نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا لمراسلها مارتن شولوف، يتناول فيه جولة ولي العهد السعودي الأمير
محمد بن سلمان، التي يتوقف فيها في القاهرة ولندن ونيويورك.
ويقول شولوف إن "ابن سلمان سيقوم بهذه الجولة من أجل تعزيز مصداقيته، بعد عام حافل بالأخطاء، وعندما يصل إلى لندن يوم الأربعاء سيتم استقباله بصفته وليا للعهد، وحاكما فعليا، وسينتقل إلى قلعة ويندسور من أجل عشاء مع الملكة، وكونه شريكا تجاريا في الشرق الأوسط، فإنه سيأتي حاملا معه أجندة مزدوجة: مهمة تجارية مربحة، وفي محاولة لتأكيد سجله المتقلب في العام الأول، خاصة على مسرح الشؤون الدولية".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن الرحلة الرسمية الأولى لابن سلمان تأتي بعد فترة تعد الأكثر تقلبا في تاريخ المملكة الحديث، وفيها محاولة لإعادة إصلاح البيت الداخلي واضطرابات في المنطقة.
وتجد الصحيفة أن "إظهار القوة المفاجئ أدهش الأصدقاء والأعداء، حيث تركهم يحاولون فهم ما الذي يدفع الأمير محمد، الذي حصل على تفويض مطلق من والده الملك سلمان لإصلاح كل شيء في البلد، المعروف منذ 40 عاما برفضه قبول الجديد والإدارة المتحجرة.
ويلفت الكاتب إلى أن الرياض تورطت في حصار
قطر، ومحاولة إجبار رئيس وزراء لبنان سعد الحريري على الاستقالة، بالإضافة إلى حرب في
اليمن، التي تكلف الميزانية
السعودية 8 مليارات في الشهر، وأدت إلى مقتل أكثر من 10 آلاف يمني، ما تركها متورطة في مستنقع اليمن دون مخرج.
وينقل التقرير عن مسؤولين بارزين في العاصمة السعودية، قولهم إن استراتيجية ابن سلمان لم تنجح في مواجهة إيران، التي وسعت من تأثيرها في المنطقة منذ غزو العراق عام 2003، على الأقل في الوقت الحالي، فيما قال أحد أعضاء العائلة المالكة: "عليه أن يعلم أن الإعلان عن أمر لا يجعله يتحقق.. وعلاوة على هذا فإن عليه معرفة أنه عندما تتحرك يجب أن تكون لديك استراتيجية واضحة، ودعم الفريق الذي يؤمن بما تقوم به، ولديه القوة لإنجازه".
وتبين الصحيفة أنه في أروقة السلطة في الرياض يظهر الولاء للزعيم الجديد، "لكنه ليس ولاء من القلب"، بحسب مسؤول بارز في مركز من مراكز البحوث، الذي قال: "سيكون كذلك لو حقق ما وعد، إلا أن الكثير من الأحداث ولا أحد يعلم كيف سيمضي في ذلك".
وينوه شولوف إلى أنه لم يكن هناك أحد مستعدا لانتقاد أجندة الأمير، سواء في مركز السلطة أو شوارع العاصمة، فيما ينظر عادة للحرب في اليمن على أنها محاولة "لوقف حزب الله من تقوية نفسه في الشرق"، مشيرا إلى قول التاجر من الدمام عبد الله الشرفي: "يريدون السيطرة على الأماكن المقدسة.. لو لم يقم سموه بعمل شيء فإنهم سيسيطرون علينا".
وبحسب التقرير، فإن تحالف الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس دونالد ترامب وصهره جارد كوشنر، الذي يواجه مستقبلا غامضا في البيت الأبيض، يوصف بأنه "خطأ مبتدئ" في السياسة، وأثر على جهود مواجهة إيران.
وتورد الصحيفة نقلا عن دبلوماسي بارز، قوله: "وجد أن ترامب وكوشنر يخلطان التجارة بالسياسة، ويستخدمان موقعهما من أجل الحصول على مكاسب تجارية، لكنه يرى أن عمل التجارة هو بالطريقة المعتادة في المنطقة.. ليست لديه الخبرة لمعرفة أن كليهما سطحيان ويتعاملان بالطريقة الأمريكية".
ويقول الكاتب إنه "عادة ما ينظر للسعودية على أنها دولة وكيلة للولايات المتحدة، التي لن تفعل أمرا دون واشنطن، وتفضل استخدام المال والإكراه، ولهذا عندما أجبر ابن سلمان رئيس الوزراء اللبناني الحريري على الاستقالة فإنه أثار هزة في المنطقة، حيث أرسلت واشنطن وباريس ولندن مبعوثين لدعوته للتراجع، وشعرت
بريطانيا بالقلق من تطور أزمة الحريري إلى حرب بين إيران وإسرائيل وتورط السعودية، ولهذا أرسلت فريقا من الدبلوماسيين وضباط مخابرات (أم آي-6) لعرض النصيحة".
ويفيد التقرير بأنه "بسبب هذه التجربة الفاشلة، فإن الملك سلمان وابنه استقبلا الحريري في الرياض يوم السبت، قبل يوم من رحلة ولي العهد إلى مصر، وهي المحطة الأولى من رحلته، لكن ليس قبل أن يتحرك الحريري، الذي شعر أنه دون راع، باتجاه الفلك الإيراني، أما قطر فلا يظهر أنها تقترب من الحل، وترفض الخنوع للحصار الدبلوماسي والتجاري الذي فرضته السعودية عليها".
وتبين الصحيفة أنه بعد تسعة أشهر، فإن جارة السعودية الصغيرة تسنتزف من احتياطاتها، وقال المسؤول البارز في مركز البحوث: "لم نظهر أقوياء بسببه"، أي الحصار، ويضيف: "الخروج من هذه المعضلة أصبح مهما للأمير، وكان يريد الظهور بمظهر القوي، لكنهم إن نظروا إلينا بعين قوية، فلن نكون أقوياء".
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى قول المسؤول البارز: "المشكلة هي أن الموضوع الإيراني حقيقي، ولا نستطيع خسارة الرواية على الجبهات الثلاث، وآمل أن يحصل على نصيحة جيدة".