإسرائيلية أنه دعا ولي العهد
السعودي محمد بن سلمان إلى زيارة الدولة اليهودية، على اعتباره زعيما للعالم
العربي، وذلك في إحدى المقابلات التي جمعته مع صحيفة إيلاف، علما أن هذه البوابة
الرقمية حذفت هذا الجزء من تصريحاته.
ومن المثير للاهتمام أن
المراقبين رجحوا أن هذا التقارب تزامن مع المفاوضات حول الاتفاق النووي بين
إيران والقوى العظمى، الذي عارضته السعودية وإسرائيل منذ البداية. وحتى ذلك الوقت،
أثارت رغبة السعودية في تسليح نفسها لمواجهة منافسها الإقليمي نوعا من عدم
الارتياح بالنسبة للدولة العبرية.
وأشارت الصحيفة إلى أن
تعزيز هذا التقارب يعزى إلى تغير الوضع السياسي في المملكة وفي الولايات المتحدة.
فمن ناحية، وفي بداية سنة 2015، اعتلى الملك سلمان العرش في المملكة العربية
السعودية. وقد أبدى الملك السعودي، إلى جانب ابنه محمد بن سلمان، مدى استعدادهما لتحمل
مخاطر السياسة الخارجية للبلاد. من ناحية أخرى، وبعد مرور سنتين من ذلك، وبمجرد
وصوله إلى البيت الأبيض، حاول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إقناع الدول العربية
بالاعتراف بالدور الرئيسي للدولة اليهودية في الشرق الأوسط.
وأضافت الصحيفة أن الرئيس
الأمريكي سعى، من خلال صهره ومبعوثه الخاص إلى المنطقة، جاريد كوشنر، إلى كسب
تعاون الرياض للضغط على الفلسطينيين لقبول الاتفاق مع إسرائيل. وقد
كان ترامب على اقتناع بأن هذا التقارب من شأنه أن يحسن علاقة الدولة العبرية مع
جيرانها، ويساعد على إيجاد حل نهائي للمعضلة الفلسطينية الإسرائيلية، ما سيجعل
إيران عرضة للخطر.
وأوردت الصحيفة على لسان
المحلل السعودي جمال خاشقجي أن "ابن سلمان ارتكب خطأ كبيرا من شأنه أن يضر
بصورة المملكة العربية السعودية، وأن يمنح الأسبقية لإسرائيل". وأضاف خاشقجي
أن "ابن سلمان سيكتشف في النهاية أنه لن يحقق الكثير من خلال تقربه من إسرائيل. فمن
جهة، لن يفضي الضغط على الفلسطينيين إلى أي نتيجة، نظرا
لأنهم يتمتعون بحرية أكبر للتعبير عن آرائهم مقارنة بمعظم العرب والتظاهر ضد
الاحتلال. من جانب آخر، لن يقاتل الإسرائيليون ضد
إيران لفائدتنا".
وأردف خاشقجي أنه من خلال
"اتباع المسار الحالي ستتمكن إسرائيل من تطبيع العلاقات مع دولة عربية أخرى،
وهي المملكة العربية السعودية". وخلص المحلل إلى أن "إسرائيل لن ترسل
جنودها إلى حلب لمحاربة الإيرانيين، بل ستقوم فقط بالتدخل في حال كانت مصالحها
عرضة للتهديدات، مثلما حدث في التفجيرات الأخيرة في سوريا".
وفي الختام، نقلت الصحيفة
عن أستاذ العلاقات الدولية والخبير في شؤون الخليج في جامعة "إيه آند إم" غريغوري
غوس، أن "العالم العربي لا يزال يكنّ الكثير من مشاعر العداء تجاه إسرائيل، والمزيد من التعاطف مع فلسطين، وهذا يشمل السعوديين أيضا. وستكون تكلفة الفوائد
التي حظيت بها الرياض من خلال العلاقة التي تجمعها بإسرائيل خلف الكواليس باهظة
على المستوى الداخلي".