لم يقابل بيان فصائل المعارضة داخل الغوطة، الذي أعلنت فيه عن التزامها بإخراج المقاتلين الذين ينتمون لـ"هيئة تحرير الشام" من المنطقة المحاصرة، إلا بالتجاهل من قبل روسيا، ما حدا بالفصائل إلى توجيه رسالة للأمم المتحدة تجدد فيها استعدادها إخراج مسلحي "تحرير الشام" خلال 15 يوما.
ويبدو أن روسيا التي تتذرع بوجود مقاتلين تصفهم بـ"الإرهابيين" داخل الغوطة، متجهة إلى عرقلة إخراجهم وذلك حتى لا تخسر الذريعة الوحيدة التي تتذرع بها أمام المجتمع الدولي لتبرير المجازر التي ترتكب في الغوطة، بالرغم من القرار الأممي الداعي إلى هدنة فورية مدتها 30 يوما.
وفي هذا السياق، اتهم الناطق باسم "فيلق الرحمن" وائل علوان روسيا بالتنصل من الاتفاقات السابقة بخصوص إخراج نحو 240 مقاتل من الغوطة، الاتفاقات التي جاءت على خلفية المفاوضات التي جرت بين موسكو وفصائل الغوطة في آب/ أغسطس 2017 بمدينة جنيف.
اقرأ أيضا: باليوم الثاني للهدنة.. نزيف مستمر بالغوطة بخروقات النظام
وأوضح لـ"عربي21" أن مفاوضات مباشرة جرت مع روسيا، أدت إلى توقيع اتفاق في 16 آب/أغسطس الماضي، ينص على وقف إطلاق النار وإخراج 240 مقاتلا (1000 شخص مع عائلاتهم) من الغوطة، بإشراف وضمان روسي وبالتعاون مع الهلال الأحمر السوري.
وأضاف علوان أن الفصائل تعهدت حينها بأن تكون الغوطة خالية من عناصر تحرير الشام، مبينا أن روسيا تنصلت من تنفيذ الاتفاق، بذريعة صعوبة نقل المقاتلين، وعدم مقدرتها على تأمين عمليات نقلهم، بعد أن تسلموا قوائم بأسمائهم وعائلاتهم.
وبحسب الناطق باسم فيلق الرحمن، فإن روسيا وافقت على إخراجهم على دفعات، على أن يحمل كل مقاتل منهم بندقية و30 طلقة، من معبر جسرين إلى دمشق مرورا بحمص ومن ثم إلى قلعة المضيق إلى الشمال السوري، قبل أن تتنصل روسيا من كل ذلك.
واعتبر علوان أنه يجب على المجتمع الدولي أن يضغط على روسيا لإخراج المقاتلين، وذلك قطعا للطريق على الحل العسكري الذي تتذرع بالمضي فيه، بحجة وجود مقاتلين ينتمون لـ"تحرير الشام" (جبهة النصرة).
وفي الشأن ذاته، نقلت صحيفة "رأي اليوم" عن مصدر لم تسمه قوله، إن اتفاقا يجري التحضير له ما بين روسيا وفصائل الغوطة، ينص على السماح لروسيا بدخول الغوطة للقضاء على جبهة النصرة، بالتعاون مع الفصائل، وليس على إخراج المقاتلين.
وتعليقا على ذلك، نفى الناطق باسم "فيلق الرحمن" وائل علوان هذه الأنباء جملة وتفصيلا، واصفا إياها بالأنباء العارية عن الصحة.
ورأى أن ما تقوم به روسيا هو "التفاف واضح على قرارات مجلس الأمن، وما تعد له من تهجير قسري لسكان الغوطة يعتبر جريمة كبرى".
الباحث في مركز "جسور للدراسات" عبد الوهاب عاصي، اعتبر أن سبب تجاهل روسيا مبادرة الفصائل حول إخراج "تحرير الشام -جبهة النصرة" من الغوطة، هو حرص من موسكو على عدم فقدان ورقة الاجتياح البري للغوطة الشرقية، تحت عنوان وجود جبهة النصرة في الغوطة.
واستدرك عاصي في حديثه لـ"عربي21": "لكن بنفس الوقت لم تكن الفصائل جدية في الأوقات السابقة بإخراج المقاتلين، على غير موقفها الحاسم الآن لأسباب متعددة".
اقرأ أيضا: اشتعال الغوطة رغم الهدنة.. والفصائل تخرج تحرير الشام (وثيقة)
يذكر أن الفصائل في المنطقة المحاصرة من ريف دمشق، وهي "جيش الإسلام" و"فيلق الرحمن" و"حركة أحرار الشام"، أكدت في بيان، الثلاثاء، التزامها التام بإخراج مسلحي تنظيم هيئة تحرير الشام وجبهة النصرة والقاعدة، وكل من ينتمي لهم وذويهم من الغوطة الشرقية لمدينة دمشق خلال 15 يوما.
كيف حولت روسيا ملاجئ الغوطة إلى مقابر جماعية؟
باحث إسرائيلي يرجح حربا في سوريا بمشاركة روسية.. كيف؟
كيف دمر بشار الأسد الغوطة الشرقية تماما؟